مع قرب إعلان نتائج الانتخابات.. تساؤلات حول رد فعل مليشيات بالعراق
مع اقتراب موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية بالعراق، تصر القوى الخاسرة على ركوب موجة "التزوير" وكيل الاتهامات.
ومع كل إعلان عن تطابق عمليات العد والفرز اليدوي مع النتائج الإلكترونية التي تفصح عنها المفوضية بين حين وآخر، ترفع الأحزاب الولائية المتراجعة في اقتراع أكتوبر، من حدة الوعيد وخلط الأوراق.
وتتمسك تلك الكيانات التي أغلبها ينضوي تحت ما يسمى بالإطار التنسيقي الشيعي، بادعائها أن "أصوات" جمهورها قد سرقت وتم التلاعب بـ"السيرفرات" الخاصة بنتائج الفرز والعد الإلكتروني.
وشهدت الانتخابات التشريعية الخامسة في تاريخ العراق السياسي ما بعد 2003، اعتماد تقنيات إلكترونية وآليات تكنولوجية من شأنها الاستغناء عن العمليات اليدوية في حساب الأصوات وضمان إعلانها خلال 24 ساعة من توقيت غلق الصناديق.
إلا أن ذلك التطور التقني قد عاد على الكثير من الأحزاب والشخصيات البارزة في المشهد السياسي العراقي بالتراجع والخسائر الكبيرة حتى طال بعضها الإفلاس الانتخابي.
وجاءت نتائج الانتخابات التشريعية العراقية، التي جاءت قبل موعدها التشريعي بنحو 8 أشهر، صادمة لقوى وأحزاب تمتلك نفوذا سياسياً كبيراً منذ 18 عاماً، مما قدح فرص التغيير في كسر المعادلات التي حكمت البلاد طيلة تلك السنين.
ورغم الـ1600 طعن في محطات الاقتراع التي تسلمتها مفوضية الانتخابات، إلا أن أغلب المراكز التي فتحت صناديقها وأعيد فرزها يدويا جاءت مطابقة للنتائج المعلنة.
وكانت قوى الإطار التنسيقي أعلنت عن رفضها لنتائج الانتخابات بعد ساعات على إعلانها بذريعة التزوير ومصادرة الأصوات لصالح جهات معينة.
وصعدت من موقفها بتحريك أنصارها نحو احتجاجات عنيفة انتهت بتطويق المنطقة الرئاسة المحصنة ببغداد والتهديد باقتحامها.
وأفرزت الانتخابات فوزاً كاسحاً للكتلة الصدرية التي يترأسها مقتدى الصدر بـ73 مقعداً، مبتعداً عن أقرب منافسيه من القوى الشيعية والسنية بمقدار النصف.
وشكل فوز التيار الصدري الذي يشكل الغريم المشاكس للقوى الشيعية المقربة من إيران، مثار جدل ورفض بين الأحزاب التي باتت تخشى من عمليات "تصفية الحسابات"، في حال خروجها من أطراف تشكيل الحكومة المقبلة.
المحلل السياسي العراقي نجم القصاب، قال إن "ورقة الطعون والتشكيك بمصداقية النتائج من قبل القوى الشيعية الخاسرة، جاءت للضغط على صناع القرار السياسي بغية الدخول مع الفائز الأكبر في تقاسم رداء الكابينة الحكومية المنبثقة من اقتراع أكتوبر".
ويضيف القصاب، خلال حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الأطراف الشيعية الخاسرة تخشى من تداعيات تراجعها على مستوى المشاركة في الحكومة المقبلة محذراً أن تفتح ملفات فساد وقتل ربما كانت طرفاً فيها".
وكان رئيس التيار الصدري، مقتدى الصدر، عبر عن امتعاضه في أكثر من موقف من "تدخلات إقليمية"، للتأثير على تغير النتائج لصالح أطراف خاسرة، مهدداً بمقاضاتها دولياً وقطع التواصل الدبلوماسي والاقتصادي معها في حال ثنيت له الوسادة في تشكيل الحكومة المقبلة.
وقبل يومين، أفصح الصدر عن إمكانية الذهاب إلى الحكومة المقبلة بـ"أغلبية وطنية"، مرجحاً في الوقت ذاته اختيار دور "المعارضة البرلمانية"، إذا ما اقتضى الأمر.
وبذلك الشأن يقول القصاب إن "تشكيل حكومة تشترك فيها جميع الأطراف ذات الحظوظ الكبيرة والضعيفة يعد مصادرة لاستحقاقات صناديق الديمقراطية"، متسائلاً "لماذا بذلت الأموال وجيشت الفرق لإجراء انتخابات إذا كانت آخرها الجميع فائزاً؟".
من جانبه، يرى رئيس مركز "تفكير" السياسي بالعراق إحسان الشمري، أنه "من المرجح أن تلجأ الأحزاب الخاسرة والمقربة من إيران تحديداً إلى استعراض قوتها وإعلاء بنادقها بغية الضغط على جميع الأطراف المؤثرة للالتحاق بالمركب الحكومي وفق استحقاقات أكبر من أوزانهم الانتخابية".
وخلال الـ10 أيام الماضية، شهد العراق تطورات أمنية وصفت بالخطيرة والقلقة، وخصوصا ما جرى في قضاء المقدادية بمحافظة ديالى من هجمات دامية تسببت بمقتل نحو 15 مدني وجرح 20 آخرين.
وبعد تراجع للهجمات التي تستهدف المنطقة الرئاسية ببغداد، عادت تلك الاستهدافات بسقوط 4 صواريخ كاتيوشا عند مناطق متفرقة قريبة منها، سبقها بنحو 3 أيام العثور على منصة لإطلاق الصواريخ كانت معدة للإطلاق.
وغالباً ما تتبنى مليشيات مسلحة مقربة من إيران لها أجنحة سياسية في العراق، مثل تلك العمليات التي غالباً ما تنفذ عبر الصواريخ والعبوات الناسفة.
ويؤكد الشمري في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تلك القوى الشيعية وعبر التلويح بالتأجيج والضجيج مخاطبة التيار الصدري وبقية من قوة مؤثرة في دخول معادلة تشكيل الحكومة التي ستنبثق عن الجلسة الأولى للبرلمان القادم".
وشهدت الانتخابات التشريعية المبكرة العراقية، حضوراً دولياً وأممياً واسع النطاق، صادق من خلاله على نزاهة الإجراءات وصدق النتائج المعلنة.