العراق.. المالكي يقرر خوض الانتخابات رغم معارضة داخل «الإطار التنسيقي»

في خطوة مفاجئة أعادت خلط الأوراق في الانتخابات البرلمانية العراقية، حسم رئيس "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، قراره بخوضها.
وحجز رئيس الوزراء العراقي الأسبق لنفسه التسلسل رقم واحد عن محافظة بغداد، في قرار اعتبره مراقبون تحدياً صريحاً لخيارات "الإطار التنسيقي"، ورغبة ضمنية في منافسة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني على منصب رئاسة الحكومة القادمة.
قرار ترشح المالكي على رأس قائمة "دولة القانون" يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التنافس السياسي داخل القوى الشيعية، ويضع "الإطار التنسيقي" أمام تحدٍ في الحفاظ على وحدته الداخلية.
وقالت مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن اجتماعاً جرى عقده الليلة الماضية في قصر المالكي بالمنطقة الخضراء ضم قيادات حزب "الدعوة الإسلامية" و"ائتلاف دولة القانون"، حسم فيها المالكي ترشحه للانتخابات الرئاسية في حال لم يتمكن البرلمان بدورته الحالية من تعديل قانون الانتخابات.
وأضافت المصادر المقربة من "ائتلاف دولة القانون"، "المالكي واجه اعتراضات وتحفظات من بعض قيادات حزب الدعوة الإسلامية، لا سيما تلك التي كانت تفضل استمرار دعم السوداني كمرشح "توافقي" داخل الإطار التنسيقي في المرحلة المقبلة، وعدم الدخول في صراع تنافسي مبكر قد يشتته".
لكن المالكي، بحسب المصادر، أبلغ أعضاء قيادة "الدعوة" و"دولة القانون" خلال اجتماع مغلق في بغداد، أنه "لن يعتزل العمل السياسي، وأنه يملك قاعدة جماهيرية واسعة في العاصمة والمحافظات، ويحق له خوض الانتخابات من موقعه التاريخي والسياسي"، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب "قيادة قوية تمتلك رؤية واضحة في التعامل مع تحديات الداخل والإقليم".
وأوضح: "إذا تمكنا من حصد غالبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 من نوفمبر/تشرين الثاني، سأكون المرشح لرئاسة الوزراء ولن نتنازل عن هذا المنصب مستقبلاً".
ودخل المالكي في الآونة الأخيرة في حالة صراع وخلافات واسعة مع السوداني، حيث تمكن الأول وعبر النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي من عرقلة عقد جلسات البرلمان وتمرير مشروع الموازنة.
ويعد المندلاوي زعيم "ائتلاف الأساس الوطني"، اليد الطولى للمالكي داخل هيئة رئاسة البرلمان، كما أنه أحد قيادات الإطار الشيعي الحاكم.
مفاجأة المالكي
قرار المالكي بالترشح فُسّر على نطاق واسع بأنه مقدمة لتحول الصراع مع السوداني من الغرف المغلقة إلى العلن، خصوصاً.
ويُعد المالكي بذلك الزعيم الشيعي الوحيد من جيل السياسيين التقليديين الذين قرروا خوض الانتخابات القادمة شخصياً، في وقت تتجنب فيه قوى سياسية كبرى الدفع بقيادات الصف الأول إلى واجهة الانتخابات مباشرة، في ظل تراجع الثقة الشعبية بالأحزاب التقليدية.
أدوات للتموضع
في سياق موازٍ، كشف القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، كمال الساعدي، أن الائتلاف نجح في بناء شبكة تحالفات واسعة مع أكثر من 12 جهة سياسية، بعضها من داخل "الإطار التنسيقي"، موضحاً أن ما يُعوَّل عليه فعليًا هو التحالفات التي ستُبنى بعد ظهور النتائج، كونها المعنية بتشكيل الحكومة المقبلة.
وأشار الساعدي في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن من أبرز الحلفاء حالياً "حزب الفضيلة بزعامة عبد الحسين الموسوي، وحركة بداية بزعامة غسان أبو رغيف، وتحالف النهج الوطني بزعامة وزير العمل الحالي أحمد الأسدي، وحركة البشائر بزعامة النائب ياسر المالكي (صهر المالكي)، وتيار القسم الوطني، وحركة همم بزعامة وائل جاسم (مقربة من المالكي)، والاتحاد الإسلامي لتركمان العراق".
وبحسب الساعدي "شكّل دولة القانون تحالفات محلية مع قوى شيعية في المحافظات المختلطة (الشيعة والسنة)، بينها تحالف صلاح الدين الموحد، وتحالف ديالى أولاً، وتحالف الحدباء في نينوى".
الانتخابات المقبلة
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية في نوفمبر 2025، وسط مؤشرات على تنافس محتدم داخل المكون الشيعي، وتحديات تتعلق بنسب المشاركة الشعبية، وموقف التيار الصدري الذي لا يزال يلوّح بعدم المشاركة.
ويرى مراقبون أن خطوة المالكي بالعودة للواجهة الانتخابية تمثّل مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر، وقد تُفضي إلى إعادة تموضعه في صدارة المشهد، أو ترسيخ واقع سياسي جديد يُقصيه تدريجياً، بحسب النتائج المرتقبة.
وحصلت قائمة "ائتلاف دولة القانون" بزعامة المالكي في الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت عام 2021 على 35 مقعداً، لكنه تمكن من إقناع كتل سياسية كردية وسنية لمنع التحالف الثلاثي الذي شكله زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع زعيم حزب "تقدم" محمد الحلبوسي و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بزراني، من تشكيل "حكومة الأغلبية السياسية".
ولا يزال العديد من القوى السياسية الشيعية تلقي باللائمة على المالكي الذي شهدت فترة ولايته الثانية سقوط عدد من محافظات العراق من بينها نينوى بيد تنظيم داعش الإرهابي عام 2014.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNDYg جزيرة ام اند امز