في الموصل المنهكة.. إيران تحل مكان داعش
قوافل إغاثة مرتبطة بميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران توصل مساعدات إلى الموصل، وسط شكوك في أن هدفها تغيير التركيبة السكانية
كما حدث بعد تحرير شرق مدينة الموصل بشمال العراق في يناير/كانون الثاني الماضي؛ لم تكد فرحة الانتصار على تنظيم داعش تعلو، حتى عكرتها مخاوف وسط السكان من أن تستغل ميليشيات مدعومة من إيران ذلك في الحلول محل داعش وتغيير التركيبة السكانية بالمدينة.
فمع اقتراب اكتمال تحرير الجزء الثاني من الموصل (الغرب) بدأت قوافل إغاثة مرتبطة بميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران توصيل مساعدات منتظمة إلى أحياء المدينة التي شهدت نزوح مئات الآلاف منها، ووسط شكوك في أن تقوم الميليشيات بإدخال سكان شيعة محل الكثير منهم.
ويرحب بعض سكان الموصل الذين نال منهم الجوع والإرهاق من جراء الحرب بطوابير الشاحنات والسيارات التي تحمل الغذاء والمياه والبطاطين القادمة من مدن شيعية في جنوب العراق.
والصلة التي تربط هذه القوافل بميليشيات الحشد الشعبي واضحة؛ إذ أنها ترفع أعلامها، وفي كثير من الأحيان يرافقها أشخاص مدججون بالسلاح.
ووصل الشك في هذه الميليشيات وأهداف بالبعض إلى اتهام إيران بتسهيل دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى الموصل في 2014، والتي اجتاحها بسهولة مثيرة للدهشة، كي تكون حجة لميليشيات تدعمها في العراق لدخول المدينة والقيام بدور عسكري وإغاثي فيها، وتغيير تركيبتها السكانية في إطار خطة إيران لمد نفوذها في المنطقة، وكما يحدث في مدن في سوريا.
وتقول قيادات محلية وكثيرون من سكان الموصل؛ إن هذه ربما تكون أول بادرة على أن الأحزاب الشيعية تحاول مد نفوذها مع اقتراب معركة القوات العراقية لطرد تنظيم داعش الإرهابي من الموصل من نهايتها.
وكانت اتهامات وجهت لهذه الميليشيات في وقت سابق بأنها تهدم منازل النازحين في الموصل لمنعهم من العودة، ولكي تحل محلهم سكانا شيعة.
أما ميليشيا الحشد الشعبي فتزعم أن القوافل مساعدات خيرية لا أكثر، وإن الأسلحة المرافقة لها تهدف لحماية العاملين في جلب المساعدات في رحلاتهم الطويلة من جنوب البلاد.
غير أن المظاهر واضحة على ما يمكن أن يخلقه الوجود المسلح من توتر.
فخلال حوار قصير يوم الأحد مع الشرطة العراقية قفز بعض المسلحين المرافقين لقافلة من مدينة كربلاء الشيعية من عرباتهم عند حاجز أمني جنوبي الموصل، وهم يحملون بنادقهم الهجومية وأصابعهم على الزناد.
وصعد شرطي إلى المدفع المنصوب على عربة مدرعة تحسبا لتصاعد الخلاف.
ووحدات الحشد الشعبي المؤلفة من مجموعات من المقاتلين الشيعة مدعومين من إيران، لها وضع رسمي الآن، وتتهمها الأمم المتحدة وآخرون بتنفيذ جرائم قتل وخطف طائفي في بعض المناطق التي جرى تحريرها من تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار مثل الفلوجة والرمادي.
وقال أحد القيادات العشائرية المحلية وعضو سابق في مجلس محافظة نينوى التي تمثل الموصل عاصمتها: إن هذا التصرف يكشف محاولات الشيعة لتوسيع نطاق نفوذهم في شمال غرب العراق الذي يمثل السنة غالبية سكانه.
وقال الشيخ علي لرويترز هاتفيا: "الإخوة الشيعة استغلوا ظروف الحرب لتمهيد الطريق لمشروعهم.. وهذا تسلل تدريجي."
وطلب الشيخ علي عدم نشر بقية اسمه خوفا من تعرضه للانتقام.
وأضاف أن الهدف هو "تشييع مدينة الموصل. محاولة للهيمنة".
أما عبد الرحمن الوكاع، عضو المجلس الحالي لمحافظة نينوى، فقال إن ثمة قلقا بعد الإطاحة بداعش من تعدي الفصائل السياسية التي لها فروع مسلحة، ولم يكن لها من قبل وجود قوي في المنطقة.
وأضاف: "هذه المساعدات تجلبها فصائل أو أحزاب لها أجنحة مسلحة.. وعندما يأتي طرف سياسي إلى مدينة أو منطقة وله جناح مسلح؛ فالخوف أن يستخدم هذا الجناح المسلح لمآرب سياسية".
ونفى كريم النوري وهو من الشخصيات القيادية في ميليشيات الحشد الشعبي وجود أهداف سياسية وراء المساعدات.
وقال: "لا مكان لهذه المخاوف.. العمل الإنساني لا يعني تغييرا سكانيا".
ولتفادي التوتر الطائفي قال رئيس الوزراء العراقي، حيد العبادي، إن الجيش والشرطة هما الأجهزة الأمنية الوحيدة التي ستدخل الموصل في المعركة ضد داعش دون "الحشد الشعبي".
غير أن ميليشيات الحشد تشارك بالفعل في المعركة بحجة أن الضغوط تزداد على الجيش والشرطة غير المعتادين على مواجهة حرب العصابات وحرب الشوارع التي تبرع فيها داعش.
وفي نقطة توزيع أخرى للمساعدات قال أحد السكان المحليين إنه يخشى أن تتعدي ميليشيا الحشد الشعبي عسكريا على مدينة الموصل، مضيفا "السبب فيما يحدث في الموصل في المقام الأول هو الطائفية. وهذه لا تختفي".