نزع دستورية لجنة "أبو رغيف".. مليارات عراقية في مهب الريح
ينتظر العراق انبثاق الحكومة المقبلة لاستكمال ما شرعت فيه كابينة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في ملاحقة قوى اللادولة واسترجاع الأموال المنهوبة.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية لجنة مكافحة الفساد والجرائم المهمة التي شكلت قبل أكثر من عام ونصف لتعقيد المهمة الصعبة، بمثابة خطوة للوراء حسب مراقبين جعلت مليارات من الأموال المنهوبة في مهب الريح.
وأصدرت المحكمة الاتحادية، أمس الأربعاء، قرارها المرقم 169/اتحادية/2021 في 2/3/2022 بعدم صحة الأمر الديواني رقم (29) لسنة 2020 المتضمن تشكيل لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة وإلغاءه اعتباراً من تاريخ صدور الحكم لمخالفته لأحكام المادة (37 /اولاً/1 ) من الدستور التي تضمن حماية حرية الإنسان وكرامته.
ويطارد العراق أموالاً تقدر بأكثر من 350 مليار دولار، نهبت على طوال الـ18 عاماً، في مشاريع وهمية وعمليات هدر وفساد تتهم فيها أطراف وجهات حزبية متنفذة.
"لجنة أبو رغيف"
كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أقدم على تشكيل لجنة مكافحة الفساد وتعقب الجرائم، التي تهدد سيادة الدولة وأمنها القومي، بعد نحو 3 أشهر من تسمله المنصب الحكومي.
جاء ذلك التحرك، على وقع أوضاع مضطربة ورثها الكاظمي من الحكومات المتعاقبة تتقدمها ملفات الفساد الكبرى وتغول القوى المليشاوية في مفاصل الدولة.
وأسندت رئاسة تلك اللجنة التي ربطت مسؤوليتها بشكل مباشر بالكاظمي، إلى الفريق أول احمد أبو رغيف برفقة كبار الضباط الأمنيين وبعضوية قضاة ومحققين من النزاهة.
وتولى جهاز مكافحة الإرهاب تنفيذ الاوامر القضائية الصادرة بما يخص عمليات الاعتقال والملاحقة لمن ثبتت أدانتهم بملفات فساد وجرائم مهمة.
وشكل أحمد أبو رغيف حجر عثرة في طريق القوى الولائية لإيران منذ تسنمه المنصب، بعد القيام في عدة مهام أمنية تمثلت في اعتقال العديد من الرؤوس المهمة المتورطة بالمال العام وتهديد الدولة بالسلاح المنفلت.
وبدأ الخلاف يتصاعد شيئاً فشيئ بين القائد الأمني الفريق أول أبو رغيف ومن خلفه الكاظمي مع الفصائل المليشاوية وأغطيتها السياسية، عقب عملية أمنية أطاحت بالقيادي في الحشد الشعبي، قاسم مصلح، في مايو/آيار 2021.
ومثلت العملية حينها، تهديداً صريحاً لقوى اللادولة واقتراباً من مناطق وملفات ظلت مغلقة طوال الـ18 عاماً، جراء سطوة المليشيات وتغلغها في القرار السياسي والسيادي للبلاد.
تفاقم الغضب لدى القوى والفصائل المقربة من إيران إزاء "أبو رغيف"، عقب محاولة متظاهرين يتبعون لفصائل مسلحة باقتحام المنطقة الرئاسية ببغداد في ديسمبر/كانون الأول 2021، على خلفية التشكيك بنتائج الانتخابات التشريعية المبكرة.
جراء تلك الحادثة التي راح ضحيتها قتيلين اثنين وأكثر من 100 جريح، أقدمت عناصر مليشاوية على التهديد علانية بملاحقة القائد الأمني "أبو رغيف" والاقتصاص منه ثأراً لضحاياهم ، سبقها تظاهرات احرق فيها صوره برفقة مصطفى الكاظمي.
"يوم أسود"
المحلل السياسي، إحسان عبدالله، يقول لـ"العين الإخبارية"، إن "قرار حل لجنة مكافحة الفساد بمثابة يوم أسود في تاريخ العراق".
ويضيف عبدالله، أنه "العراق لم يشهد طوال تاريخه منذ عام 2003، محاولة جادة وحازمة في ملاحقة حيتان الفساد وتعقب أوكار العصابات المليشاوية مثل ما تحقق من خلال اللجنة التي شكلها الكاظمي".
ويؤكد عبدالله، ان "المحكمة الاتحادية وطبقاً لحزمة قرارات اتخذتها خلال الاشهر الثلاثة الماضي قد قوضت من حياديتها ونزاهة موقفها القضائي وكشفت وبشكل قاطع وجود أجندة سياسية في ميزان العدالة".
كان جهاز مكافحة الإرهاب علق في بيان رسمي، على قرار المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية لجنة مكافحة الفساد.
وأكد: "نحن مؤسسة رصينة ومهنية وقوية تتحرك بأوامر القائد العام للقوات المُسلحة والأوامر الصادرة من القضاء، بموجب القانون رقم (31) لسنة 2016، وأن ما وصل الجهاز إليه من سمعة عالمية بفضل تضحيات مُقاتليه جعلته يترفع عن الرد على بعض الجهات التي تحاول الانتقاص من عمله وبطولاته".
التداعيات المتوقعة
وبشان تداعيات حل اللجنة، يوضح الخبير القانوني علي التميمي، لـ"العين الإخبارية"، الأثار المترتبة على ذلك القرار.
ويوضح التميمي، أنه "وفق ما تقدم سيتم إحالة الملفات غير المكتملة إلى الجهات المختصة كالنزاهة ومحاكمة التحقيق والادعاء العام والجهات العسكرية وحسب الاختصاص ".
ولفت إلى ان "الجهات الرقابية على هذا الموضوع والتي ستحقق في الخروقات هي الادعاء العام والبرلمان ومحاكم التحقيق".
ويستدرك بالقول: "للمتضررين اللجوء إلى القضاء والمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي عما نشأ من مخالفات وفق مبدأ ما بني على باطل هو باطل في محاكم التحقيق والبداءة وممكن ان تطبق المواد ٣٣٣ و٤٢١ من قانون العقوبات العراقي المتعلقة بحجز الأشخاص دون امر قضائي اذا تحقق والخطف لان التوقيف ليس في المكان المخصص".