مخاوف التغيير الديموغرافي في سوريا لصالح حلفاء إيران تتزايد مع التوصل لاتفاق جديد لتبادل السكان بين 4 مناطق في دمشق وإدلب
"إن عمليات خروج المدنيين من المدن التي تجري فيها مباشرة العمليات العسكرية لا ينبغي أن تفضي إلى تغيير ديموغرافي أو فرض واقع سكاني جديد في البلدات والمدن السورية، بل يتعين أن تجري عمليات الخروج بصورة كريمة وإنسانية، مع توفير الضمانات الكاملة لإعادة السكان إلى بلداتهم ومنازلهم فور انتهاء النزاع".
كانت هذه الكلمة جزءا من كلمة أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في الطارئ حول سوريا بعد معركة حلب، وحذر فيها صراحة من عملية تغيير في تركيبة السكان "تغيير ديموغرافي" تتعرض له حلب على وقع نتائج المعركة والتي ظفر بها الجيش السوري الحكومي مدعوما بإيران وروسيا.
وقال أبو الغيط وقتها بوضوح إن هناك نموذجا مقلقا لتهجير المدنيين من حلب؛ حيث يجري تفريغ شرق حلب من سكانها وتوطين أغراب محلهم، وأنه لا يتم تسجيل أسماء من يغادرونها، ولا يتم إثبات ملكيتهم لأراضيهم وعقاراتهم.
وحذر من أن هذا "له نتائجه على المدى البعيد، سواء فيما يتعلق بحق المدنيين في العودة أو فيما يتعلق بإثبات ملكية الأراضي والعقارات لهم، وهذا كله في ضوء ما يتردد من النية لتوطين سكان آخرين من خارج المدينة".
وكانت الأطراف المتحاربة في حلب (الجيش السوري وحلفاؤه سوريا وإيران من ناحية، وفصائل المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا من ناحية أخرى) وقعوا اتفاقا لإجلاء عناصر الفصائل المسلحة ومدنيين من شرق حلب عقب سيطرة الجيش السوري عليها إلى مناطق ما زالت خاضعة لفصائل المعارضة في غرب المدينة.
كما أشار أبو الغيط إلى أن هذا الأمر تكرر في مناطق أخرى.
- لماذا تستميت إيران على حلب؟
- تبادل إخلاء 4 مناطق بين الحكومة والمعارضة المسلحة بسوريا
- "الانسحاب مقابل الحياة".. خطة الأسد للسيطرة على مدن سورية
وهذا النموذج المقلق لعمليات التهجير الطائفي لم يحدث فقط في حلب، بل حدث أيضاً في حمص عام 2014 وفي داريا هذا العام، وفي كثير من المناطق المحيطة بدمشق.
ويبدو أن قائمة تغيير التركيبة السكانية ما زالت تتوسع، فعلى وقع المعارك الشرسة الدائرة بين الجيش الحكومي وفصائل المعارضة جرى توقيع اتفاقيات أخرى لإجلاء السكان أو تبادل السكان بين مدن سورية.
فاليوم الأربعاء، قالت مصادر حكومية و"المرصد السوري لحقوق الإنسان" (مركز معارض مقره لندن ويقول إنه يستقي أخباره من نشطاء) إنه سيتم إجلاء السكان الشيعة ببلدتين تقعان تحت سيطرة الحكومة مقابل إجلاء عناصر المعارضة السنة وأسرهم من بلدتين تخضعان لسيطرة المعارضة في إطار اتفاق عن طريق الوساطة بين الأطراف المتحاربة.
وتحاصر المعارضة المسلحة بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطن بهما عدد كبير مين الشيعة بمحافظة إدلب بشمال غرب سوريا، فيما تحاصر القوات الحكومية بلدتي الزبداني ومضايا بشمال غرب دمشق، الخاضعتين لسيطرة المعارضة، والقريبتين من الحدود اللبنانية.
ووصف رامي عبد الرحمن، مدير المرصد الأمر، بأنه تغيير سكاني على أساس طائفي، وأكبر اتفاق من نوعه على تبادل سكان.
وقال إن هناك استياء شديدا بسبب الاتفاق في مضايا.
وأضاف المرصد أن من سيتم إجلاؤهم من البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة سيذهبون إلى شمال سوريا.
في المقابل قال مصدر مقرب للحكومة لوكالة "رويترز" إن من المقرر بدء تنفيذ الاتفاق في 4 أبريل/نيسان المقبل، على أن يخرج 16 ألفا من الفوعة وكفريا "مقابل إجلاء كل متشددي الزبداني وكل متشددي مضايا وأسرهم".
وفي وقت سابق من مارس/آذار الجاري بدأت عملية إجلاء عناصر المعارضة المسلحة الذين رفضوا اتفاق المصالحة مع الحكومة السورية في مدينة حمص بوسط البلاد، والذي نص على الإبقاء على المعارضين الذين يقبلون بالمصالحة وترك العنف مع تسوية أوضاعهم، في حين يغادر المعارضون الرافضون للمصالحة إلى مناطق نفوذ المعارضة المدعومة من تركيا في شمال غرب سوريا، وخاصة شمال حلب ومدينة الباب.
والقلق من تغيير التركيبة السكانية لصالح الفصائل الموالية لإيران يخيم أيضا على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، والتي تشهد معركة حامية من جانب القوات العراقية لطرد تنظيم داعش منها.
ورغم تحرير معظم المدينة من داعش، إلا أن الفرحة لم تكد تعلو حتى عكرتها مخاوف وسط السكان من أن تستغل ميليشيات مدعومة من إيران، وخاصة فصيل "الحشد الشعبي"، ذلك في الحلول محل داعش وتغيير التركيبة السكانية بالمدينة.
ووصل الشك في هذه الميليشيات وأهداف بالبعض إلى اتهام إيران بتسهيل دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى الموصل في 2014، والتي اجتاحها بسهولة مثيرة للدهشة، كي تكون حجة لميليشيات تدعمها في العراق لدخول المدينة والقيام بدور عسكري وإغاثي فيها، وتغيير تركيبتها السكانية في إطار خطة إيران لمد نفوذها في المنطقة، وكما يحدث في مدن بسوريا.
وكانت اتهامات وجهت لهذه الميليشيات في وقت سابق بأنها تهدم منازل النازحين في الموصل لمنعهم من العودة، ولكي تحل محلهم سكانا شيعة.
ووحدات الحشد الشعبي المؤلفة من مجموعات من المقاتلين الشيعة مدعومين من إيران، لها وضع رسمي الآن، وتتهمها الأمم المتحدة وآخرون بتنفيذ جرائم قتل وخطف طائفي في بعض المناطق التي جرى تحريرها من تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار مثل الفلوجة والرمادي.
وفي اليمن يسعى الحوثيون إلى تغيير التركيبة السكانية في محافظات كصنعاء العاصمة وكذلك في مدينة تعز، وذلك بالزج بكثير من الموالين لهم وأيضًا الحوثيين القادمين من صنعاء.
ولمحافظة تعز أهمية استراتيجية بين المدن اليمنية، حيث يسهل من خلالها التمدد باتجاه باب المندب والكثير من الجبهات الهامة.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA=
جزيرة ام اند امز