انتخابات العراق المحلية.. جدل حول تعديل القانون تنفيذا لمطالب تشرين
سنوات على قرار حل مجالس المحافظات، تعكف القوى السياسية في العراق على ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها عبر الدفع بإرادتها وتضمينها في القانون الجديد المزمع تشريعه خلال الأيام المقبلة.
ومنذ إجراء أولى انتخابات مجالس المحافظات في البلاد ما بعد 2003، شكلت الدوائر المحلية موضع امتعاض وعدم رضا من قبل الشارع السياسي جراء سوء أدائها في إدارة المسؤوليات المناطة بها وعدها غطاءً للفساد وهدر المال العام.
وكان محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، تعهد خلال تقديم برنامجه الحكومي ونيل الثقة أمام البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بإجراء الانتخابات المحلية، وأكد لاحقاً تحقيقها عند عام 2023.
وعلى وقع فساد وانهيار لمقومات الدولة التي تسببت باندلاع احتجاجات خريف 2019، كانت السلطات العراقية وجهت بإلغاء مجالس المحافظات استجابة للمطالب الجماهيرية الغاضبة.
وتتباين المواقف والآراء بشأن أهمية تفعيل مجالس المحافظات مجدداً بعد أن بات الحديث مؤكداً بشأن تحديد موعد إجراء الانتخابات المحلية.
وغالباً ما تمثل الانتخابات المحلية للقوى السياسية مجساً مبكراً لتمثيلها الجماهيري ومدى إمكانيات الفوز والظفر بالمقاعد النيابية لاحقاً.
نظام "سانت ليغو"
وأثار تصريح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قبل أيام الجدل بشأن إجراء تعديلات على قانون انتخابات مجالس المحافظات بالعودة إلى تقسيم المحافظة إلى دائرة واحدة واعتماد نظام "سانت ليغو" القديم ووفق قاسم انتخابي بواقع 1.7 .
"سانت ليغو" هي طريقة رياضية في توزيع أصوات الناخبين على القوائم الانتخابية المشاركة، فتُقسم الأصوات على 1.3 تصاعدياً، حينها تحصل القوائم الصغيرة على فرص أكبر للفوز بمقاعد برلمانية، وكلما ارتفع القاسم الانتخابي، أي من 1.6 وأكثر، قلّت فرص تلك القوائم وزادت مقاعد الائتلافات الكبيرة.
وفي الـ20 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقد رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني اجتماعا مشتركا مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حضره رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جليل عدنان، خُصص لبحث المعوقات التي تواجه عمل المفوضية والاستعدادات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، كما كان مقررا لها في البرنامج الحكومي خلال العام المقبل".
تعديل قانون الانتخابات
وبحسب بيان رسمي لمكتب السوداني، جرى خلال الاجتماع استعراض ما تتطلبه المفوضية من دعم وإسناد على المستويين التشريعي والتنفيذي، من أجل مواصلة عملها على أكمل وجه. كما جرى الاتفاق على مواصلة التنسيق بين الحكومة والبرلمان لكل ما من شأنه تذليل العقبات أمام المفوضية.
وفي وقت سابق، كشفت لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم النيابية، عن الشروع بتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقال عضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة، محمد الشمري، إنه "يتم حاليا إعداد وتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات داخل لجنة الأقاليم والمحافظات".
وأوضح الشمري أن"إجراء الانتخابات يحتاج إلى ثلاث نقاط أساسية وهي توفر الإرادة السياسية، وهي موجودة بالفعل لدى الجميع، ووجود قانون ينظم العملية الانتخابية وهذا يناقش حاليا داخل اللجنة لاختيار الطريقة الانتخابية وهل ستكون طريقة "سانت ليغو" أو "سانت المعدل" أو الذهاب إلى الدائرة الواحدة أو المتعددة على مستوى المحافظة.
والنقطة الثالثة، بحسب الشمري، هي أن تكون هناك جهة فنية تشرف على الانتخابات، ويناقش حاليا موضوع بقاء أو تغيير المفوضية العليا للانتخابات وهذا سيقرر خلال الفترة القادمة".
وإذا ما تحرك البرلمان بمعية القوى السياسية بتغيير قانون الانتخابات والعودة إلى النظام القديم سيكون بمواجهة الصدر وأنصاره الذين يبدون ممانعة كبيرة إزاء ذلك.
ويتحدث مصدر مقرب من التيار الصدري لـ"العين الإخبارية"، أن "سعي بعض الأطراف السياسية لتمرير بعض التغيرات في قانون الانتخابات يأتي تحسباً لعدم تكرار خساراتهم التي لحقتهم في الاقتراع التشريعي المبكرة 2021".
ويضيف بالقول: "تحريك ذلك الأمر سيفرض على الصدر والقوى التي تتشاطر معه الرؤية في تغير الوجوه القديمة التي حكمت البلاد ما بعد 2003، في النزول إلى الشوارع مجدداً لوأد تلك المحاولات".
من جانبه يرى الأكاديمي إحسان الشمري، أن "العودة لمجالس المحافظات يأتي بناءً على قيد دستوري ليس على الحكومة الحالية فقط تحقيقه وإنما على الدولة المضي نحوه بشكل عام".
ويضيف رئيس مركز "التفكير السياسي" ، إحسان الشمري خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مجالس المحافظات ورغم اتخاذ قرار بحلها استجابة لمطالب تشرين لكن ذلك لا يؤمن العمل بعودتها، وخصوصاً مع تفرد بعض المحافظين في السلطات في ظل غياب الحكومات المحلية".
ويستدرك بالقول: "كما أن العودة إلى المجالس المحلية، أمر يرتبط بتوازن القوى في تلك المحافظات كونها تمثل مستوى التمثيل للأحزاب فضلاً عن ذلك اختبار للكيانات والأحزاب السياسية في استشعار إمكاناتها ومعرفة حجومها التي ممكن التعويل عليها في الانتخابات النيابية".