أكراد العراق ونذر أزمة.. أول اختبار سياسي لحكومة السوداني
بعد أكثر من عام من الجمود السياسي، ربما يواجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أزمة جديدة منهكة مع الأكراد.
هذا الأمر يخاطر بتقويض جهوده لتحديد السياسات وضبط ميزانية الدولة المطلوبة بشدة.
وتمت الموافقة على حكومة السوداني في أكتوبر/ تشرين الأول وتعهد بعد ذلك بإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة المتداعية ومكافحة الفقر والبطالة وهي أهداف ليست بالسهلة في دولة تتوق للاستقرار وتوفر السيولة منذ غزو قادته الولايات المتحدة في 2003.
ودون دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني القوي الذي ساعده في الوصول للسلطة وله 31 مقعدا في البرلمان سيجد السوداني أن من العسير الدفع بأجندته قدما.
ويمكن لتوتر علاقات الحكومة المركزية مع الأكراد، وهم جزء أساسي من المشهد السياسي العراقي منذ الإطاحة بصدام حسين في 2003، أن يقوض جهود السوداني بعد فترة طويلة من الشلل في مجريات الأمور بالدولة.
وبحسب نائبين عراقيين ومسؤول حكومي كردي فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد يسحب دعمه للحكومة الاتحادية إذا أخفق السوداني في الوفاء بتعهداته بحل نزاعات قائمة منذ فترة طويلة بين أربيل وبغداد.
ومن شأن ذلك أن يتركه في موقف صعب فيما يتعلق بتمرير مشروعات القوانين في البرلمان وتفعيل الإصلاحات.
وقبل أن يشكل السوداني حكومته، أبرم اتفاقا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على الإدارة في أربيل عاصمة كردستان العراق الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال البلاد.
وذكر ثلاثة مسؤولين أكراد أن الاتفاق شمل إنهاء نزاع قائم منذ فترة طويلة بشأن نقل الميزانية لأربيل وتقاسم عائدات النفط بين الحكومة المركزية وكردستان.
وبموجب الدستور العراقي، يحق لكردستان أن يكون لها قسم من ميزانية البلاد لكن ذلك الترتيب انهار في 2014 عندما بدأ الأكراد بيع النفط الخام من كردستان بشكل مستقل.
وفي 2017، استعادت القوات العراقية السيطرة على مناطق متنازع عليها بينها مدينة كركوك النفطية، واستأنفت بغداد دفع بعض مخصصات الميزانية لكن الأمر كان يحدث بشكل متقطع.
ووفقا لأحد المسؤولين الأكراد فقد أوضح الحزب الديمقراطي الكردستاني أنه سيسحب دعمه للسوداني إذا لم يلتزم بتعهداته.
الجمود السياسي
وتولى السوداني السلطة بعد أكثر من عام من الجمود السياسي، إذ منعت خلافات داخلية في جماعات شيعية وكردية تشكيل الحكومة مما عرقل جهود إعادة إعمار البلاد التي تعاني بسبب صراع مستمر منذ عقود.
وتسببت حالة الشلل تلك في ترك البلاد دون ميزانية لعام 2022 مما حجب الإنفاق على مشروعات بنية تحتية وإصلاح اقتصادي يحتاجها العراق بشدة، كما حُرمت السلطات الكردية من الإيرادات المطلوبة للدفع لشركات النفط الدولية ولرواتب الآلاف من العاملين في كردستان.
وقال مسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد تشكيل الحكومة العام الماضي إن الأكراد أرادوا إنهاء حالة الجمود ولذلك دعموا حكومة السوداني لكن إن أخفق الجانب الآخر في تقديم المطلوب منه فسيسحبون هذا الدعم.
وقال شوان طه المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني "هناك بعض القوى السياسية التي تحاول كسر إرادتنا ونحن نرفض ذلك ولن نسمح به".
سياسة العصا والجزرة
في يناير/ كانون الثاني قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بأن أوامر حكومة بغداد بتحويل أموال إلى حكومة إقليم كردستان لدفع رواتب عامي 2021 و2022 غير قانونية لأنها تنتهك قانون الموازنة العراقي.
وقال مسعود برزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم إن "من المثير للاستغراب، أنه كلما سادت أجواء إيجابية بين الإقليم وبغداد وسَنحت الفرصة لمعالجة المشكلات، فإن المحكمة الاتحادية تقوم فورا بزعزعة هذه الفرصة وتجهض الفرصة بإصدار قرار عدائي وباتت سببا لتعقيد الخلافات، ويبدو أنها تنفذ أجندة مشبوهة وتحل محل محكمة الثورة في النظام السابق".
وقال جوتيار عادل المتحدث باسم حكومة كردستان إن المحكمة "ذات الدوافع السياسية" تحاول إفساد الاتفاق بين أربيل وبغداد.
وزار وفد من حكومة إقليم كردستان بغداد الإثنين الماضي لمناقشة الميزانية وكذلك قوانين الهيدروكربون، وقال مصدر مطلع على الاجتماعات إنه لا يزال هناك تباعد كبير بين أربيل وبغداد بشأن قانون الهيدروكربون.
وقال مستشار تحدث شريطة عدم كشف هويته، إن السوداني كلف الفريق القانوني في مجلس الوزراء بإيجاد حل للسماح بتحويلات الرواتب دون انتهاك حكم المحكمة.
ويعتبر سياسيون آخرون في معسكر السوداني في بغداد التصعيد مع الأكراد عبر استخدام مثل هذه الأحكام القضائية تكتيكا سياسيا ضروريا لمنحه موقفا تفاوضيا أقوى، بحسب أعضاء في مجلس النواب.
لكن عادل المتحدث باسم حكومة كردستان لا يزال يأمل في التوصل إلى حل وسط. وقال إن وفد حكومة الإقليم سيزور بغداد مرة أخرى يوم الأحد، ونفى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يهدد بسحب دعمه للحكومة في بغداد.
وقال إن هناك عقبات في طريق التوصل لاتفاق مع بغداد، لكن هناك نية جادة وحقيقية للتوصل إلى اتفاق من جانب حكومة اقليم كردستان وإن حكومة الإقليم تشعر بجدية السوداني أيضا في مساعي حل تلك العقبات.
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA= جزيرة ام اند امز