"معركة الحدود" بين أمريكا وإيران تشتد عند معبر التنف
القوات السورية مدعومة بإيران تضيّق الخناق على الفصائل المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة في زاوية الحدود مع العراق والأردن
يشتد السباق بين القوات السورية الحكومية وحليفتها إيران من جهة، وبين الفصائل المدعومة أمريكيا من جهة أخرى؛ للسيطرة على معبر التنف الاستراتيجي.
ويوجد معبر التنف في الزاوية الحدودية بين العراق والأردن وسوريا، وهو يتبع إداريًا محافظة حمص، وإذا ما استردته القوات السورية الحكومية فسيكون أول معبر حدودي مع العراق تستعيده منذ سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على تلك العديد من المعابر.
ولمعبر التنف أهمية استراتيجية كذلك لإيران؛ لأنه إذا ما سيطرت عليه عبر حلفائها في دمشق فإنه سيكون خطوة ملحة لتنفيذ مشروعها المسمى بالممر الاستراتيجي الإيراني الممتد من إيران مرورا بالعراق وحتى ساحل البحر المتوسط غرب سوريا.
ويوم الخميس أعلنت مصادر عسكرية لوكالة أنباء سانا السورية الحكومية أن القوات السورية وحلفاءها (الحلفاء هم إيران وحزب الله وروسيا) سيطرت على منطقة المحسة بعد ساعات قليلة من إحكام السيطرة على منطقة الباردة بريف حمص الجنوبي الشرقي.
ولفت المصدر إلى أهمية السيطرة على منطقة المحسة باعتبار أنها تربط بين ريف حمص الشرقي ومنطقة القلمون الشرقي، كما تواصل القوات ملاحقة إرهابيي داعش باتجاه عمق البادية السورية.
وتهدف القوات الحكومية من هذه العمليات لاستعادة السيطرة على معبر التنف الاستراتيجي الذي خرج عن سيطرة الحكومة في 2015، وتقول الحكومة إنه يتم استغلاله في إدخال مقاتلين أجانب وأسلحة إلى سوريا.
في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى منع الحكومة السورية من السيطرة على المعبر عبر دعم فصائل مسلحة تسعى لعرقلة تقدم قوات الحكومة.
وجاءت عملية استهداف رتل للقوات السورية والمسلحين الموالين لها في 18 مايو/أيار الجاري كان متوجهًا إلى معبر التنف في هذا الإطار، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان (مركز معارض مقره لندن يقول إنه يستقي أخباره من نشطاء).
والمعارك متواصلة بين القوات الحكومية وحلفائها وبين فصائل المعارضة المسلحة منذ 21 مايو/أيار الجاري بشكل محموم، في محاولة من دمشق للوصول إلى الحدود مع العراق، والسيطرة على كامل المساحة الحدودية المتبقية مع الأردن.
كذلك تدور معارك بين القوات السورية وبين تنظيم داعش في إطار الهدف نفسه.
وحتى يوم الخميس، بات يفصل القوات السورية الحكومية عن معبر التنف نحو 55كم بعد أن وصلت إلى منطقة الزركا وتغلبت على فصائل مدعومة أمريكيا، وخاصة "جيش مغاوير الثورة" الذي تشكل عام 2016 خصيصًا لمحاربة دمشق وداعش وإبعادهما عن تلك المنطقة الاستراتيجية.
وإلى جانب منطقة معبر التنف، فإنه تدور معارك أيضا بين القوات الحكومية وبين الفصائل المعارضة المسلحة عند منطقة معبر البوكمال، وهو معبر حدودي آخر مهم مع العراق، ولكنه يقع في نطاق محافظة دير الزور، ويشكل ركن بين جنوب دير الزور وشمال حمص.
أما من الناحية الأخرى من الحدود، في غرب العراق، فإن مليشيات الحشد الشعبي الطائفية المدعومة من إيران تتقدم بخطى سريعة نحو الحدود مع سوريا تحت شعار المشاركة في معركة الموصل ودحر تنظيم داعش.
وحاليا تسعى مليشيات الحشد التي يدربها ويوجهها قاسم سليماني القيادية بمليشيا الحرس الثوري الإيراني للسيطرة على بلدة البعاج العراقية الواقعة على الحدود مع سوريا، ومن المتوقع أن تعبر بعد ذلك الحدود إلى داخل سوريا.
فقد قال أبو مهدي المهندس، قائد مليشيا الحشد، أواخر إبريل/نيسان الماضي، صراحة، إن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غداً وفقاً لمجريات المعركة".
ويأتي هذا في إطار خطة لمليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران للسيطرة على كل المدن والقرى الممتدة ناحية الحدود السورية، وذلك لفتح جبهة أو منطقة مفتوحة بين العراق وسوريا تسهل حركة تلك المليشيات ومن ورائها إيران.
ومن أهم هذه المناطق بلدة الحضر (سيطر عليها الحشد بالفعل) والقيروان (تمت السيطرة عليها) وتلعفر (جارٍ تطويقها والسيطرة على القرى المحيطة)، البعاج (جارٍ السيطرة عليها).
وفي ذلك قال الناطق الرسمي باسم هيئة الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، في وقت سابق، في حوار مع قناة الميادين اللبنانية، إنه "تم وضع خطط استراتيجية لتحرير المناطق مع الحدود السورية".
كما أشار إلى أن هذه الخطط بالتنسيق بين الجيش السوري والقوات العراقية، وأن تحرك الجانبين صوب الحدود من الناحيتين سيكون بتخطيط مسبق.
وتوضح هذه التصريحات والتحركات أن اقتحام مليشيا الحشد الشعبي لمعركة الموصل لم يكن الهدف منه تنظيم داعش الإرهابي بحد ذاته، ولكنه محطة من محطات فتح الطريق أمام المليشيات المدعومة من إيران للتوسع في شمال العراق وفرض وجودها، والزحف نحو الحدود السورية.
ويعني هذا فتح جبهة مفتوحة بين العراق وسوريا تحت سيطرة إيران، تسهل حركة القوات الإيرانية أو المليشيات العراقية المدعومة منها، وهو ما يؤكد خطة "الممر الإيراني الاستراتيجي" بين البلدين الذي كشفته تقارير إعلامية واستخباراتية عدة في الأشهر القليلة الماضية.
وهذا الممر يمتد من بعقوبة في شرق العراق (على الحدود مع إيران) مروراً بالموصل ونينوى شمال العراق وعلى الحدود مع سوريا، وصولاً إلى اللاذقية في غرب سوريا.
وفي الأيام الأخيرة تحدثت تقارير صحفية عن وصول عشرات من عناصر مليشيات "الخراساني" و"حزب الله العراقية" و"كتائب سيد الشهداء"، التابعة لـ"الحشد الشعبي"، إلى سوريا عبر مطار بغداد الدولي.
ومن المرجح انتقال هؤلاء إلى منطقة التنف الحدودية مع العراق؛ حيث تحتشد القوات السورية الحكومية.
وتنتشر مليشيات عراقية طائفية موالية لإيران بالفعل على الأراضي السورية لتقاتل إلى جانب القوات الحكومية منذ اندلاع الحرب عام 2011، وتعلن هذه المليشيات عن تواجدها صراحة، وتبرر ذلك بأنها تدافع عن أضرحة آل البيت من استهداف الإرهابيين لها.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز