من العراق إلى ليبيا.. تركيا "خنجر مسموم" في خاصرة العرب
غارات ونهب وحاضنة للإرهاب ونقل مرتزقة، سيناريوهات تركية مستمرة في المنطقة العربية منذ سنوات
إدانات مستمرة وتحركات دولية، لكبح نفوذ تركيا المزعزع لاستقرار المنطقة، حيث استدعت الخارجية العراقية، الأربعاء، السفير التركي في بغداد، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة ضد العدوان على أراضي البلاد.
الاحتجاج العراقي على التصرفات التركية لم يكن الأول، حيث استدعت بغداد سفير أنقرة على أراضيها مرتين خلال شهرين، التقرير التالي يرصد الأطماع التركية في المنطقة العربية من العراق إلى ليبيا.
خروقات في العراق
14 يونيو/حزيران 2020، شنت قوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية عسكرية تزعم أن هدفها حزب العمال الكردستاني، غير أنها غالبا ما تقتل وتصيب المدنيين.
وعلى إثر العملية العسكرية التركية التي تجرى بمشاركة طائرات إف 16 الحربية، قامت بقصف مناطق سنجار، قرة جوخ، قنديل، الزاب، آفاشين، باسيان، مخمور، وخواكورك في إقليم كوردستان.
وأثارت العملية التركية ردود فعل واسعة، حيث استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد مرتين، وكان آخرها في 17 يونيو/ حزيران الماضي.
ويوم الثلاثاء، ومع استمرار الخروقات التركية استهدفت طائرة مسيّرة، سيارة لحرس الحدود العراقي، ما أسفر عن مقتل 5 بينهم قادة وضباط برتب رفيعة.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقية إن الطائرة التركية استهدفت سيارة عسكرية في أربيل، وأسفرت عن مقتل قائدي اللواء الثاني والفوج الثالث بحرس الحدود.
فيما ذكرت وسائل إعلام عراقية، أن القصف جرى في منطقة برادوست الحدودية مع تركيا، التابعة لمحافظة أربيل.
أما على الصعيد السياسي، أعلن العراق أنه يحظى بدعم دولي كبير للرد على الاعتداءات التركية والخروقات العسكرية التي استهدفت البلاد.
وقال أحمد الصحاف، المتحدث باسم الخارجية العراقية، في وقت سابق اليوم الأربعاء، إن الدعم الدولي يتعلق بالحق في "الدفاع عن سيادتنا ووحدة أراضينا ضد الاعتداءات التركية".
من جانب آخر، يستخدم الرئيس التركي سلاح بناء السدود على نهري دجلة والفرات كسلاح لابتزاز سوريا والعراق، ما أدى إلى انعكاسات سلبية على النواحي الاقتصادية في البلدين، إذ باتت الكثير من المناطق تعاني نقصاً في المخزون المائي، وخللاً في منظومة الأمن الغذائي.
حاضنة للإرهاب في سوريا
على مدى السنوات الخمس الأخيرة، شنت تركيا عمليات عسكرية داخل سوريا بمعدل عملية واحدة كل عامين فكانت الأولى درع الفرات عام 2016 التي احتلت فيها الدبابات التركية الأراضي السورية لأول مرة من عام 2011.
وشنت تركيا عملية غصن الزيتون في 2018 التي هدفت إلى إنهاء وجود القوات الكردية في مناطق الحدود بين البلدين التي انتهت باحتلال أنقرة لمدن في الشمال السوري.
أعقبتها بعملية درع الربيع في مارس/آذار 2020 التي هدفت لوقف تقدُم الجيش السوري في مُحافظة إدلب وانتهت نهاية فاشلة.
وتهدف تُركيا في محافظة إدلب لجعلها منطقة خاضعة للفصائل والتنظيمات الإرهابية المدعومة منها التي تسير في فلكها.
وكثير ممن يسكنون مُحافظة إدلب، بحسب محللين الآن هُم ليسوا من أبنائها ولكنهم من أعضاء تلك التنظيمات والفصائل من كُل أنحاء سوريا الذين تم نقلهم إليها في السنوات الأخيرة.
