العراق "يشتعل" وسط إدانات دولية لقمع الاحتجاجات
المتظاهرون المحتشدون في ساحات الاعتصام ببغداد ومدن أخرى يعيدون نصب خيامهم بعدما أحرقها مسلحون، لمواصلة احتجاجاتهم.
أدان مندوبون من 16 دولة في العراق، الإثنين، استخدام قوات الأمن والجماعات المسلحة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين، وطالبوا بتحقيق في مقتل المئات منذ بدء الاحتجاجات أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
- العراق يبدأ تحقيقا لملاحقة مستهدفي السفارة الأمريكية بالصواريخ
- احتجاجات العراق.. 12 قتيلا و230 جريحا في بغداد وذي قار
ويأتي ذلك بعدما أعاد المتظاهرون المحتشدون في ساحات الاعتصام بالعاصمة ومدن بالجنوب، نصب خيامهم من جديد، بعدما أحرقها مسلحون، سعياً لمواصلة احتجاجاتهم.
ويسعى المعتصمون لمواصلة تظاهراتهم، بعدما هدد هجوم صاروخي على مقر السفارة الأمريكية في بغداد بإنهاء حراكهم الاحتجاجي، الذي يعد أكبر احتجاج شعبي يشهده العراق منذ عقود.
ويعد الهجوم، الذي أسفر عن إصابة شخص واحد، تطوراً خطيراً، لا سيما بعدما استهدف عدة منشآت عسكرية تؤوي عسكريين أمريكيين خلال الأشهر الأخيرة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الأخير، ولكن الأمريكيين طالما حمّلوا فصائل مسلحة تدعمها إيران المسؤولية عن استهداف الوجود العسكري الأمريكي بالعراق.
وجدد الهجوم المخاوف من احتمال انزلاق العراق في الصراع بين واشنطن وطهران، بعد أسابيع على مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري المصنف إرهابياً، وآخرين، في مطار بغداد الدولي.
استئناف المظاهرات
وفي الخلاني قرب ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد، اندلعت اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، استخدمت خلالها الغاز المسيل للدموع، لتفريق المحتجين ودفعهم إلى التقهقر.
وقال أحد المحتجين: "هذه الثورة سلمية، يطلقون علينا الذخيرة الحية والرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، وأصابت إحداهما وجهي".
وفي الديوانية، قتل شخص جراء إطلاق نار شرقي المحافظة، وقال مصدر أمني إن "شخصاً قُتل، مساء اليوم الإثنين، بطلق ناري في حي الزيتون شرقي بالديوانية".
وجاء ذلك مع تجدد مظاهرة في المحافظة؛ للمطالبة بالإسراع بالمصادقة على قانون الانتخابات، واختيار رئيس وزراء وانتخابات مبكرة.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أن المظاهرة انطلقت من جامعة المصطفى مروراً بوسط المدينة وصولاً لساحة الساعة مركز الاعتصامات بالمحافظة.
في الناصرية جنوبي العراق، قُتل متظاهر وأصيب 4 بالرصاص الحي خلال محاولة مسلحين اقتحام الساحة المركزية للاحتجاجات المناهضة للحكومة وإحراق خيام المتظاهرين، بحسب مصدر أمني.
وشهدت مدينة النجف هجوماً مماثلاً، قام خلاله مسلحون مجهولون بحرق خيام متظاهرين في ساحة الاحتجاج، وسط المدينة.
ويحاول المتظاهرون الذين بدأوا منذ أسبوع إغلاق شوارع وجسور وطرق رئيسية تربط المدن، تكثيف الضغوط على الحكومة، للقيام بإصلاحات، لكن ذلك قوبل باستخدام القوة من قوات مكافحة الشعب.
وأدت أعمال العنف، خلال الأسبوع الماضي، إلى مقتل 21 متظاهراً وإصابة المئات.
وقتل أكثر من 480 شخصاً خلال الاحتجاجات منذ انطلاقها بداية أكتوبر/تشرين الأول، بحسب حصيلة أعدتها لوكالة فرانس برس، استناداً لمصادر طبية وأمنية.
تحقيقات مستقلة
وحول استخدام الأمن للقوة المفرطة ضد المتظاهرين، قال مندوبون من 16 دولة بالعراق بينها فرنسا وبريطانيا وأمريكا "رغم تأكيدات الحكومة، تواصل قوات الأمن والجماعات المسلحة استخدام الذخيرة الحية في عدة أماكن من بينها (بغداد والناصرية والبصرة)، الأمر الذي يؤدي لسقوط ضحايا".
ودعا المندوبون، في بيان مشترك، الإثنين، العراق لاحترام حرية التجمع والحق في الاحتجاج السلمي، وناشدوا حكومة بغداد بضمان إجراء تحقيقات يعتد بها، وتطبيق المحاسبة عن مقتل أكثر من 500، وآلاف المصابين منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
انسحاب الصدر
وبدأت قوات الأمن منذ الجمعة، عقب إعلان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تخليه عن دعم الاحتجاجات حملة لفض الاحتجاجات في العديد من الساحات ببغداد وغيرها.
ودعم الصدر لفترة الاحتجاجات، ودعا الحكومة إلى الاستقالة، لكنه دعا لمظاهرة منفصلة للمطالبة بمغادرة القوات الأمريكية من العراق، بعد قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.
وتدفق الآلاف، الجمعة، إلى بغداد؛ للمشاركة في المظاهرة الرافضة للوجود الأمريكي، التي لم يحضرها الصدر، لكنه أشاد بالإقبال عليها.
لكن المشهد تغير، أمس الأحد، مع خروج آلاف المتظاهرين، غالبيتهم من طلبة المدارس والجامعات؛ للتعبير عن تمسكهم بالاحتجاج المطلبي.
واستؤنفت المظاهرات في بغداد، ومدن في الجنوب، وسيطر المحتجون على 3 جسور رئيسية في العاصمة، ويواصلون الاعتصام وإغلاق طرق في عدد من مدن الجنوب.
وردت الحكومة العراقية باستخدام العنف وإعلان بعض الإصلاحات، وأدان المجتمع الدولي العنف.
واندلعت المظاهرات في بغداد ومدن الجنوب في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ احتجاجاً على استشراء الفساد، وتفشي البطالة وتدني الخدمات العامة، وللمطالبة بالتخلص من نفوذ إيران.
ويطالب المحتجون أيضاً بإجراء انتخابات فورية، بعد تشكيل حكومة انتقالية ترأسها شخصية مستقلة لا تنتمي لأي من الأحزاب السياسية التي هيمنت على الحكم منذ الغزو الأمريكي في 2003، ومقاضاة الضالعين في الفساد والمسؤولين عن الاعتداءات التي تعرض لها المحتجون في الآونة الأخيرة.