تلعفر.. المعركة المرتقبة مع داعش بعد تحرير الموصل
ميلشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران تستعد لمعركة تلعفر لأهميتها في إحكام قبضتها على المناطق المحيطة بالحدود مع سوريا
بعد إعلان الحكومة العراقية، الخميس، سقوط وانتهاء تنظيم داعش في مدينة الموصل، بشمال العراق، تتجه الأنظار حول ما هي المدينة التي ستنتقل إليها معارك مطاردة داعش.
ويعد سقوط داعش في الموصل إيذانا بقرب سقوطه في بقية أنحاء العراق، على اعتبار أن أكبر عدد لهم كان في الموصل.
وأبرز المناطق المتبقي لداعش تواجد بها، بحسب تصريحات مسؤولين عراقيين ومليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران، تكريت وديالي وتلعفر والأنبار.
وسبق أن أعلنت مليشيا الحشد الشعبي أنها جاهزة لاقتحام قضاء تلعفر شمال غرب الموصل تحت ستارة "تحريره" من تنظيم داعش، ملمّحمة إلى أنها معركتها الكبرى القادمة.
وقال أبو مهدي المهندس، نائب قائد الحشد الشعبي في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري إن قواته تنتظر أوامر رئيس الوزراء حيدر العبادي لاقتحام قضاء تلعفر.
وتنفيذا لهذا المخطط قال المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي، اليوم الخميس بعد إعلان خبر سقوط داعش بالموصل، إن قضاء تلعفر و المحلبية والعياضية وجنوب كركوك ومناطق بالأنبار ما تزال تنتظر "التحرير".
وأضاف في حوار هاتفي مع وكالة "تسنيم" الإيرانية أن الحشد الشعبي سيحاصر تلعفر من كل الجهات، وينتظر القوات للدخول سواء من أبناء المنطقة أنفسهم من السنة والشيعة والقوات الأمنية لعدم إثارة أي نعرات طائفية في هذا القضاء الحساس، حسب قوله.
والسيطرة على تلعفر القريبة من الحدود مع سوريا هدف رئيسي معلن من أهداف مليشيا الحشد الموالية لإيران والتي يقوم على تدريبها وتوجيه أهدافها قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ففي إبريل/نيسان الماضي أعلن أبو مهدي المهندس، أنه على أتم الاستعداد لاقتحام قضاء تلعفر، لطرد داعش منها "رغم الحساسية التي يبديها البعض تجاهنا"، لكن "يبقى القرار للقيادة العامة للقوات المسلحة وماذا تريد في هذا الجانب".
ويشير المهندس بـ"الحساسية التي يبديها البعض" إلى الرفض التركي لتوغل ميليشيات الحشد في المناطق القريبة من الحدود مع تركيا، وخاصة تلك التي بها سكان تركمان تربطهم بتركيا روابط تاريخية.
ووقعت صدامات حادة بين الحكومتين التركية والعراقية في 2016 حين كشفت مليشيا الحشد عن نواياها اقتحام تلعفر عند انطلاق معركة تحرير الموصل، وأعلنت أنقرة أنها ستعزز وجودها العسكري عند شمال العراق ردا على هذا.
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لتركيا كون أن بها غالبية من السكان التركمان، وذات أهمية استراتيجية لإيران لوجود سكان شيعة بها، كما أنها ذات أهمية استراتيجية للبلدين كونها قريبة من الحدود مع تركيا وسوريا؛ مما يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لأي عمليات حربية عبر الحدود.
كما يعود النزاع على تلك المناطق إلى النزاع التاريخي بين تركيا وإيران حول مناطق النفوذ في العراق عموما وشماله خصوصا.
والمعركة السياسية الإقليمية حول تلعفر تلفت النظر إلى أن الصراع مع "داعش" يعيد تشكيل العراق؛ إذ يمنح القوى ذات المطامع التاريخية في العراق فرصة لتوسيع نفوذها بداخله تحت غطاء محاربة تنظيم داعش.
وتكتسب معركة تلعفر المرتقبة أهمية كبرى لميلشيا الحشد كذلك بعد إحكام سيطرته على الحدود بين العراق وسوريا والأردن وصولا إلى معبر الوليد (التنف على الناحية السورية).
وللسيطرة على الحدود أهميتها الاستراتيجية الخاصة في مسيرة تلك الميليشيا والتي تترجم الهدف من إنشاء ورعاية إيران لها في العراق.
وهذه الأهمية تتعلق بأنها تمهد الأرض لتنفيذ الممر البري الاستراتيجي الإيراني الذي يمتد من طهران ويخترق شمال العراق ويمر بشمال سوريا حتى يصل إلى اللاذقية على البحر المتوسط في الغرب (أي يفتح منفذ لإيران على البحر) ثم ينحدر جنوبا ليصل إلى لبنان.
وبذلك تكون إيران قد ربطت هذه البلدان الأربع برابط جغرافي واحد تحت سيطرتها أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
ومن الملفت أن المدن والبلدات التي تشارك مليشيا الحشد بقوة في معارك "تحريرها" من داعش تقع على طول هذا الممر بداية من ديالي على الحدود مع إيران وصولا إلى تلعفر والبعاج على الحدود مع سوريا.
وهي نفس المدن التي أعلن داعش اجتياحها واحتلالها بسهولة وسرعة مثيرة للتساؤلات في 2014.
كما أن مدينة تلعفر معروفة أن أغلبية سكانها سنة وقليل منهم شيعة؛ ولذا فإنه مهم لميليشيا الحشد الشعبي تغيير تركيبة السكان لتكون لصالح الشيعة، وهو التغيير المتهمة هذه المليشيا بأنها تقوم بها في كل الكثير من المناطق التي تسيطر عليها، لتأمين الممر الإيراني.