لماذا يلهث "الحشد الشعبي" وراء المناطق الصحراوية بالعراق؟
في الأيام الأخيرة أعلن مليشيا الحشد الشعبي وسياسون صراحة اهتمامهم بسيطرة تلك المليشيات على المناطق الصحراوية من بعقوبة لنينوى.
ممر إيراني استراتيجي يمتد من البعقوبة في شرق العراق (على الحدود مع إيران) مروراً بالموصل ونينوى، وصولاً إلى اللاذقية في غرب سوريا.
هذا المسار الذي تحدثت تقارير استخباراتية وإعلامية في الأشهر القليلة عن أنه هدف إيران من صنع ونشر مليشيات تابعة لها في شمال العراق وسوريا، بدت ملامحه تتضح أكثر على الأرض في تصريحات وتحركات مليشيات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران في الأيام الأخيرة.
فقد أعلنت مليشيا الحشد الشعبي، اليوم الأربعاء، انطلاق عملياتها بشمال بعقوبة، بالاشتراك مع قوات الجيش والشرطة العراقيين، تحت ذريعة استهداف الخلايا النائمة لداعش.
وانطلقت تلك العمليات من شمال قضاء المقدادية، وبدأت بقصف مدفعي تمهيدي.
من ناحيته أكد رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أمس الثلاثاء، تدمير قدرات تنظيم داعش في الصحراء الغربية (قرب الحدود مع سوريا)، فيما أشار لإعداد خطة لتأمين الحدود العراقية السورية.
وحرص العبادي على القول، إن "كل الخطط العسكرية عراقية خالصة، ويتم وضعها في العراق"، وأن القول بعكس ذلك هو من "الشائعات الكاذبة" ومروجوها" يهدفون إلى تشويه صورة العراق القوي الموحد".
ويبدو أن العبادي يرد بذلك على من يشيرون لدور إيران في تلك العمليات والخطط.
ووفق الموقع الإلكتروني لمليشيا الحشد، فإن تلك المليشيا باتت تسيطر على ما مساحته 5292 كم مربع في عمليات الموصل، وأغلبها في الصحراء.
ولتأكيد وتوسيع هذه السيطرة دعا صادق اللبان، النائب عن "التحالف الوطني" الذي يتزعمه عمار الحكيم، الثلاثاء، إلى ملء أي فراغ في المناطق الرخوة أمنياً في صحراء الأنبار (جنوب نينوى والموصل وعلى الحدود مع سوريا) بمليشيا الحشد الشعبي وقوات الجيش العراقي.
وقال إن هذا ضروري لتأمين الطريق الدولي والمنافذ الحدودية من عصابات داعش.
ويأتي هذا بعد أيام قليلة من إعلان مليشيات الحشد السيطرة على مدينة الحضر الأثرية الواقع في الصحراء جنوب غرب الموصل، معلناً طرد داعش منها.
وهذه المناطق معظمها سيطر عليها داعش بسهولة وفي فترة وجيزة عام 2014، قوبلت بعلامات استفهام كثيرة، خاصة أنه أعقبها على الفور الإعلان عن تشكيل مليشيات الحشد الشعبي بدعم إيراني تحت ذريعة تحرير الموصل من داعش.
وسيطرة مليشيات الحشد الشعبي على الحضر تأتي ضمن تركيزها على المنطقة الصحراوية هناك والوصول إلى بلدة تلعفر؛ باعتبارها باباً مفتوحاً عبر مناطقها الصحراوية تسهل اقتحام هذه المليشيات للحدود السورية.
وتحاصر مليشيات الحشد الشعبي تلعفر، في انتظار إطلاق صافرة الاقتحام.
وينبأ هذا بأنه مع اقتراب استكمال طرد القوات العراقية لداعش من غرب مدينة الموصل، تستعد بلدة تلعفر لمعركة "إقليمية" حامية في إطار الصراع الإيراني التركي حول مناطق النفوذ في كل من العراق وسوريا، خاصة المنطقة الصحراوية والحدودية.
ففي إبريل/نيسان الماضي، أعلن قادة بالحشد أن قاعدة تلعفر ستصبح بمثابة موقع انطلاق لقتال الإرهابيين في سوريا.
وبشكل مباشر، قال نائب رئيس مليشيات الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، إن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غداً وفقاً لمجريات المعركة".
ويعني هذا فتح جبهة مفتوحة بين العراق وسوريا تحت سيطرة إيران، تسهل حركة القوات الإيرانية أو المليشيات العراقية المدعومة منها، وهو ما يؤكد خطة "الممر الإيراني الاستراتيجي" بين البلدين التي كشفتها تقارير عدة.
ومن بين هذه التقارير تقرير أمني سربته المخابرات البريطانية عن إشراف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع لمليشيا الحرس الثوري على هذا المخطط.
وبالفعل ظهر سليماني في صور وفيديوهات وهو يتفقد المليشيات التابعة له في مناطق توصف بـ"المحررة" في سوريا مثل حلب وفي شمال العراق.
وأورد التقرير تفاصيل خطة الممر بأنه يعبر عن مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالي العراقية، ومن بعقوبة يسير الممر بالاتجاه الشمالي الغربي إلى شرقاط بمحافظة صلاح الدين، التي تسيطر عليها المليشيات الشيعية والقوات العراقية، ومنها إلى سوريا وصولاً إلى مدينة اللاذقية غرب سوريا.