انسحابات تثير "شهية" التأجيل .. الانتخابات العراقية بانتظار أكتوبر
تدخل مواقيت إجراءات الانتخابات التشريعية في العراق المزمع عقدها في أكتوبر المقبل، المزيد من دوائر التشكيك حول إمكانية تحقيقها في
موعدها المفترض.
مقاطعة التيار الصدري وقراره الذي جاء على لسان رئيسه مقتدى الصدر، الأسبوع الماضي، كان صادما لمؤيديه وللكثير من القوى السياسية التي رأت في ذلك التحرك جرعة منشطة لبعض الأحزاب المتنافسة على مغادرة المشهد الانتخابي مبكراً.
وطفت على السطح في الماضي القريب، إرادات غير معلنة لقوى وكيانات سياسية تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة تحت دوافع وأسباب خفية وأخرى ظاهرة بينها تراجع شعبيتها وتفشي السلاح المنفلت وملاحقة ناشطي الحركات الاحتجاجية.
وأمس، التحق حليف التيار الصدري في انتخابات 2018، الحزب الشيوعي بمركب المقاطعين لاقتراع أكتوبر ، بذريعة المحاصصة السياسية التي لا تزال تشكل العمود الفقري لتشكيل الحكومات في العراق ما بعد 2003.
ودعا الحزب الشيوعي، في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة بغداد، أمس السبت، إلى مقاطعة الانتخابات من أجل "تغيير المسار السياسي بالقطيعة مع نهج المحاصصة والطائفية السياسية الذي قامت عليه العملية السياسية المأزومة، وتحقيق الديمقراطية التي يهددها من يلجأون إلى المال السياسي والسلاح المنفلت والتزوير وإشاعة ثقافة الفساد".
وأضاف الحزب أن "الانتخابات المبكرة كانت مطلباً أساسياً لانتفاضة تشرين (أكتوبر) والغرض منها فتح باب التغيير وليس إعادة المنظومة الحاكمة المسؤولة عن الأزمات، وعندما قدمنا مرشحينا ذكرنا أن المشاركة مشروطة بمجموعة من الشروط".
الأجواء غير مناسبة
من جهته يقول سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، إن "الغاية من انسحابنا ليست تأجيل الانتخابات وإنما الأجواء غير مناسبة لإجرائها في ظل وجود السلاح المنفلت وعدم تحقيق أي مطلب من المطالب التي نادت بها ثورة تشرين".
ويضيف فهمي، خلال تصريح لـ"العين الإخبارية" أنه "في حال أجريت الانتخابات في ظل الظروف الحالية فلن تثمر عن نتيجة فعلية أو تغيير ملموس في الواقع السياسي".
وتباينت ردود المواقف بشان تأثير ذلك الانسحاب وخشية اتخاذ قوى وكيانات سياسية مواقف متشابهة في الأيام المقبلة.
وكان نحو 17 كياناً ضمن مظلة ما يعرف بـ"قوى تشرين"، المنبثقة من ساحات التظاهر ، أعلنت في مايو/أيار، الماضي مقاطعة الانتخابات التشريعية، احتجاجا على اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء واستمرار تلك العمليات التي تطارد رموز أكتوبر.
وتأتي الانتخابات التشريعية المبكرة، استجابة مطالب احتجاجية واسعة اجتاحت أغلب مدن العراق في أواخر عام 2019، سقط جراءها أكثر من 600 شخص وأصيب الآلاف الآخرون.
يرى رئيس التفكير السياسي، الأكاديمي، إحسان الشمري، أن "قرار انسحاب الحزب الشيوعي يأتي ضمن إطار تلك القناعة التي باتت تترسخ بشكل أكبر بأن هذه الانتخابات لا يمكن أن تأتي بمعادلة سياسية جديدة من شأنها وضع الحول والمعالجات للأزمات التي تعيشها البلاد".
ويوضح الشمري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "هنالك حملات مقاطعة وما يجري جزء من ذلك الأمر، وهو ما سيراكم القوى المناهضة لانتخابات أكتوبر".
ويعد الحزب الشيوعي من أقرب القوى لحركات الاحتجاج ومنصات التظاهر، مما يفتح باب الاحتمالات لانسحاب الجهات التي تمثل الصوت المدني والمستقل.
إلا أن الشمري، يقلل من تأثير ذلك على القوى الليبرالية والمدنية كون الحزب الشيوعي ليس ممثلاُ عن تلك الجهات ولكن تبقى التوقعات محتملة بانسحاب المزيد.
وبشأن البيئة الآمنة والسلاح والمال السياسي الذي يأتي في مقدمة الأسباب والذرائع التي تدفع بمزيد من الانسحابات، يؤكد الشمري، أن "الوضع الأمني في العراق ليس كما يصوره البعض وإنما هنالك تهويل وتضخيم لما يحدث"، عاطفاً بالقول "هنالك صراع بين واشنطن وطهران على أرض العراق إلا أن ذلك لا ينعكس بشكل كبير على إجراء الانتخابات وسير إجراءاتها كما تزعم بعض القوى المتنافسة".
الفوضى هي البديل
من جانبه، يرى المحلل السياسي، عدنان السراج أن "القوى السياسية قد حزمت أمرها على إجراء الانتخابات التشريعية لأنهم يدركون جيداً أن البديل عنها هي الفوضى والمزيد من التعقيد".
ويقلل السراج خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، من تأثير انسحاب الحزب الشيوعي على الانتخابات لكونها لا تشكل ثقلاً كبيراً لكونها ليس لدبها أوزان عالية في صناديق الاقتراع السابقة ".
وبشأن التيار الصدري، يؤكد السراج، أن انسحاب جناحه السياسي "سائرون"، من الانتخابات لن يكون حتى النهاية بحكم القوانين واللوائح التي تحكم القانون الانتخابي بما يجعل الباب مفتوحا أمام عودتهم مرة أخرى".
ويلفت السراج، إلى أن "قرار الصدر هو المقاطعة الشخصية للانتخابات وهذا لا يمتد او ينسحب على كتلته سائرون "، مبيناً أن "جميع الذين أعلنوا انسحابهم من ذلك المكون تراجعوا عن ذلك القرار".
ويتقارب ذلك الرأي مع تصريح المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي التي تؤكد أن "عدد المرشحين للانتخابات بلغ 3250 مرشحا لم يقدم إلى الآن أي منهم طلبا رسميا بالانسحاب من المشاركة في الانتخابات".
وتضيف الغلاي، لـ"العين الإخبارية"، أنه "في حال قدم المرشح طلبا رسميا بالانسحاب من المشاركة في الانتخابات، سيتم التعامل معه على وفق قرار مجلس المفوضين".
وتؤكد المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، أن "الانتخابات قائمة بموعدها في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل"، مشيرة إلى أن "الانسحابات والمقاطعة لا يؤثران على الموعد المحدد".