مليشيا الحشد الشعبي تدق طبول معركة تلعفر "الإقليمية"
مليشيا الحشد الشعبي قالت إنها تنتظر الإذن لاقتحام قضاء تلعفر بعد سيطرة المليشيا على معظم البلدات المحيطة بها قرب الحدود مع سوريا
أعلنت مليشيا الحشد الشعبي الطائفية المدعومة من إيران أنها جاهزة لاقتحام قضاء تلعفر شمال غرب الموصل العراقية تحت ستارة "تحريره" من تنظيم داعش الإرهابي.
وقال أبو مهدي المهندس، نائب قائد الحشد الشعبي، الجمعة، إن قواته تنتظر أوامر رئيس الوزراء حيدر العبادي لاقتحام قضاء تلعفر.
والسيطرة على تلعفر الواقعة غرب مدينة الموصل وعلى الحدود نحو سوريا هدف رئيسي معلن من أهداف مليشيا الحشد الموالية لإيران والتي يقوم على تدريبها وتوجيه أهدافها قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ففي إبريل/نيسان الماضي أعلن أبو مهدي المهندس، أنه على أتم الاستعداد لاقتحام قضاء تلعفر، لطرد داعش منها "رغم الحساسية التي يبديها البعض تجاهنا"، لكن "يبقى القرار للقيادة العامة للقوات المسلحة وماذا تريد في هذا الجانب".
ويشير المهندس بـ"الحساسية التي يبديها البعض" إلى الرفض التركي لتوغل ميليشيات الحشد في المناطق القريبة من الحدود مع تركيا، وخاصة تلك التي بها سكان تركمان تربطهم بتركيا روابط تاريخية.
ووقعت صدامات حادة بين الحكومتين التركية والعراقية في 2016 حين كشفت مليشيا الحشد عن نواياها اقتحام تلعفر عند انطلاق معركة تحرير الموصل، وأعلنت أنقرة أنها ستعزز وجودها العسكري عند شمال العراق ردا على هذا.
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لتركيا كون أن بها غالبية من السكان التركمان، وذات أهمية استراتيجية لإيران لوجود سكان شيعة بها، كما أنها ذات أهمية استراتيجية للبلدين كونها قريبة من الحدود مع تركيا وسوريا؛ مما يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لأي عمليات حربية عبر الحدود.
كما يعود النزاع على تلك المناطق إلى النزاع التاريخي بين تركيا وإيران حول مناطق النفوذ في العراق عموما وشماله خصوصا.
والمعركة السياسية الإقليمية حول تلعفر تلفت النظر إلى أن الصراع مع "داعش" يعيد تشكيل العراق؛ إذ يمنح القوى ذات المطامع التاريخية في العراق فرصة لتوسيع نفوذها بداخله تحت غطاء محاربة تنظيم داعش.
من ناحية أخرى، قال المهندس إنه تم قطع اتصال زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، مع سوريا؛ حيث كان البغدادي يتخذ منطقة غرب الموصل كقاعدة اقتصادية له ويهرب من خلالها النفط.
ويشير المهندس في ذلك إلى سيطرة مليشياته على مناطق واسعة غرب الموصل، خاصة المناطق القريبة من الحدود مع سوريا.
غير أن قائد المليشيا لم يشر إلى لماذا لم يتم العثور على البغدادي حتى الآن رغم سيطرة المليشيات على أنحاء واسعة من المناطق الحدودية، إضافة لسيطرة القوات العراقية وقوات التحالف الدولي ضد داعش على معظم مدينة الموصل.
وفيما يخص ما إن كانت مليشيا الحشد الشعبي ستتجه إلى داخل سوريا بعد أن أحكمت سيطرتها على كل الحدود تقريبا، قال المهندس إن قواته لم تدخل العمق السوري لغاية الآن، غير أنه أشار إلى أنه تمت معالجة أهداف مؤخرا بواسطة المدفعية.
وسبق أن قال المهندس في تصريحات صحفية أوائل يونيو/حزيران الجاري إن الحشد الشعبي سيتابع "الإرهاب" خارج العراق إذا كان يهدد الأراضي العراقية والأمن القومي العراقي.
وعن مدى سيطرة مليشياته على الحدود الطويلة مع سوريا قال إن "قوات الحشد الشعبي تمسك جميع الحدود العراقية حتى جنوب معبر الوليد بنحو 50 كم".
ومعبر الوليد هو الاسم العراقي للمعبر المشهور باسم التنف في سوريا، وهو يقع على زاوية الحدود بين العراق وسوريا والأردن، وأُعلن أنه سيطر عليه تنظيم داعش 2015.
ويعد هذا تطورا خطيرا؛ نظرًا لأهمية هذه الحدود في الصراع الدولي الدائر على مناطق النفوذ في العراق وسوريا.
وكشف المهندس في إبريل/نيسان الماضي عن أن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غداً وفقاً لمجريات المعركة".
وتوضح هذه التحركات والتصريحات أن اقتحام مليشيا الحشد الشعبي لمعركة الموصل وشمال العراق لم يكن الهدف منه تنظيم داعش بحد ذاته، ولكنه محطة من محطات فتح الطريق أمام المليشيات المدعومة من إيران للتوسع في شمال العراق وفرض وجودها، والزحف نحو الحدود السورية.
ويعني هذا فتح جبهة مفتوحة بين العراق وسوريا تحت سيطرة إيران، تسهل حركة القوات الإيرانية أو المليشيات العراقية المدعومة منها، وهو ما يؤكد خطة "الممر الإيراني الاستراتيجي" بين البلدين الذي كشفته تقارير إعلامية واستخباراتية عدة في الأشهر القليلة الماضية.
وهذا الممر يمتد من بعقوبة في شرق العراق (على الحدود مع إيران) مروراً بالموصل ونينوى شمال العراق وعلى الحدود مع سوريا ليخترقها ويعبرها وصولاً إلى اللاذقية في غرب سوريا؛ كي تكون كل تلك المساحة منطقة جغرافية مفتوحة تتحرك فيها إيران بحرية، وتحقق مشروعها للتوسع في المنطقة.