محافظات جنوب العراق تنتفض بوجه المليشيات والأحزاب التابعة لإيران
المتظاهرون أحرقوا مقرات حزب الدعوة الحاكم التابع لإيران والأحزاب الأخرى ومقرات المليشيات الإيرانية.
بعد نحو 10 أيام من التظاهرات والاحتجاجات المدنية في محافظة البصرة جنوب العراق، اتسعت حركة الاحتجاجات لتشمل محافظات عراقية عدة من ضمنها مدينة بغداد، بينما استقبلت المليشيات التابعة لإيران المحتجين بالرصاص الحي الذي تسبب في إصابة أكثر من 20 مدنيا.
وأحرق المتظاهرون مقرات حزب الدعوة الحاكم التابع لإيران والأحزاب الأخرى ومقرات المليشيات الإيرانية، وقطعوا الطرق والجسور واقتحموا مطار النجف الدولي وأوقفوا حركة الملاحة الجوية، أمس الجمعة، إضافة إلى اقتحام مباني الحكومة المحلية في محافظات البصرة وميسان وذيقار وواسط والنجف وبابل، أما في بغداد فشهدت مدينة الصدر ومنطقة الشعلة مظاهرات مماثلة في ظل أجواء أمنية تمثلت في انتشار مكثف لعناصر القوات الأمنية العراقية ومسلحي المليشيات.
وعدَّ أحمد الحلو، أحد قادة الاحتجاجات في النجف، المظاهرات الشعبية في المحافظات الجنوبية من العراق ثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد والنفوذ الإيراني في العراق، ووصفها بثورة "العشرين الثانية".
وأشار الحلو إلى أن جماهير مدينة النجف توجهت إلى مقرات الأحزاب جميعها كحزب الدعوة وحزب المؤتمر الوطني العراقي وتيار الحكمة وكل الأحزاب والمليشيات الموجودة في المدينة واشعلت فيها النيران؛ لأن هذه الأحزاب والمليشيات هي التي حرمت المواطن العراقي خلال الأعوام الماضية من حقوقه في ثروات بلاده.
وتابع الحلو أن مليشيا العصائب التابعة لإيران استخدمت الرصاص الحي ضد المتظاهرين الأمر الذي تسبب في إصابة نحو 11 شخصا بجروح، إصابة اثنين منهم خطيرة.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن "ثورتنا مستمرة إلى أن تصل شرارتها الكبيرة إلى بغداد"، مشيرا إلى أن مليشيا العصائب اعتقلت نحو 6 متظاهرين، بينما أصدرت القوات الأمنية العراقية مذكرات اعتقال بحق قادة المظاهرات والناشطين في المحافظات الجنوبية، مؤكدا أن المتظاهرين لا يستهدفون القوات الأمنية والمؤسسات الحكومية العراقية، ودعا القوات الأمنية إلى الانضمام إلى صفوف الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة.
وتواصل الحكومة العراقية إرسال التعزيزات العسكرية إلى المحافظات الجنوبية منذ يومين، لإخماد التظاهرات، بينما ذكر شهود عيان أن مسؤولي الأحزاب والمليشيات المسلحة غادروا المدن التي تشهد التظاهرات، وتوجهت قوات الرد السريع ومكافحة الإرهاب وقطاعات من الجيش العراقي والمليشيات إلى البصرة وميسان وبابل والنجف وذيقار وواسط، وفرضت حظر التجوال داخل النجف لعدة ساعات فجر اليوم، وألغتها مع حلول الصباح.
وأعلن سعد الحديثي المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي أن الحكومة لديها معلومات عن وجود من وصفهم "بالمندسين"، في الاحتجاجات الغاضبة بسبب سوء الأوضاع المعيشية، للقيام بأعمال عنف خلال تلك التظاهرات.. وقال الحديثي، في تصريحات إعلامية اليوم السبت، إن قوات الأمن في حالة تأهب قصوى لحماية الممتلكات العامة والخاصة.
