مزاج الشارع وصدى الغضب.. تفاؤل حذر قبيل انتخابات العراق
على وقع مزاج شعبي مختلف، وصدى حراك غاضب، يستعد العراقيون لانتخابات مبكرة يبنون عليها الكثير من الآمال رغم المحاذير.
اقتراع تشريعي مقرر بالعراق ، الأحد المقبل، وصفه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ"التاريخي"، يتزامن مع متغيرات جذرية داخليا وإقليميا.
وتعتبر الانتخابات المقبلة أول ممارسة ديمقراطية تعتمد وسائل إلكترونية عالية الدقة تتكفل بإظهار النتائج الأولية بعد 24 ساعة على غلق صناديق الاقتراع، كما تحيطها مراقبة دولية لتقييم سلامة وسلاسة أدلاء الناخبين بأصواتهم.
الاقتراع يأتي أيضا وسط انحسار لتأثير إيران الذي كان طاغياً ومؤثراً طيلة الانتخابات الأربع الماضية التي تلت عام 2003، مقابل تقارب عربي خليجي متصاعد تكرس عبر اتفاقيات ومشاريع تعاون مشترك على مستويات عدة.
مزاج الشارع
ويقول المواطن العراقي أمجد عطوان، الذي أدلى بصوته بالانتخابات التشريعية الأربع الماضية، إن:"مزاج الشارع العراقي في 2021 يختلف كثيراً عن السنوات السابقة بعد أن هدأت أصوات الضجيج وبدأت قوى اللادولة بالتراجع".
ويضيف عطوان (42 عاما) لـ"العين الإخبارية"، أن "صدى تشرين الاحتجاجي (احتجاجات انطلقت في أكتوبر 2019) له الأثر الكبير في توعية الجماهير وتحصين رغباتها من الانجرار وراء المشاريع الطائفية والمذهبية التي كانت المساند الأكبر للقوى التقليدية في المشهد السياسي العراقي".
وقلب "حراك أكتوبر" الذي انطلق خريف 2019، الطاولة على نتائج انتخابات 2018 وما تمخض عنها حين أرغمت عادل عبد المهدي على تقديم استقالته في عامها الأول.
ودفعت الاحتجاجات الدامية التي سقط جراءها أكثر من 600 قتيل وآلاف الجرحى، البرلمان العراقي على تشريع قانون جديد للانتخابات يضمن فرصا متساوية للمرشحين ويقلل من سطوة الكتل الكبيرة على صناديق الاقتراع.
وبرزت شخصيات وأحزاب قريبة من الشارع الاحتجاجي أطلق عليها "قوى تشرين"، لتقرر لاحقا خوض الانتخابات التشريعية المبكرة التي جاءت استجابة لإرادة المتظاهرين.
آمال رغم المحاذير
الكثير من الأوساط تعقد الأمل على انتخابات الأحد، رغم المحاذير التي تحيط بالمشهد العراقي العام خشية تأثير سلاح الفصائل الموالية لإيران على حرية الناخب وتداعياتها على حرف مسار نتائج الانتخابات.
وأمس الإثنين، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خلال "المحاكاة"، الرابعة والأخيرة لأجهزة الاقتراع، الإيفاء بالعهود التي قطعها بخصوص الانتخابات بعد استكمال كافة الآليات والمتطلبات لتحقيق عملية ديمقراطية نزيهة.
ويتحدث الأكاديمي والمختص بشؤون الانتخابات، حسن هاشم، عن معطيات مختلفة طرأت على واقع الاقتراع لعام 2021، تدفع بانحسار عمليات التزوير وتمثيل إرادة الناخب على أكمل وجه.
وقال هاشم في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "التحديث في آليات الانتخاب مع تصاعد مفهوم الدولة وتعزيز قدرة المؤسسات يحيي آمال الكثير من العراقيين باعتماد صناديق الاقتراع طريقاً للتعبير عن تطلعاتهم ورغبتهم في التغيير نحو الأفضل".
ويتقارب مع ذلك الرأي ما ذهب إليه المحلل السياسي علي الكاتب، الذي يرى أن طقوس الانتخابات المبكرة تختلف كثيراً عن تجارب ما قبلها ما يبشر بنتائج يمكن التأسيس عليها مستقبلاً.
ويقول الكاتب، لـ"العين الإخبارية"، إن الانتخابات الأربع الماضية في العراق جاءت على وقع "أحداث وتعقيدات صناعية"، سعت من خلالها قوى إقليمية إلى تحريك الناخبين نحو مضامين طائفية ومذهبية، وهو ما يبدو ضعيفاً في 2021.
ويضيف أن "وصول الكاظمي لرئاسة الوزراء ساهم في تقديم الوطن والمصلحة العامة على مفردات التخندقات الدينية والإثنية، وبالتالي فإن "مثل هذه متغيرات تساعد الناخب العراقي على فرز المعسكرات الولائية من الوطنية خلال الوقوف أمام صناديق الاقتراع".
دعم أممي وتقارب عربي
الخبير نفسه لفت إلى أن "العراق حكومة وشعباً يسعى للاستفادة من أخطائه السابقة التي مكنت من وصول ثلة من الفاسدين ووضعهم اليد على مقدرات البلد".
وأشار إلى أن "الدعم الأممي لتلك الانتخابات والتواشج العربي الخليجي سيكون له دور كبير في إنجاح تلك الممارسة وتحصين إرادة الناخب من الوقوع مرة ثانية في فخ الخديعة".
وبلغت درجات تقارب العراق مع عواصم الخليج ذروتها خلال إدارة مصطفى الكاظمي للكابينة الحكومية التي ترأسها في مايو/أيار 2020، بعد تسجيل العشرات من الزيارات المتبادلة انتهت بانعقاد قمة بغداد للحوار الإقليمي.
وقطعت عودة العراق إلى الحاضنة العربية مؤخراً بعد أن ترجمت تلك المقاربات إلى استراتيجيات طويلة الأمد، الطريق أمام المشروع الإيراني ورغبته الجامحة في تحريك بغداد نحو نيران خصوم المرشد علي خامنئي.
وخلال الانتخابات الماضية 2018، كانت إرادة طهران حاضرة سواء في المرحلة التي سبقت الاقتراع أو ما بعدها، حين تدخلت بشكل غير مباشر بوصول عادل عبد المهدي إلى رئاسة الوزراء التي لم يصمد فيها أكثر من عام.
وشابت نتائج تلك الانتخابات التي سجلت حضوراً كبيراً لقوى "الحشد الشعبي"، حالات تزوير والتباس وما ترافق معها من ضياع آلاف الأصوات عقب سلسلة حرائق ضربت مراكز فرز في بغداد.