جمر تحت الرماد في العراق .. هل يتجدد "بركان" الاحتجاجات؟
ضبابية بأفق العراق ترسم شبح انفجار قد تراكم إحداثياته غيوم تحولت بمرور الوقت لغليان ينذر بتسونامي غضب اختبرته البلاد قبل 3 سنوات.
فمع مرور نحو 4 شهور على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد السوداني، تتجمع الكثير من الظروف والأسباب التي من شأنها الذهاب بالعراق نحو احتمالات قلقة قد تعيد في واحدة منها إلى مشهد الاحتجاجات العارمة.
متغيرات عديدة تتقاطع وتتكاثف بالمشهد العراقي بما يرسم مسارات متشابكة ومعقدة في قادم الشهور من عمر الحكومة الحالية في حال استمرار الأحداث على ذات الوتيرة والمعالجات التي باتت غير مقنعة للشارع.
تحديات وانتظارات
سبق أن تعهد السوداني الذي جاء إلى الحكم بعملية قيصرية شديدة الخطورة عقب أزمة سياسية معقدة استمرت لنحو عام، بإجراء إصلاحات جذرية على مستويات متعددة، بينها ما يشمل استراتيجيات آنية وأخرى متوسطة وبعيدة المدى.
وتقدم الجانب الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي بقية الوعود الحكومية في بلد ترتفع فيه معدلات الفقر في خط عكسي مع تدفق النفط الخام المصدر، وينطبق ذلك مع معدلات البطالة وسوء الأداء المؤسساتي على وقع الفساد واستنزاف الثروات العامة.
وينتظر المواطن العراقي من كابينة السوداني شطب الكثير من الأخطاء والمخلفات التي جاءت بها الحكومات السابقة من ضياع للفرص وانعدام التخطيط وعدم الوصول إلى الاستقرار الكامل الذي تقوم عليه عمليات التنمية والبناءات الاقتصادية والسياسية.
ومع أن السوداني استطاع، خلال عمر حكومته المنقضي حتى الآن، أن يحظى بنوع من الرضا الشعبي وخصوصاً بعد نجاح تنظيم بطولة "خليجي 25"، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لمنع الاستياء والغضب الذي بدأ يتسع تدريجيا خصوصاً مع مساعي تغيير قانون الانتخابات والعودة إلى ما كان عليه قبل احتجاجات خريف 2019.
في غضون ذلك، يدفع "الإطار التنسيقي" الذي ينحدر منه السوداني إلى تقديم مشروع قانون جديد للانتخابات يتعارض مع المبادئ الجوهرية التي بني عليها التشريع السابق بالرجوع إلى نظام الدائرة الانتخابية الواحدة واعتماد نظام "سانت ليغو" في احتساب الأصوات.
وما تقدم يشكل خطاً أحمر لمكتسبات احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019 التي تحققت بدماء مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ومع كل ذلك، تلقي أزمة "الدولار" بظلالها، حيث تسبب تهاوي قيم صرف الدينار العراقي بموجة غلاء كبيرة في الأسواق المحلية وحالة من التخبط فاقمت معاناة محدودي الدخول والطبقات الفقيرة.
برميل بارود
منقذ داغر، عضو معهد "غالوب" الدولي ورئيس المجموعة المستقلة للبحوث، يرى أنه "من الصعب التنبؤ في عالم السياسة كونها خاضعة للمتغيرات وآنية الأحداث، إلا أن الأوضاع في العراق تسير نحو آفق غير يسير وغارق في جملة من التوقعات الصعبة والمتشابكة طبقاً لمؤشرات الحاضر وتراكمات الماضي القريب".
ويقول داغر لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك بعض السلوكيات التي يتخذها السوداني في إدارة مقاليد البلاد تبعث على شيء من الطمأنينة والتسكين للشارع وبعض القوى المعارضة لما يجري على الأرض، ولكن لا يمكن المراهنة على المعالجات الطارئة والمبتورة في إبعاد البلاد من حتمية التعقيد والتأزم".
ويضيف أن "هنالك أزمات متراكمة بدأت تفرض تداعياتها على المشهد العراقي، منها ما يتعلق بانهيار قيمة الدينار والخلاف الراهن بين بغداد وأربيل بشأن عائدات النفط المصدر من الإقليم، وكذلك الإصرار على شطب إرادة الجماهير من قانون الانتخابات وتغيير قواعده في المشروع المقدم على طاولة البرلمان".
ويزيد بالقول إن "العراق بات أشبه ببرميل بارود ولكن التوقيت غير معلوم متى وأين سينفجر".
وصفة إنقاذ
بحسب داغر، فإن "السوداني الآن إذا ما أراد تأجيل الانفجار عليه أن يكافح في مجال الفساد عبر الإطاحة بالرؤوس الكبيرة وعرضها أمام منصات القضاء بغض النظر عن مواقعهم وأوزانهم السياسية".
من جانبه، يقول أكاديمي عراقي مختص بالشأن السياسي إن "الأوضاع تسير نحو التصعيد والتأزم وخصوصاً أن المواطن العراقي بدأ يتلمس وبشكل لايقبل الشك أن الصلاح والإصلاح لا يمكن أن يتحققا في ظل حكومة ممسوكة من قبل قوى الإطار التنسيقي"، المظلة السياسية للقوى المقربة من إيران.
ويضيف الأكاديمي لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم نشر هويته، أن "الحكومة الحالية ولدت على أنها الفرصة الأخيرة لإنقاذ العملية السياسية برمتها من أخطائها الفادحة التي خلفتها ما بعد 2003".
وخلص إلى أن "الأمر بات، بالتالي، غير قابل للمغامرة، كما أن الشعب يبدي وعيا أكبر وتجربة أكثر ثراء في قراءة الآفاق من الخطوات الأولى".
aXA6IDMuMTM4LjEyMS43OSA= جزيرة ام اند امز