وتخلو المدن الجنوبية من التظاهرات خلال ساعات الصباح والظهيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتنطلق يوميا بعد الساعة الرابعة عصرا بتوقيت مدينة بغداد، وخلال فترات الصباح يتجمع المتظاهرون داخل خيم نصبوها أمام مباني الحكومات المحلية في محافظاتهم وهم يرفعون شعارات تطالب بالإصلاح وإنهاء دور المليشيات التابعة لإيران، وتوزيع الثروات على الشعب وتوفير الخدمات الرئيسية والقضاء على الفساد ومحاكمة الفاسدين، وتشكيل حكومة عراقية وطنية تعيد العراق إلى مكانته الوطنية عربيا وإقليميا ودوليا.
وأوضح الناشط المدني، أحمد الموسوي، أحد ناشطي مدينة البصر، أن مدينته تحشد لتظاهرات واسعة ستنطلق غدا الأحد، وأردف لـ"العين الإخبارية" قائلا إن "الشارع العراقي غاضب، ويترقب ما ستؤول إليه الأحداث"، مشيرا إلى أن المتظاهرين حاولوا أمس اقتحام مقر مليشيا العصائب في البصرة لكن مسلحيها واجهوا المتظاهرين بإطلاق النار بشكل عشوائي فوقعت عدة إصابات في صفوف المواطنين.
ورغم زيارته إلى مدينة البصرة أمس ولقائه بعض شيوخ العشائر، فإن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي فشل في امتصاص غضب المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقر إقامته في فندق شيراتون البصرة فاضطر إلى مغادرة الفندق من الباب الخلفي وعاد إلى بغداد.
وبين الموسوي أن "المتظاهرين متمسكون بمطالباتهم، وحيدر العبادي لم يقدم حلولا جذرية، ووعوده كانت أحلاما وردية أثارت غضب الشارع البصري".
وقطعت الحكومة العراقية شبكات الإنترنت في عموم محافظات الجنوبية، وفرضت رقابة شديدة على الاتصالات وحركة التنقل بين المدن، للحول دون تواصل الناشطين معا ومنع نشر الأخبار، وقال الناشط المدني تحسين الزركاني لـ"العين الإخبارية": "ابتكرنا طرقا للتواصل فيما بيننا كناشطين ومتظاهرين، خصوصا عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، لكننا قلقون، ونخشى من منع الإنترنت كليا الأمر الذي سيقطع أوصال التواصل فيما بيننا".
وتزامنا مع تظاهرات البصرة، قال الناشط المدني، مرتضى كامل، أحد الناشطين في محافظة بابل، إن المتظاهرين سيطروا على كل الطرق والجسور في المدينة، كاشفا لـ"العين الإخبارية" عن أن "الليلة ستكون محافظة بابل تحت سيطرة المتظاهرين"، مستطردا أن عديدا من المتظاهرين أصيبوا فجر اليوم إثر تعرضهم للضرب من قبل قوات مكافحة الشغب ومسلحي المليشيات الذين استخدموا الرصاص الحي وأصابوا عددا من المتظاهرين بجروح.
من جانبه نفى الناشط البصري، جعفر العطواني أحد ناشطي التظاهرات، التهم الموجهة إليه من قبل الحكومة العراقية والمليشيات بانتمائه لحزب البعث.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "أنا حاليا في خطر وأختبئ من المليشيات التي تطاردني وتريد قتلي، أتمنى أن يتدخل المجتمع الدولي وينقذ العراقيين من هذه المليشيات الإيرانية التي خسفت بنا الأرض".
ويطالب متظاهرو جنوب العراق الحكومة العراقية بتوفير الخدمات الرئيسية لهم ومعالجة مشكلة الملوحة في مياه شط العرب، التي ارتفعت بشكل ملحوظ إثر صب النظام الإيراني لمبازله فيه، وتوفير فرص عمل للمواطنين، وضبط الأمن وإنهاء المليشيات والنفوذ الإيراني في العراق، وتوزيع ثروات العراق على مواطنيه ومطالبات أخرى، لكن الناشطين من سكان هذه المحافظات يؤكدون أن الحكومة العراقية لم تتخذ بعد أي خطوات فعلية للاستجابة لمطالبهم.
aXA6IDE4LjIyMC45Ny4xNjEg جزيرة ام اند امز