"مرجعية دم" و"مليشيات موت".. تسريبات صوتية تشعل العراق
تسريبات صوتية نسبت لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي تؤجج التوتر مع زعيم التيار الصدري ما يفاقم ضبابية مشهد بالغ التعقيد.
توتر يفاقم الأزمة السياسية التي يشهدها العراق جراء الخلاف المستدام بين طرفي البيت الشيعي؛ رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس ائتلاف دولة القانون وأبرز قيادات الإطار التنسيقي نوري المالكي.
وتدفع التسجيلات الصوتية التي سربها الناشط والصحفي علي فاضل، إلى احتدام ذلك الخلاف خصوصاً مع الرد الأخير للصدر الذي طالب فيه المالكي بتقديم نفسه للقضاء واعتزال السياسة.
ومنذ أيام، انشغلت الأوساط العامة بمضامين تسجيلات صوتية مسربة جاءت على أجزاء متتالية منسوبة للقاء جمع المالكي مع شخصيات لم يكشف عن هويتها حتى الآن.
ومع مهاجمة المالكي للصدر في الجزء الأول الذي وصفه فيه بـ"الجاهل"، ونسب إليه العمالة والتعاون مع إيران وبريطانيا، إلا أن ذلك لم يدفع رئيس التيار الصدري للرد مكتفيا بوصايا وجهها لأنصاره حينها بأن "لا تكترثوا لمثل تلك الخطابات".
الجزء الأخير
إلا أن الجزء الخامس والأخير من التسريب الصوتي أخرج الصدر عن دبلوماسية الرد بعد أن انفجر غاضباً على ما جاء فيه منسوبا لنوري المالكي.
وفي التسجيل المسرب، يتحدث المالكي وهو يحاور اثنين من جلسائه يدعون العمل تحت مرجعية دينية باسم "الميرزا"، وبغطاء مليشياوي عنوانه "أئمة البقيع"، ضمن تشكيل أوسع يطلق عليه "أمة الأخيار".
وتجاذب الشخصان مع المالكي مخططات لإراقة الدم بذريعة الحفاظ على المذهب الشيعي ورعاية مصالحه السياسية على أن يتبنى رئيس الوزراء السابق رأس هذا المشروع.
وسرعان ما تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع الجزء الأخير المسرب عبر غضب وجدل لم يخل من سخرية، بعد التهديد الذي أظهره بحرق الشارع وتثوير الدماء في حرب أهلية ضحيتها الأبرياء.
مفبركة؟
وكان المالكي قد نفى مسبقاً صحة التسريبات الصوتية في جزئها الأول ونسبها إلى "فبركة تقنية" يراد منها خلط الأوراق وإثارة الفتنة.
إلا أن توارد الأجزاء الأخرى من الجلسة السرية عزز من صحة تلك المقاطع ونسبها للمالكي خصوصاً أن الأخير لطالما عرف بالتصريحات الغاضبة التي تثير الصدام فضلاً عن كونه أحد أبرز الشخصيات التي عملت على تدشين ما يعرف بـ"الدولة العميقة".
واليوم، أعلن مجلس القضاء الأعلى أن محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلباً مقدماً إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إن محكمة تحقيق الكرخ "تجري حالياً التحقيق الأصولي بخصوصها وفق القانون".
وقبل يومين، قدم محامون طلب إخبار (طلب تحقيق) إلى الادعاء العام العراقي بشأن التسجيلات المنسوبة للمالكي والتي هاجم فيها أطرافا وقوى سياسية والجيش والشرطة وعددا من الدول.
وكان التسريب الخامس الأشد تأثيراً وتفاعلاً بين المقاطع المسربة. وغداة انتشاره وتداول الأسماء التي أظهرها التسجيل المسرب، رد "الميرزا"، المتهم بإدارة مخطط "الدم"، في بيان كتب بخط يده على صحة ما تم تداوله.
و"الميرزا" هو عبدالله الحائري الإحقاقي، إيراني الجنسية ولد عام 1963، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الفقه من كلية الإلهيات بجامعة طهران، بحسب معلومات متداولة.
ولم يعرف الميرزا انتشارا بين الأوساط الدينية والعامة، ولكنه عرف على مستويات التنظيمات المليشاوية لأول مرة عام 2012، أي إبان حكومة المالكي الثانية في العراق.
فتوى "الدماء"
ويمثل الإحقاقي، الذي يعيش في إيران، المرجعية العقائدية لما يعرف بمليشيا "أئمة البقيع"، وصاحب فتوى "الدماء"، من أجل نصرة المذهب الشيعي.
و"أئمة البقيع"، هي مليشيات تشكلت على وقع احتلال تنظيم داعش لمدن عراقية عام 2014، ودخلت في مواجهات مسلحة معهم.
ومنذ تشكيلها، أسندت المليشيات قيادتها إلى شخصية مغمورة غير معروفة إعلامياً يدعى أبو مجاهد التميمي، أو ما يعرف "سعد طعيمس" والذي مازال للآن على رأس ذلك الفصيل في العراق.
وللمليشيات أذرع في سوريا وعرف عنها البطش والنزعة الثأرية. ولها قيادات عديدة
و"تتواجد مليشيات "أئمة البقيع" في مناطق المقدادية وشهربان والهارونية والصدور وحمرين ومياح في ديالى شرقي العراق، وتتهم الجماعة بفرض إتاوات على الشاحنات وتجارة الممنوعات بينها الكحول والمخدرات.