وتهدف تُركيا إلى استمرار وضع هذه الجماعات في إدلب حتى بعد تسوية الصراع ومنع الحكومة السورية من ممارسة حقها في إدارة المحافظة، بخلاف تحويل المدينة إلى بؤرة لتصدير المليشيات والمرتزقة التابعة لأنقرة إلى العديد من الدول العربية وأبرزها ليبيا.
ولم تقتصر السيطرة التركية على حُكم مناطق إدلب من خلال المليشيات بل شملت عملية "تتريك" تضمنت تغيير الكتب المدرسية وتدريس بعض المواد باللغة التركية، وإنشاء مدارس تقوم بالتدريس باللغة التركية فقط.
وتُديرُ وزارة الصحة التركية المُستشفيات في هذه المُدن وترفع على مبانيها العلم التركي وليس السوري، بخلاف تغيير لافتات الطرق والميادين والمؤسسات العامة وأسماء الشوارع التي باتت تحمل أسماء تركية.
تصدير الإرهاب إلى ليبيا
دعم سخي من المرتزقة لشن الفوضي في ليبيا والسيطرة على ثروات البلاد، تقرير أمريكي، كشف عن الدور الخفي لتركيا التي أرسلت ما يتراوح بين 3500 و3800 مقاتل سوري إلى ليبيا الفترة الأخيرة.
وأوضح التقرير الصادر عن المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية، الشهر الماضي، أن أنقرة أرسلت ذلك العدد من المقاتلين "مدفوعي الأجر" إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
وكشف التقرير، أن تركيا عرضت الجنسية على "آلاف المرتزقة الذين يقاتلون مع مليشيات طرابلس ضد قوات الجيش الليبي".
وأشار إلى أن الجيش الأمريكي لم يجد دليلا على انتماء المرتزقة إلى تنظيمات متطرفة مثل داعش أو القاعدة، موضحا أن الدافع الأكثر ترجيحا لهم كان "الحزم المالية السخية، أكثر من الأيديولجية أو السياسة".
ودأبت تركيا على دعم حكومة الوفاق الليبية، عن طريق نقل الأسلحة، والمدرعات، والطائرات المسيرة بكثافة إلى طرابلس، فضلا عن آلاف المرتزقة السوريين.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، كشفت السفارة الأمريكية في ليبيا، عن إجراء السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند مباحثات مع مسؤولين أتراك في أنقرة من أجل إنهاء الصراع في ليبيا، ومطالبة تركيا بسحب المرتزقة.
وقال حساب السفارة الأمريكية في ليبيا، عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر،: "تشاور السفير نورلاند اليوم في أنقرة مع كبار المسؤولين الأتراك حول الحاجة الملحة لدعم الأصوات الليبية التي تسعى بصدق إلى إنهاء الصراع والعودة إلى الحوار السياسي الذي تيسّره الأمم المتحدة، مع احترام كامل لسيادة ليبيا وسلامة أراضيه".
وأضافت السفارة: "ناقشت الزيارة الخطوات اللازمة لتحقيق حل منزوع السلاح في وسط ليبيا، وتحقيق انسحاب كامل ومتبادل للقوات الأجنبية والمرتزقة، وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي، وتعزيز الشفافية والاصلاحات الاقتصادية".
وفي مطلع الشهر الجاري، اتهم تقرير حديث للمرصد السوري لحقوق الإنسان، مخابرات الرئيس التركي، بالدفع بآلاف التونسيين للقتال في ليبيا ضمن مرتزقتها هناك.
وبحسب المرصد فإن تركيا نقلت 17 ألف مرتزق سوري، و10 آلاف إرهابي أجنبي، إلى ليبيا، حتى الآن، لدعم المليشيات وحكومة فايز السراج الغير شرعية.
غارات ونهب ونقل مرتزقة، سيناريوهات تركية مستمرة في المنطقة العربية منذ سنوات، ولكنها تواجه عاصفة رفض وتحركات عربية لإحباط مخططات أردوغان.