"مؤسسة المستضعفين" وخفايا الممر الإيراني بين سوريا والعراق
المؤسسة التابعة لخامنئي تتوصل لتفاهم مع وزارة الإسكان العراقية على مشاريع ستخدم مشروع الممر الاستراتيجي الإيراني بين سوريا والعراق
اتفقت مؤسسة المستضعفين الإيرانية ووزارة الإسكان العراقية، على تنفيذ مشاريع إعمارية في العراقية.
ويعيد هذا الاتفاق إلى الأذهان المخطط الإيراني الذي تم الكشف عنه خلال الشهور الأخيرة حول عمل ممر بين سوريا والعراق، عبر تغيير تركيبة السكان (التغيير الديموغرافي) وخريطة المدن في البلدين عبر الحدود.
ووفق ما نشرته وكالة فارس الإيرانية هذا الأسبوع، فإن رئيس مؤسسة المستضعفين محمد سعيدي كيا، قال في تصريحات مشتركة مع وزيرة الإسكان العراقية آن نافع الأوسي في بغداد: إن المؤسسة على استعداد للقيام بالاستثمار مع الجانب العراقي نظرا للإمكانيات التي تملكها.
ويقول موقع المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية إن مؤسسة المستضعفين تتبع مرشد إيران علي خامئني ولها علاقات بأنشطة مليشيا الحرس الثوري الإيراني والباسيج العاملة خارج إيران.
ووفق رئيس المؤسسة سعيدي كيا، فإنها مستعدة لإنشاء مشاريع في كل أنحاء العراق، وخاصة المناطق المحررة من الإرهابيين.
وفي هذا إشارة مباشرة إلى محافظات الشمال القريبة من الحدود السورية مثل الموصل وصلاح الدين.
وفي وقت سابق نقلت وسائل إعلام عن تقارير دبلوماسية تفاصيل مخطط إيران لعمل ممر استراتيجي يربط بين سوريا والعراق، وتشكل الموصل العراقية نقطة الارتكاز الأساسية فيه لخلق مناطق نفوذ مفتوحة لإيران عبر البلدين.
وهذا الممر يخترق الشمال السوري من ناحية العراق وصولا إلى حلب وينتهي بالقواعد العسكرية الإيرانية في اللاذقية شمال غرب سوريا.
أي أنه يخترق الشمال السوري من أقصى شرقه لأقصى غربه.
والأحداث على الأرض تصدق على صحة هذه التقارير رغم عدم الإعلان الرسمي عنها.
فقوات الحرس الثوري الإيراني متواجدة في كل من سوريا والعراق منذ اندلاع الحرب في كل منهما.
وفي العراق تشكلت مليشيات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران ويدربها الحرس الثوري بشكل معلن، وتعمل منذ 2014 بشكل خاص في منطقة شمال العراق، وخاصة محافظات الموصل وصلاح الدين وغيرها من مدن قريبة من الحدود مع سوريا.
وبشكل صريح، قال أبو مهدي المهندس نائب رئيس مليشيات الحشد الشعبي نهاية أبريل/نيسان الماضي إن مقاتليه على أتم الاستعداد لاقتحام قضاء تلعفر، شمال غرب الموصل، بحجة طرد داعش منها "رغم الحساسية التي يبديها البعض تجاهنا".
وأشار إلى أن هدفها التالي بعد السيطرة على تلعفر هو الانتقال إلى داخل سوريا قائلا إن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غدا وفقا لمجريات المعركة".
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لإيران لوجود سكان شيعة بها، كما أنها قريبة من الحدود مع تركيا وسوريا، ما يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لأي عمليات حربية عبر الحدود.
كما أن لهذه المنطقة أهمية ودلالة في الصراع التاريخي بين تركيا وإيران حول مناطق النفوذ في العراق عموما، وشماله خصوصا.
ويشكل مخاطر مشروع الممر الإيراني بين سوريا والعراق في أنه يمهد الطريق لطهران للتغلغل في أكثر من دولة عربية وتصدير مشروعها الطائفي وإعادة تغيير الشكل الديموغرافي وقلب موازين التركيبة السكانية لصالح السيطرة الإيرانية الشيعية على المنطقة.
وخطة الممر اكتمل منها جزء كبير من تغيير التركيبة السكانية في مدن عراقية، خاصة أن الفوضى والحرب في العراق قائمة منذ 2003، في حين أنها قيد التنفيذ في سوريا التي اندلعت بها الحرب والفوضى منذ 2011.
وتحدثت وسائل إعلام عن تقرير أمني سربته المخابرات البريطانية عن إشراف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع لمليشيا الحرس الثوري على هذا المخطط.
وبالفعل ظهر سليماني في صور وفيديوهات وهو يتفقد المليشيات التابعة له في مناطق توصف بـ"المحررة" في سوريا مثل حلب وفي شمال العراق.
وأورد التقرير تفاصيل خطة الممر بأنه يعبر عن مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالي العراقية، ومن بعقوبة يسير الممر بالاتجاه الشمالي الغربي إلى شرقاط بمحافظة صلاح الدين التي تسيطر عليها المليشيات الشيعية والقوات العراقية، ومنها إلى سوريا وصولا إلى مدينة اللاذقية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي عقب سيطرة الجيش السوري مدعوما بإيران وروسيا على محافظة حلب حذر أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في اجتماع طارئ حول الوضع في حلب من عمليات التغيير الديموغرافي التي تجري في سوريا.
وقال حينها "إن عمليات خروج المدنيين من المدن التي تجري فيها مباشرة العمليات العسكرية لا ينبغي أن تفضي إلى تغيير ديموغرافي أو فرض واقع سكاني جديد في البلدات والمدن السورية، بل يتعين أن تجري عمليات الخروج بصورة كريمة وإنسانية، مع توفير الضمانات الكاملة لإعادة السكان إلى بلداتهم ومنازلهم فور انتهاء النزاع".
وقال أبوالغيط وقتها بوضوح إن هناك نموذجا مقلقا لتهجير المدنيين من حلب؛ حيث يجري تفريغ شرق حلب من سكانها وتوطين أغراب محلهم، وأنه لا يتم تسجيل أسماء من يغادرونها، ولا يتم إثبات ملكيتهم لأراضيهم وعقاراتهم.
وحذر من أن هذا "له نتائجه على المدى البعيد، سواء فيما يتعلق بحق المدنيين في العودة أو فيما يتعلق بإثبات ملكية الأراضي والعقارات لهم، وهذا كله في ضوء ما يتردد من النية لتوطين سكان آخرين من خارج المدينة".
كما أشار أبوالغيط إلى أن هذا الأمر تكرر في مناطق أخرى.
وتشهد مدن دمشق وإدلب وحلب وحمص عمليات تبديل سكاني بين السنة والشيعة بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة تحت رعاية الأطراف المتحاربة.