الحكومة الجديدة.. هل تجتث جذور الطائفية في العراق؟
فوز تحالف " سائرون" بـ 54 مقعدا، وضع مقتدى الصدر على رأس مفاوضات تشكيل الحكومة، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة المشهد السياسي بالعراق؟
لم يكن إعلان النتيجة النهائية للانتخابات البرلمانية العراقية، هو الفصل الأخير الذي يرسم ملامح المشهد السياسي. وتصبح المفاوضات بين التكتلات السياسية بشأن تشكيل الحكومة، كلمة فاصلة في مصير العراق خلال السنوات المقبلة.
فوز تحالف " سائرون" بـ 54 مقعدا من أصل 329 في البرلمان، وضع مقتدى الصدر زعيم التحالف على رأس مفاوضات تشكيل الحكومة، ما يطرح تساؤلات عديدة بشأن شكل الحكومة وطبيعة التيارات المشاركة فيها.
الطائفية إلى أين؟
"أنا مقتدى.. شيعي في العُلا، سني الصدى، مسيحي الشذى، صابئي الرؤى، إيزيدي الوَلا، إسلامي المنتهى، مدني النُهى،عربي القنى، كردي السنا،آشوري الدُنى، تركماني المُنى، كلداني الفني، شبكي الذُرى.. (عراقي أنا).".. تغريدة أعلن عبرها زعيم التيار الصدري، رغبته في طبيعة تحالفات الحكومة المقبلة.
ورغم لقاء الصدر مع زعيم قائمة الفتح هادي العامري، إلا أن موقف الأول لم يتغير بشأن عودة المحاصصة والطائفية، مشيرًا في أكثر من مرة إلى نيته الأكيدة نحو تحالف عراقي شامل لقيادة العراق بمرحلة " ما بعد داعش"
وقال نعمان المنذر، الباحث العراقي، إن " التحالف بين الصدر والفتح أمر مستبعد، خاصة وأن مليشيات الحشد الشعبي ذراع إيران بالعراق هو العمود الفقري لهذا الائتلاف"، معتبرًا أن خروج الفتح من تشكيل الحكومة المقبلة صفعة قوية لطهران.
وأضاف في تصريحات لـ " العين الإخبارية"، " لقاء الصدر مع العامري يشير إلى ثمة انشقاقات في ائتلاف الفتح، ما يؤكد على أن حلفاء إيران يفقدون شعبيتهم تدريجيًا أمام العراقيين".
ولم يكن الفتح هو الائتلاف الوحيد المرفوض وجوده في الحكومة، بل تجاهل الصدر نور المالكي وقائمة دولة القانون التي يتزعمها طوال تصريحاته، مؤكدًا على أن التخندق الطائفي مرفوض عودته لبلاده.
وأوضح مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، عدم قدرة أي كتلة سياسية على تشكيل الحكومة بمفردها، نظرًا أن تشكيل حكومة يتطلب 165 مقعدا برلمانيا وهي نتيجة لم يحققها أي ائتلاف بانتخابات 2018.
وأشار غباشي في تصريحات لـ " العين الإخبارية"، إلى أن نور المالكي يصبح خارج الصورة تماما، مؤكدًا على أنه جزء من المعادلة السياسية المعقدة التي ترفضها جميع الأطراف العراقية.
من هو رئيس الحكومة؟
وخلال جولة المشاورات، لم يغفل الصدر عقد لقاءات مع رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، خاصة وأن الأخير جاء ثالث النتائج الانتخابية بـ 42 مقعدا، ويمتلك علاقات جيدة بالولايات المتحدة الأمريكية كونه حليف في الحرب ضد داعش
التوافق بين الصدر والعبادي في التصريحات والمصالح السياسية، في إلغاء الهيئات الاقتصادية للأحزاب، ورفض تشكيل الحكومة على المحاصصة، يطرح تساؤل هل يتولى العبادي الحكومة مرة ثانية؟
وفي هذا الشأن، اتفق المنذر وغباشي، على أن العبادي هو الاسم المرشح بقوة لتولي رئاسة الحكومة الائتلافية، مؤكدان على قيادة الصدر المفاوضات وترك رئاسة الوزراء لزعيم ائتلاف النصر.
ووجد الباحث العراقي، أن رفض العبادي لائتلافي الفتح ودولة القانون، والتزامه بتشكيل حكومة تكنوقراط تضم باقي الكتل الفائزة بالانتخابات، يصب في صالح العراق ويسرع من تشكيل الحكومة المقبلة.
بينما أرجع غباشي سبب تولي العبادي رئاسة الحكومة، كونه الوجه السياسي الأكثر تفاهما مع جميع الأطراف الخارجية، إضافة لشعبيته التي حظي بها لدى العراقيين بعد الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
مصير حزب الدعوة
وتحدثت عدة وسائل إعلام عراقية، عن أن الصدر قد اشترط على العبادي رئيس الوزراء المنتهية ولايته، الخروج من حزب الدعوة الإسلامية، للحصول على مقصد رئيس الوزراء لولاية جديدة.
ورأي المنذر، أن هذا الشرط ربما يصبح مقبولا بشكل كبير من العبادي، ما ينهي على حزب الدعوة في الحياة السياسية، مشيرًا إلى أن الخلاف القائم بين العبادي والمالكي يتم توظيفه لصالح مشاورات الحكومة المقبلة.
وتابع قائلًا " استطاع العبادي الإطاحة بالمالكي من رئاسة الحكومة وترك رئاسة حزب الدعوة له، وبموافقة العبادي على شرط الصدر يصبح مشاركة حزب الدعوة والمالكي بالحكومة أمر منتهي".
وظل حزب الدعوة مهيمن على رئاسة الحكومة منذ عام 2005، بداية من إبراهيم الجعفري، وصولًا لنور المالكي، وحيدر العبادي.
أطراف محايدة
وعن باقي الكتل السياسية في تشكيل الحكومة، ألمح غباشي، إلى أن تيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم، يصبح له تمثيل داخل الحكومة دون تأثير حقيقي، واصفًا مواقفه السياسية بـ المواقف غير الواضحة
وأضاف " عمار الحكيم وإياد علاوي أصوات بلا تأثير سياسي، تحقق توازن بشكل محدود في تشكيل الوزارات".
وفي الوقت نفسه وصف الأكراد بالكتلة الخاسرة، خاصة بعد صعوبة تنفيذ اتفاقهم مع كتلة السنة، التي تراجعت في نتائج الانتخابات.
بينما اعتبر المنذر، أن تكرار اللقاءات بين الصدر والحكيم، يبشر بنتائج جيدة لملامح الحكومة المقبلة، مشددًا على أن تيار الحكمة له مواقف رافضة لسياسة الحشد الشعبي وحلفاء طهران بالعراق.
وتوافقت تصريحات الحكيم مع الصدر، بقوله " نعمل على أن تكون الحكومة العراقية المقبلة حكومة أغلبية وطنية، وحريصون على أن تشكل بقرار عراقي مستقل"، مؤكدًا على تجديد التحالف مع قائمة سائرون.