خبراء عراقيون: هجمات المليشيات ورقة إيران لمساومة أمريكا
حذر خبراء عراقيون من أن الاستهداف المتواصل والممنهج للبعثات الدبلوماسية في العراق، والذي تزايد خلال الفترة الأخيرة ينذر بعواقب وخيمة داخليا وخارجيا.
وأرجع الخبراء في تصريحات لـ"العين الإخبارية" سبب تزايد الهجمات الصاروخية والانفجارات التي تشهدها بغداد مؤخرا إلى رغبة إيران في الحصول على ورقة مساومة تلعب بها مع الإدارة الأمريكية الجديدة لتحقيق بعض المكاسب وتخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة، الهجمات الصاروخية التي تستهدف البعثات الدبلوماسية في العاصمة بغداد، حيث تصر "البنادق المستأجرة"، التابعة لإيران على عرقلة جهود الكاظمي لاستعادة هيبة العراق.
وقال السياسي العراقي رامي السكيني، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، إن استهداف الوجود الدبلوماسي ليس بالأمر الجديد على المشهد السياسي، ولكن استمرار السلاح خارج سيطرة الدولة أمر ينذر بعواقب داخلية وخارجية خطيرة.
وأضاف، أن "العراق يعيش أزمة وجود كدولة بسبب تصرفات المليشيات التابعة لإيران، وهو ما يهدد في حال استمرار استهداف المصالح الأجنبية بعودة العراق إلى طائلة البند السابع، وفرض الوصاية الدولية عليه، وما يتبع ذلك من تداعيات سياسية واقتصادية".
ويحاول الكاظمي الذي دخل المنطقة الرئاسية من خارج الأسوار الحزبية تحت إرادة شعبية ضاغطة، بسحب العراق من منطقة التقاطع، والخصام الدولي، وأبعاد القرار السيادي عن النفوذ الإيراني، إلا أن تصرفات المليشيات تجعل التقدم بطيئا.
وأشار عضو لجنة العلاقات الخارجية، إلى أن حكومة بغداد تواجه تحديات كبيرة، ومحاولات تقف وراءها إيران لأفشال مساعي الكاظمي بعدما أدركت أنها ستخسر مصالحها في حال نجح رئيس الوزراء في جهوده.
السلاح المنفلت
ويتفق المحلل السياسي عصام الفيلي مع رامي السكيني، في أن استهداف البعثات الدبلوماسية ينذر بعواقب وخيمة، خاصة أن استمرار السلاح المنفلت يشير إلى ضعف شخصية الحكومة، وضياع جهود الكاظمي.
وأكد الفيلي، أن "المليشيات التي تهاجم المصالح الأجنبية في العراق تنفذ عمليات القتل والاغتيال بأسلحة رسمية وتحت غطاء سياسي.
خلال المظاهرات الاحتجاجية الأكبر في تاريخ العراق ما بعد 2003، التي تجاوزت عامها الأول، رفع المتظاهرون جملة من المطالب وصفت "بالجوهرية والرئيسية" تتقدمها دعوات للسيطرة على السلاح المنفلت، وكبح جماح الفصائل والمليشيات التابعة لإيران.
وسعى الكاظمي بعد أيام من تسلم منصبه إلى لجم تلك المليشيات، وضبط السلاح المنفلت، وعبر أكثر من محور، أطلق حملات عسكرية لتخليص المنافذ الحدودية من سيطرة المليشيات، وحصر السلاح، والضغط على طهران للجم مليشياتها وكبحها على مهاجمة المصالح الأمريكية.
وبدروه، أكد عقيل عباس، الخبير السياسي، أن العراق كدولة بات اليوم أمام تحديات كبيرة وخطيرة، إما الاستسلام للبنادق المنفلتة، وإما المضي نحو بناء المؤسسات، وتنقية القرار السياسي من القوى والأحزاب ذات الامتداد الإقليمي.
وأشار عباس إلى أن هنالك إرادة عراقية لاسترجاع الدولة جراء تصرفات المليشيات التابعة لإيران، ولكن الأمر ليس موكلاً لحكومة الكاظمي فقط، وإنما يتطلب أن يكون هنالك موقف وطني موحد من القوى والكيانات السياسية.
ويرى عباس، أن "المعالجات والرؤى الخاصة بالسيطرة على النيران المنفلتة ليس جميعها ينطلق من تحرك عسكري، إنما تحتاج إلى حلول سياسية تتفق على أن يكون هنالك سلاح وطني وليس مليشياويا".
ويشير الخبير السياسي إلى "أننا نحتاج إلى الجلوس على طاولة سياسية حكومية للاتفاق وخلق حالة من القناعات لوقف هذه الهجمات".
السحر انقلب على الساحر
ويعتقد المحلل السياسي، علي الكاتب، أن "السحر انقلب على الساحر، وخرجت الأمور عن سيطرة إيران وفقدت قدرتها على لجم مليشياتها في العراق".
ويبين الكاتب، أن "سليماني والمهندس كانا قادرين على ضبط إيقاع الفصائل المسلحة في العراق، والمليشيات تخشى اليوم من تقارب بين طهران وواشنطن في ظل الإدارة الجديدة، وأن تفقد مصالحها جراء تلك التفاهمات المحتملة، وبالتالي فإنها تحاول تقديم نفسها كلاعب مؤثر في المشهد العام".
ويذهب بعض المراقبين للشؤون السياسية إلى أن "إيران أصيبت بخيبة أمل كبيرة عقب وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، بعدما اعتقدت أنه بمغادرة ترامب للبيت الأبيض ستكون نهاية القحط ".
ويشير المحلل السياسي نبيل عزام إلى أن "ساسة طهران روجوا خسارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب على أنها مكسب كبير، ولكنهم تفاجأوا بأن الإدارة الجديدة لها مواقف لا تختلف كثيرا، ولكن مع اختلاف آليات التنفيذ تجاه الملف النووي والعقوبات المفروضة".
وتابع عزام، أن "ساسة طهران يواصلون سياسة عض الأصابع الأمريكية داخل العراق بغرض لفت انتباه جو بايدن إلى الملف الإيراني، ومحاولة تخفيف العقوبات المفروضة عليها".