تلعفر.. طريق نهاية داعش مفروش بالصراعات الإقليمية
مع اقتراب فصائل الحشد الشعبي من تلعفر لقطع آخر طريق إمداد لداعش بالموصل، تلوح مخاوف طائفية وصراعات إقليمية في الأفق.
باتت استعادة تلعفر من إرهابيي تنظيم "داعش" قريبة، مع تحرك قوات الحشد الشعبي الطائفية باتجاه المدينة، ما يعيد المخاوف من جديد حول ارتكاب المقاتلين انتهاكات بحق سكان المدينة، أو طموحات لتغيير التركيبة الديموجرافية للمنطقة تنذر بصراع إقليمي.
وعبرت قوافل مركبات عسكرية تنقل قوات الحشد الشعبي، مساء الإثنين، أراضي صحراوية في شمال غرب العراق بسرعة في طريقها لتلعفر بعد طرد الإرهابيين من قاعدة جوية جنوبي المدينة قبل عدة أيام.
وتستعد قوات الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل تابعة رسميا للحكومة العراقية، لكنه يضم إلى حد كبير فصائل تدعمها إيران وموالية للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، لإتمام مهمة تطويق المدينة بقطع آخر طرق إمداد "داعش" غرب الموصل، والذي يأتي من الرقة أكبر معاقل الإرهابيين في شرق سوريا.
وقال أحد المقاتلين ضمن قافلة تتجه صوب تلعفر، فيما لوح شخص آخر بساطور في الهواء: "نحن ذاهبون إلى تلعفر لطرد داعش من أرضنا.. سندخل سوريا واليمن إن شاء الله".
المخاوف التركية والحشد الشعبي
ويقطع الطريق الرئيسي بين الموصل وسوريا مدينة تلعفر، التي بمجرد حصارها بالكامل، سيصبح مقاتلو الحشد الشعبي أول من يدخل المدينة، التي كان يعيش فيها مزيج من التركمان الشيعة والسنة قبل أن يجتاحها التنظيم المتطرف في 2014.
وشهدت تلعفر بعض أسوأ أعمال العنف الطائفي بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في 2003، لذا أثار دور الحشد الشعبي مخاوف من أن يسعى التركمان الشيعة الذين شردهم "داعش"، للانتقام من التركمان السنة الذين بقوا في المدينة.
وهو ما أدى بدوره إلى تحذير شديد اللهجة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالرد على قوات الحشد الشعبي في حال عكفت على ممارسة أية انتهاكات ضد السنة في تلعفر، في وقت عززت فيه أنقرة تواجدها العسكري على الحدود العراقية بدبابات ومدرعات.
وبعد استعادة مطار تلعفر، أعلن نائب برلماني عراقي عن محافظة نينوى، صباح الأحد، عن اتفاق تركي-عراقي بموجبه يخول للجيش العراقي الرسمي فقط دخول تلعفر، على أن يقتصر دور الحشد الشعبي باستعادة وتطويق المدينة دون دخولها.
وتقول منظمة العفو الدولية إن قوات الحشد الشعبي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في عمليات سابقة بما في ذلك جرائم حرب ضد المدنيين الفارين من الأراضي الخاضعة لسيطرة "داعش"، على غرار ما حدث في الفلوجة والأنبار.
تلعفر الإستراتيجية
يوضح هجوم تلعفر كيف يعيد الصراع مع "داعش" تشكيل العراق؛ إذ يمنح القوى المختلفة التي تصطف لمواجهة التنظيم الإرهابي، ورعاتها الإقليميين فرصة لتوسيع الأراضي الخاضعة لها وزيادة نفوذها.
وخلال شهر منذ انضمام فصائل الحشد الشعبي لمعركة الموصل، قامت بتطهير منطقة بمساحة نحو 200 كيلو متر مربع جنوب غربي المدينة تمر عبر معقل قاحل للسنة ذي كثافة سكانية منخفضة.
وتعد القاعدة الجوية المعروفة باسم مطار تلعفر، والذي يقع على بعد نحو 100 كيلو متر غربي الحدود السورية، موطئ قدم إستراتيجيا للحشد الشعبي بعد أن طرد منه الإرهابيين منذ أيام قليلة، رغم تهالكه منذ اجتياح "داعش" للمنطقة في 2014.
وقال قادة الحشد من قبل إن قاعدة تلعفر ستصبح بمثابة موقع انطلاق لقتال الإرهابيين في سوريا، رغم أن قوات الحشد لا تخوض القتال في سوريا رسميا، لكن عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة بعضهم عراقيون وآخرون من باكستان وأفغانستان ولبنان، يحاربون هناك في صف الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من إيران.