العراق.. 3 نتائج للصراع بين بغداد والأكراد في كركوك
بوابة "العين" استطلعت آراء محللين سياسيين بشأن تأثير الصراع الحالي بين الحكومة المركزية في بغداد وقوات البشمركة في كركوك.
صراع عسكري جديد بين حكومة بغداد والأكراد يزيد من حدة الأزمة السياسية بين الأطراف بالعراق، حيث أعلنت القوات العراقية، الثلاثاء، سيطرتها على منشآت نفطية وأمنية من يد قوات البشمركة بعد يوم واحد من انطلاق العملية العسكرية التي خاضها الجيش العراقي في كركوك تحت مسمى عملية "حفظ أمن المدينة".
والأزمة الحالية بين الحكومة المركزية في بغداد وقوات البشمركة ليست الأولى في تاريخ العراق، ولكن توقيت الصراع المتزامن مع العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في محافظتي نينوى والأنبار، يثير تساؤلًا عن مدى تأثير التناحر الحالي بين القوات العراقية والأكراد على سير الحرب ضد التنظيم المسلح في معاقله الأخيرة.
واستطلعت بوابة "العين" الإخبارية آراء محللين سياسيين بشأن الصراع الحالي في كركوك.
مرحلة الخلافات الداخلية
وعقب إعلان نتيجة استفتاء استقلال إقليم كردستان في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، توالت الاتهامات بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية بشأن الإضرار بمصلحة العراق والعراقيين، واتخذت حكومة بغداد قرارات بهدف حصار أربيل ومحاولة الضغط لإرجاع حكومة مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، في نتيجة الاستفتاء.
وأبدى اللواء طلعت موسي، الخبير الاستراتيجي، رفضه للصراع الحالي بين بغداد وأربيل في كركوك، قائلًا: "كانت القوات المكونة من الجيش العراقي وقوات البشمركة وفصائل الحشد الشعبي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب يدا واحدة في الحرب ضد الإرهاب في الموصل، ونجحت القوى المشتركة في تحرير الموصل وتلعفر والريحانة وعانة خلال عام واحد، ولكن سرعان ما اندلعت الخلافات الداخلية بحثا عن السلطة، متخلين عن وحدة الصف".
ويعود الخلاف بين القوة الكردية والحكومة المركزية إلى عقود ماضية، خاصة أن كركوك غنية بـ5 حقول نفطية وآبار للغاز التي تسهم بشكل كبير في الاقتصاد العراقي، وأوضح موسى أن العلاقة الحالية بين الطرفين تتجه للأهداف الخاصة والابتعاد عن القضية الوطنية الواحدة وهي الهدف الذي تسعى له الدول الراعية للإرهاب بتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي.
ومن جانبها، وصفت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الصراع بـ"التشتت الواضح لجهود القوى المشاركة في الحرب على داعش".
وفي الـ13 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، نشر البشمركة قواتها داخل كركوك الواقعة شمال العراق، ولم يمر سوى 3 أيام حتى أطلقت القوات العراقية، بمساندة فصائل الحشد الشعبي، عملية عسكرية داخل المدينة التاريخية، لتنجح في فرض سيطرتها على القاعدة العسكرية كي وان، ومطار كركوك، ومركز المحافظة ومركز الشرطة ومحطة توليد الكهرباء ومنشأة غاز والحي الصناعي وحقلي باي حسن وأفانا النفطين شمال غربي المدينة.
تأثير الصراع
إعادة الإعمار
"مرحلة نوعية مختلفة تواجه الأطراف السياسية والعسكرية بالعراق، ما يعني أن تأثير الصراع في كركوك سيؤثر بشكل مباشر على مرحلة ما بعد داعش" بهذه العبارة أشارت نورهان الشيخ إلى خطورة العملية العسكرية الحالية، ما يجعل التشتت بين الأطراف أكبر عقبة في مرحلة البناء والتنمية بالمدن المحررة.
كما أضافت: "مرحلة إعادة الإعمار للمدن وإزالة آثار الحرب والدمار من الموصل وتلعفر وسنجار وتكريت والفلوجة، تتطلب المزيد من المال والمجهود والتركيز على تنفيذها، ولكن ومع انشغال القوات العراقية بالصراع مع القوى الكردية، يصبح الأمر صعبا تحقيقه بالصورة المطلوبة".
ورغم زوال مرحلة حالكة الظلام بعد طرد داعش من أغلب المدن العراقية، إلا أن الخلاف السياسي والعسكري الحالي يصبح أمرا غير هين، وله أثر مماثل على الشوارع والميادين والسكان، حيث سقط عشرات القتلى من الطرفين بعد اشتداد الاشتباك بمنطقة جنوب كركوك.
واعتبرت "الشيخ" أن المرحلة الحالية تتسم بالارتباك والانسحاب للحرب الداخلية، ما يزيد من الخسائر المادية وتدمير البينة التحتية والممتلكات، مؤكدة أن نتيجة الصراع تعطل أي جهود حكومية أو أممية في خطوات إعادة البناء والإعمار
إعادة المدنيين
وبعد أن أطلقت القوات العراقية أولى الرصاصات ضد قوات البشمركة، نزح عشرات المدنيين خارج كركوك، ما يضاعف من معاناة المدنيين العراقيين الذين لا يزالون مشردين خارج منازلهم ولن يتمكنوا من العودة للمدن المحررة، حيث سجل المجلس النرويجي للاجئين نحو 700 ألف عراقي مشرد.
الجهود العسكرية والسياسية المبذولة لعودة المدنيين لمدنهم أمر بالغ الصعوبة، ومع استمرار حركة النزوح الناتجة عن الحرب الداخلية بين الأطراف المحلية، يزداد الأمر تعقيدًا أمام وزارة الهجرة والمهاجرين العراقية.. هكذا حلل طلعت موسي تأثير الصراع على عودة السكان للمدن المحررة.
كما اتفقت نورهان الشيخ مع التحليل السابق قائلة: "إعادة توطين المدنيين عبء يتطلب ملايين باهظة لإصلاح المنازل والمباني وإعادة تشغيل المطاعم والمنشآت الحيوية، والوقت الحالي تصبح الأموال موزعة على إعداد خطط عسكرية وتسليح القوات".
ومع انشغال الحكومة العراقية بقرارات منع النواب الأكراد من حضور جلسات مجلس النواب، وإصدار أوامر بتحرك القوة العسكرية لمواجهة البشمركة، يصبح البرلمان والحكومة معطلين عن دورهما الحقيقي المطلوب تنفيذه.
وفي هذا السياق، رأت أستاذ العلوم السياسية أن المشهد السياسي بالعراق مرتبك نتاج الحرب الداخلية، ما يسمح لأطراف خارجية مثل إيران وتركيا بالتدخل في مساندة بعض الفصائل الموالية لها بالعراق.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز