العراق «والصدر».. «العين الإخبارية» ترصد سيناريوهات «العودة التاسعة»
جاءت المؤشرات على عودة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، بمثابة زلزال سياسي يربك أوراق المشهد السياسي العراقي.
وقبل أيام ظهر الصدر بشكل نادر يخطب بين أنصاره، في وقت قالت مصادر متعددة إنه يمهد الطريق لعودته إلى المشهد السياسي، للمرة التاسعة تقريبا بعد انسحابات عدة كان آخرها منذ عامين عندما فشلت محاولته تشكيل حكومة دون منافسيه الشيعة.
وتأتي هذه التطورات على المشهد العراقي قبل فترة من الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في 2025، ما يعني أن الصدر يستعد لها، وبالتالي تثار تساؤلات عدة حول شكل المشهد السياسي العراقي، والتحالفات التي يمكن أن تعلن، والمخاوف من اضطرابات سياسية جديدة.
دلائل العودة
يقول محمد علي الحكيم المحلل السياسي العراقي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن عودة التيار الصدري ستغير المعادلات السياسية برمتها في العراق، معتبرا أن انسحابه قبل أقل من سنتين من العملية السياسية كان أمرا وقتيا، ورجوعه خلال الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون حتميا.
وإذا كان التيار الصدري قد انسحب من قبل 8 مرات وعاد، فإن العودة التاسعة ستختلف جذريا وستكون بمثابة اقتحام للعملية السياسية من أوسع أبوابها، وفق الحكيم.
ويرى المحلل السياسي العراقي أن الصدر لملم أوراقه ورص صفوف تياره، و"طرد الفاسدين" ضمن حزبه، متوقعا أن يكون بيان عودته "مزلزلا للخصوم" بالتحديد الإطار التنسيقي.
سيناريو معد؟
ويؤكد الحكيم أن انسحاب وعودة الصدر لا يمكن أن يكون دون سيناريو معد له مسبقا، لأن الرجل كان الفائز الأول في الانتخابات البرلمانية الماضية بحصوله على 73 مقعدا برلمانيا ويمتلك أكثر من 480 درجة وظيفية خاصة (أي مناصب عدة في أجهزة الدولة).
وأشار إلى أنه كذلك كان يمتلك عدة وزارات، والأمانة العامة لرئاسة الوزراء ومحافظ البنك المركزي و4 محافظين، ناهيك عن هذا رئيس الوزراء السابق كان مقربا للتيار الصدري، معتبرا أنه لا يمكن لشخص يمتلك كل هذه المناصب أن يقدمها لخصومه على طبق من ذهب ويجلس في البيت من دون سيناريو للعودة وبقوة، وفقا له.
وربما يرى البعض أن عودة الصدر قد تربك المشهد السياسي، وفق تقرير سابق لوكالة أنباء رويترز، إلا أنه مع ذلك من المرجح أن يرحب كثيرون من الغالبية الشيعية في البلاد بعودته، لا سيما أنصاره ومعظمهم من أتباعه المتدينين والفقراء الذين يعتبرونه "نصير الضعفاء".
موقف المرجعية الشيعية
وكانت إرهاصات عودة مقتدى الصدر تجلت بشكل واضح عقب لقاء مع علي السيستاني المرجع الأعلى لشيعة العراق، في مارس/آذار، على نحو أثار وقتها كثيرا من التساؤلات.
ويربط الحكيم بين هذا اللقاء وعودة التيار الصدري، إذ قال إن هذه المرة ستكون بمباركة المرجعية العليا في النجف بالتحديد، فالسيستاني كان قد استقبل مقتدى الصدر في حين أغلق أبوابه بوجه جميع الفرقاء السياسيين.
ويضيف أن هذا إن دل على شيء، فيدل أن التطلعات السياسية للمرجعية أقرب للصدر من جميع الفرقاء السياسيين وخصومه، لذلك كان استقباله بمثابة مباركة مرجعية، وإذنا شرعيا للانخراط في العملية السياسية.
تغيير مسمى التيار
وقد أعاد مقتدى الصدر تسمية التيار ليحمل اسم "التيار الوطني الشيعي"، الأمر الذي اعتبره مراقبون انتقادا مُبطنا للفصائل الشيعية المنافسة، التي يعتبرها غير وطنية وتدين بالولاء لإيران، وكذلك في محاولة لحشد قاعدته الشعبية الشيعية.
ويرى الحكيم أن هذا التغيير له كثير من الدلالات، أبرزها الانفتاح على الفضاء الوطني مع التمسك بالهوية الشيعية الإسلامية، كما أن التيار يريد الانفتاح على الأغلبية الصامتة التي تشترك معه في كثير من الأمور والقضايا، منها رفض المحاصصة والاستحواذ الحزبي من قبل أحزاب السلطة.
التحالفات السياسية
ويرى مراقبون أن التيار الصدري سيكون له شبكة تحالفاته ربما بعضها يكون مع أحزاب ضمن الإطار التنسيقي الشيعي، لا سيما أن لديه علاقات ممتدة مع كثير منها.
والإطار التنسيقي هو تجمع لأحزاب سياسية شيعية تشكل عام 2021، من الكتل الرئيسية الشيعية في البرلمان، وقد ظهر بوضوح عقب الانتخابات التشريعية في نفس العام عندما طعن على نتائجها التي حصد الأكثرية فيها التيار الصدري.
يقول الدكتور غازي فيصل مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التيار الصدري لديه مواقف واضحة من مختلف القضايا السياسية المهمة، التي على رأسها رفض استمرار المليشيات أو الفصائل المسلحة، وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية للدولة.
ويضيف أن التيار الصدري كان لديه مواقف واضحة كذلك فيما يتعلق بمكافحة الفساد، ومواجهة المحاصصة الطائفية، واعتماد نهج الإصلاح الجذري، والأهم، وفقا لفيصل، مواجهة الفوضى الأمنية التي تضرب البلاد.
ويقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية إن التيار الصدري سيواجه التنظيمات الراديكالية سواء المسلحة أو السياسية التي تتبع الإطار التنسيقي، وسيتجه إلى التحالف مع التنظيمات الشيعية المعتدلة والبعيدة عن الفساد، وهو أمر أشار إليه في خطابه الذي جاء مؤخرا.
ويرى الخبير السياسي العراقي أن شكل التحالفات التي سيقودها مقتدى الصدر سيتضح أكثر كلما اقتربت الانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن هناك أحزابا كردية وأخرى سنية ستكون مرحبة بالتحالف معه، وكذلك بعض المستقلين، معتبرا أن هذا الأمر سيشكل خصما من رصيد الأحزاب الداخلة ضمن الإطار التنسيقي.
aXA6IDE4LjIxNi43MC4yMDUg جزيرة ام اند امز