انتخابات العراق.. هل تعود "الأحزاب الكبرى" بثوب "المستقلين"؟
سرت الانتخابات في العراق قدماً نحو إجرائها في الموعد المحدد، خلاف حسابات أحزاب كبرى أعلنت انسحابها من الاستحقاق في وقت سابق.
لكن وبعد أن أصبح الأمر واقعا، وأزف يوم الاقتراع المقرر في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأت تتكشف استراتيجية تلك الأحزاب؛ مع بروز تمثيلها بين قوائم المرشحين "المستقلين"، وفق ما هو معلن في ملفات الترشح.
فمن بين أكثر من من 3240 مرشحاً، قدّم كثر أنفسهم على أنهم "مستقلون" عبر حملات انتخابية انطلقت في مطلع شهر يوليو/تموز الماضي؛ لكن العديد من العراقيين يشككون في تخلّي هؤلاء فعلا عن انتماءاتهم السياسية الأصلية.
وفي ظل التنافس الحاد بين الأطراف السياسية لا سيما الكتل البرلمانية الكبيرة داخل البرلمان الحالي، خصوصاً تحالف "سائرون" الذي يمثل التيار الصدري وتحالف "الفتح" الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي، يسعى الزعماء السياسيون إلى الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان البالغة 329.
وتشكّل هذه الانتخابات التي كان موعدها الطبيعي العام المقبل، واحدةً من التنازلات القليلة التي قدّمتها السلطة إلى الشارع إثر الموجة الاحتجاجية غير المسبوقة في العام 2019 التي خرجت ضدّ الفساد وهدر المال العام، وطالب مشاركون بها بإسقاط النظام كاملاً.
ويسيطر اليأس والإحباط على العراقيين الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية التي قوبلت بحملة قمع دامية خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى، ما يعني أن العديد منهم قد يقاطعون الانتخابات، الخامسة منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003.
وتجرى الانتخابات وفقاً لقانون انتخابي جديد قائم على نظام دائرة الفرد الواحد، فيما رفع عدد الدوائر إلى 83 وقلّص حجمها بما يزيد من حظوظ مرشحين ذوي شعبية محلية كشيوخ العشائر.
مناورة سياسية
يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "لجوء المرشحين لمصطلح شخصيات مستقلة يهدف إلى نأي أنفسهم عن إخفاقات أحزابهم، وهم يحاولون بذلك تقديم صورة جديدة عنهم غير مسؤولة عن الفساد وسوء الإدارة"، واصفا التصرف بـ"مناورة سياسية".
يرجح بعض المراقبين أن تواجه الانتخابات المرتقبة مقاطعة واسعة من الناخبين الذين يقدر عددهم بـ25 مليونا، ما قد يصبّ في صالح الأحزاب السياسية الكبيرة.
وتبدو ظاهرة المرشحين "المستقلين" الذين لديهم تبعية حزبية سابقة واسعة الانتشار وتشمل أطرافا وكتلا سياسية مختلفة، مثل التيار الصدري بزعامة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، والقائمة الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وتحالف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وكانت مثلاً إيناس المكصوصي، المرشحة في مدينة الكوت في وسط البلاد، مرشحة مع التيار الصدري في الانتخابات الأخيرة.
وتقول لـ"فرانس برس": "كنت عضواً مستقلاً في التيار الصدري وأرشح اليوم كمستقلة"، من دون أن تستبعد انضمامها لكتلة سياسية عند دخولها البرلمان المقبل، "إذا كان هناك توافق رؤية مع تيارات سياسية أو نواب بما يخدم جمهورنا".
لاعبو تشكيل الحكومة
تجري العادة قبل وبعد كل انتخابات في العراق أن تخوض الكيانات السياسية مفاوضات متواصلة بهدف تشكيل التحالفات النهائية عند دخول البرلمان والتي قد تتغير في اللحظة الأخيرة. ولحجم التحالفات السياسية النهائية وتشكيلاتها أهمية تتخطى الفوز، كونها ترسم الشكل النهائي للاعبين الأبرز في تشكيل الحكومة.
وفي نظام سياسي تهيمن عليه الزبائنية، ستجد الأحزاب الكبيرة والتقليدية العديد من الوسائل لاستقطاب المستقلين.
ويرى الشمري أن "لدى القوى والأحزاب التقليدية قدرة على المناورة لاستقطاب المستقلين"، مضيفا: "لا أستبعد لجوء جزء من المستقلين إلى الأحزاب الكبيرة في البرلمان"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "بقاءهم بدون أي تحالف لن يمكنهم من تنفيذ برامجهم"، ووعودهم للناخبين.
ويقول إن الأحزاب الكبرى ستلجأ إلى "عمليات الترغيب من خلال وعودها لهؤلاء المستقلين بوزارات ومناصب وأموال".
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA=
جزيرة ام اند امز