الاغتيالات سلاح مليشيات إيران لتكميم أفواه صحفيي العراق
عمليات اغتيال وخطف، وتهديدات مستمرة تستخدمها مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، أسفرت حتى الآن عن مقتل 4 صحفيين
عمليات اغتيال وخطف، وتهديدات مستمرة تستخدمها مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، أسفرت حتى الآن عن مقتل أربعة صحفيين، وإفراغ جنوب العراق بشكل شبه تام من الصحفيين المناهضين للمشروع الإيراني.
مهدي الشمري، صحفي عراقي اضطر إلى ترك محافظة البصرة بعد اغتيال مليشيات الحشد اثنين من زملائه الصحفيين، وهما كل من أحمد عبدالصمد وصفاء الغالي في ١٠يناير/كانون الثاني الحالي، واختار محافظة عراقية أخرى للعيش حتى استقرار الأوضاع في البصرة وانتهاء النفوذ الإيراني من العراق.
وقال مهدي في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "بعد فض اعتصامات البصرة من قبل المليشيات والقوات الأمنية العراقية الخاضعة لها لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أبلغني مصدر موثوق داخل القوات الأمنية أن اسمي واسم الصحفي أحمد عبدالصمد الذي اغتيل لاحقا موجودان على قائمة المطلوبين من قبل المليشيات والقوات الأمنية، بعد أن رفعت قوات الصدمة التابعة لقيادة عمليات البصرة دعوى قضائية علينا بتهمة التحريض واسقاط الحكومة، لذلك اضطررت إلى مغادرة البصرة في حينها لمدة ٢٠ يوما والعودة إليها بعد أن تدخلت نقابة الصحفيين وأوقفت أوامر إلقاء القبض علينا".
لكن بعد عودته تلقى مهدي الشمري اتصالا من أحد أقاربه في القوات الأمنية أبلغه أن هناك قائمة بأسماء الناشطين وعدد من الصحفيين لدى إحدى المليشيات في البصرة لاغتيالهم أو اختطافهم، لكن مهدي وزميله أحمد لم يهتما بالموضوع.
وواصلا نقل أصوات المتظاهرين، في وقت كانت فيه المليشيات تستعد لتنفيذ مخططها لاغتيال الصحفيين واحدا تلو الآخر، وبدأت بأحمد عبدالصمد الذي اغتيل مع زميله المصور صفاء الغالي داخل السيارة التي كانت تقلها وسط البصرة بعد كشفهما عن شن المليشيات حملة اعتقالات واسعة ضد المتظاهرين انتقاما للإرهابيين قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، اللذين قتلا في غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي فجر ٣ يناير/كانون الثاني الحالي.
ودفع اغتيال هذين الصحفيين، مهدي الشمري وعشرات من الصحفيين العراقيين في البصرة وجنوب العراق إلى الهروب متوجهين إلى مدن العراق الأخرى للابتعاد عن عيون المليشيات لحين استقرار الأوضاع تاركين خلفهم وظائفهم وباحثين عن وظائف جديدة تؤمن لهم لقمة العيش.
وشدد كثير من الصحفيين الذين تلقوا تهديدات من مليشيات الحشد الشعبي ومسؤولين في الحكومة العراقية على أن المليشيات تمنع تسريب قوائم الاغتيال وتعتم على هذا الموضوع وتمنع عبر نفوذها في الحكومة العراقية الجهات الأمنية من التحقيق في ملفات اغتيال الناشطين والصحفيين واختطافهم، وتسند مسؤولية هذه العمليات إلى جهات مجهولة.
من جانبه، قال الناشط المدني عمار سرحان - الذي تلقى هو الآخر تهديدات من قبل المليشيات - في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه "منذ بدء المظاهرات ومشاركتي فيها متظاهرا سلميا يطالب بحقوقه المشروعة لم تتوقف التهديدات، سواء كانت عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتصال أو عن طريق منشورات تحضيرية ضدنا نحن الناشطين وضد الصحفيين".
في غضون ذلك كشف علي البياتي عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق لـ"العين الإخبارية" أن 4 صحفيين عراقيين قتلوا حتى الآن منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومدن جنوب العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولم تشمل عمليات الاغتيال والاختطاف الصحفيين فحسب، بل شملت الناشطين المشاركين في المظاهرات أيضا، فاضطر العشرات منهم إلى تغيير أماكن سكنهم لتجنب ملاحقة المليشيات لهم.
كما أكد الناشط المدني أمجد المالكي لـ"العين الإخبارية" أن الناشطين والإعلاميين يتعرضون إلى حملة اغتيالات وتصفية جسدية وتهديدات منذ بداية الاحتجاجات، وحتى هذه اللحظة في محافظة البصرة خصوصا، مشيرا إلى أنه تمت تصفية اثنين من الإعلاميين البارزين، وهناك محاولات اغتيال فاشلة وعشرات التهديدات مباشرة وغير المباشرة للناشطين.
وأوضح المالكي أن هذه التهديدات دفعت بعض الصحفيين والناشطين للجلوس في المنازل وعدم الخروج للمظاهرات، واضطر البعض الآخر إلى السفر لمحافظات آمنة، مثل محافظات كردستان أو السفر خارج العراق، لافتا إلى أن هذه الاغتيالات والتهديدات تؤثر على حركة الاحتجاج، لا سيما أن الإعلاميين يسلطون الضوء على الاحتجاجات، والناشطين يحشدون الرأي العام، وهما المحرك الرئيسي للمظاهرات.
وتابع المالكي: "هذه الأفعال تفسر أن المليشيات والجهات المنفذة لتلك الاغتيالات والتهديدات تريد أن تقضي على الأصوات الحرة وتقضي على الاحتجاجات بشكل كامل وتقمع الحريات في العراق".
وكان المرصد العراقي للحريات الصحفية دعا في بيان أصدره في ١٠ يناير/كانون الثاني، جميع الصحفيين والناشطين إلى توثيق المعلومات والاحتفاظ بها وتقديمها للحكومة العراقية المقبلة.
وشدد المرصد على أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن موجة من استهداف الصحفيين والناشطين قد تتصاعد خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن غالبية القوى المسلحة تُظهر خطاباً مُستفزّاً وتُطلق إشارات اضطراب عديدة عبر منصاتها الرسمية وأوساطها المقربة.
aXA6IDEzLjU5Ljg3LjE0NSA= جزيرة ام اند امز