طبول الصراع الإيراني التركي تدق مع اقتراب معركة تلعفر
ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران أعلنت أنها تستعد للسيطرة على تلعفر وكذلك عبور الحدود إلى سوريا رغم ما قد يثيره هذا من أزمات
مع اقتراب استكمال طرد تنظيم داعش الإرهابي من غرب مدينة الموصل، شمال العراق، تستعد بلدة تلعفر لمعركة "إقليمية" حامية في إطار الصراع الإيراني التركي حول مناطق النفوذ في العراق.
ففي مطلع الأسبوع أعلن نائب رئيس ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران، أبو مهدي المهندس، أنه على أتم الاستعداد لاقتحام قضاء تلعفر، شمال غرب الموصل، لطرد تنظيم داعش منها "رغم الحساسية التي يبديها البعض تجاهنا"، لكن "يبقى القرار للقيادة العامة للقوات المسلحة وماذا تريد في هذا الجانب".
ويشير المهندس بـ"الحساسية التي يبديها البعض" إلى الرفض التركي لتوغل ميليشيات الحشد في المناطق القريبة من الحدود مع تركيا، وخاصة تلك التي بها سكان تركمان تربطهم بتركيا روابط تاريخية.
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لتركيا كون أن بها غالبية من السكان التركمان، وذات أهمية استراتيجية لإيران لوجود سكان شيعة بها، كما أنها ذات أهمية استراتيجية للبلدين كونها قريبة من الحدود مع تركيا وسوريا؛ مما يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لأي عمليات حربية عبر الحدود.
كما يعود النزاع على تلك المناطق إلى النزاع التاريخي بين تركيا وإيران حول مناطق النفوذ في العراق عموما، وشماله خصوصا.
وردا على هذا قال نائب رئيس الميلشيات إن تلعفر "أرض عراقية نقوم بتحريرها وإرجاع سكانها بعد أن تعرضوا لأقسى جريمة من سبي وقتل".
ولا تتوقف خطط ميليشيات الحشد الشعبي عند الحدود العراقية، ولكن تمتد إلى داخل سوريا، حيث قال المهندس إن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غدا وفقا لمجريات المعركة".
وتأجيج التوتر حول تلعفر بين تركيا وميليشيات الحشد الشعبي الشيعي تعود إلى انطلاق عملية تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016.
وبدأت العملية وقتها في الجزء الشرقي من الموصل، وكان مكلفا بها القوات العراقية مدعومة بقوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
وتشكلت حينها ميليشيات الحشد الشعبي بحجة أن القوات العراقية تحتاج إليها في عمليات التوغل في شوارع الموصل وفي حرب المدن الذي لا تتقنه القوات النظامية.
وردًا على ذلك أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تعتزم تعزيز قواتها المنتشرة في بلدة سيلوبي على الحدود مع العراق، وأنه سيكون لها "رد مختلف" إذا أشاعت الفصائل المسلحة الشيعية الخوف في مدينة تلعفر.
وهذا الخوف المقصود به الخوف من انتقام الفصائل المسلحة من السكان السنة، خاصة وأن تنظيم داعش أخرج سكانًا شيعة في حين أبقى على بعض السكان السنة.
ووقتها قال الحشد الشعبي على موقعه الإلكتروني إنه بدأ التحرك نحو تلعفر: "ستكون تلعفر المدينة الجريحة والضحية وباقي المدن في مدى المناطق التي ستحررها السواعد المقدسة."
والمعركة السياسية الإقليمية حول تلعفر تلفت النظر إلى أن الصراع مع "داعش" يعيد تشكيل العراق؛ إذ يمنح القوى ذات المطامع التاريخية في العراق فرصة لتوسيع نفوذها بداخله تحت غطاء محاربة تنظيم داعش.
ومن المناطق الهامة التي وقعت في يد ميليشيات الحشد الشعبي في البلدة القاعدة الجوية المعروفة باسم مطار تلعفر، والتي تقع على بعد نحو 100 كيلو متر غربي الحدود السورية.
وقال قادة الحشد من قبل إن قاعدة تلعفر ستصبح بمثابة موقع انطلاق لقتال الإرهابيين في سوريا، رغم أن قوات الحشد لا تخوض القتال في سوريا رسميا، لكن عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة بعضهم عراقيون وآخرون من باكستان وأفغانستان ولبنان، يحاربون هناك في صف الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من إيران.
وفي الجزء الثاني من معركة تحرير الموصل، والمتعلقة بتحرير الجانب الغربي منها والتي بدأت 19 فبراير/شباط الماضي، ظهرت ميليشيات الحشد الشعبي بقوة، ولكن بشكل منفرد عن العمل المباشر في مناطق محددة مع القوات العراقية.
وتتركز عمليات الحشد في تلك العملية أيضا حول تلعفر؛ حيث أعلنت السبت الماضي عن قتل حسن يونس شختار ابن عم أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، في منطقة عمليات التنظيم بالبلدة.
وفي نفس اليوم جاء إعلان نائب رئيس الميليشيات بأنه يستعد لخوض معركة تلعفر "رغم حساسية البعض"، إضافة إلى إمكانية التوغل داخل الأراضي السورية.
واليوم الأربعاء أعلن واصلت الميليشيات تقدمها لليوم الثاني من العمليات التي تسميها "محمد رسول الله" باتجاه السيطرة على قضاء الحضر جنوب الموصل، والواقعة أيضا جنوب تلعفر .
وأمس الثلاثاء أعلنت تركيا أنها قصفت ميليشيات كردية تصفها بالإرهابية في مدينة سنجار، الواقعة غرب تلعفر؛ ما يعني اقتراب الخطوات الإيرانية والتركية من البلدة.
وتتبع مليشيات الحشد الشعبي التي تشكلت في عام 2014 رسميا الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي وكانت ذريعة تشكيلها هي تحرير الموصل من يد تنظيم داعش الإرهابي.
وقوبل اعتراف الحكومة بهذه الميليشيات بغضب من بعض العراقيين، تخوفا من أن تكون صورة للحرس الثوري الإيراني وصورة لحزب الله الشيعي، أي تحل محل الجيش الرسمي وتكون آداة في يد مرشد إيران.
وتشارك ميلشيات الحشد الشعبي مع القوات العراقية في عمليات طرد تنظيم داعش من الموصل، وسط اتهامات لها بأنها تقوم بكثير من العمليات بشكل منفرد دون تنسيق مع الحلفاء، وبأنها تقوم بإحلال سكان شيعة محل سكان سنة في المناطق التي يتم طرد داعش منها.
وفي عام 2016 تبرّأ الميجر جنرال جاري فوليسكاي، قائد القوات البرية التابعة للتحالف الدولي المشارك في المعركة ضد مقاتلي داعش، من ميليشيات الحشد الشعبي، قائلا إن التحالف لا يدعمها.