انتخابات العراق..7 مشاهد بالنتائج ورسائل لإيران
تقدم تحالف سائرون فى نتائج الانتخابات العراقية، رغم الفتاوى المضللة من إيران ضد التحالف كان بمثابة رسالة لطهران.
بقيادة مقتدى الصدر والحزب الشيوعي تصدرت قائمة" سائرون" نتيجة الانتخابات البرلمانية العراقية، وحصل تحالف سائرون على 54 مقعدا برلمانيا، بينما جاء تحالف الفتح في المرتبة الثانية بـ 44 مقعدا.
وعلى عكس جميع توقعات المراقبين الدوليين، جاء ائتلاف النصر برئاسة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في المرتبة الثالثة بحصوله على 39 مقعدا، فيما حصلت قائمة نور المالكي"دولة القانون" على 25 مقعدا، وبنتيجة مقاربة جاء ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي في المرتبة الرابعة.
النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية حملت دلائل عديدة، تشير إلى شكل المشهد السياسي العراقي المرحلة المقبلة.
وترصد" العين الإخبارية" ملامح العراق ما بعد تنظيم داعش الإرهابي، وتفسيرات النتائج في أهم المحافظات العراقية.
تصدر سائرون
تقدم تحالف سائرون الذي يتزعمه مقتدى الصدر مع الحزب الشيوعي العراقي بزعامة رائد فهمي وأحزاب الاستقامة والتجمع الجمهوري والدولة العادلة في 10 محافظات، رغم الفتاوى المضللة من إيران ضد التحالفات مع التيارات الليبرالية واليسارية في انتخابات العراق.
وقال نعمان المنذر، الباحث العراقي، إن " النتائج الأولية لانتخابات برلمان 2018، يعد دليلا واضح على انتصار الهوية العراقية على الطائفية"، مشيرًا إلى أن التقسيم الجغرافي كان دافعا لتصويت الناخبين، متجاهلين النوازع الطائفية، خاصة وأن نسبة التصويت بلغت نحو 44.52% من إجمالي الأصوات الصحيحة.
وفي المقابل تراجعت قائمة دولة القانون التي يتزعمها نور المالكي إلى المرتبة الرابعة، ما يعني أن هذا التحالف سيواجه رفضا على الصعيدين السياسي والشعبي أثناء تشكيل الحكومة الائتلافية للعراق، نظرًا لأن التحالف بين الصدر والمالكي أمر مستحيل، بحسب تحليل الباحث العراقي.
وتشكل كتلة الأصوات الحزبية أو ما يعرف بكتلة" الأصوات المستقرة" نحو 30% من إجمالي أصوات الناخبين العراقيين.
المدنية تعود
وتابع المنذر في تصريحات لـ" العين الإخبارية"، قائلًا "فوز سيدات على قائمة سائرون في مدن النجف والناصرية، رغم ما محاولات إيران لتشويه التحالف بين مقتدى الصدر والحزب الشيوعي، تعد رسالة رفض واضحة من العراقيين لتدخل طهران في المشهد السياسي".
كما أوضح أن تفوق امرأة كردية على قائمة بغداد، مؤشر لعودة المدنية للعراق، مؤكدًا أن بعد 4 تجارب انتخابية بدأ العراق يتلمس خطواته الأولي للطريق الصحيح بعيدًا عن الطائفية.
وجاءت مشاركة السيدات بانتخابات البرلمان العراقي 2018 الأكثر للمرأة العراقية كمرشحة، حيث شاركت نحو 2000 سيدة في الانتخابات البرلمانية الأولى ما بعد دحر تنظيم داعش خارج الأراضي العراقية، ويخصص قانون الانتخابات 83 مقعدا للسيدات.
هزيمة إيران
التحالفات في انتخابات العراق أشارت بشكل كبير إلى الرفض السياسي لإيران، لكن نتائج الانتخابات وهتافات العراقيين بعد تفوق تحالف سائرون في النتائج، كان بمثابة بداية النهاية للأيديولوجية السياسية التي حاصرت العراق طوال السنوات الماضية.
" إيران بره.. بغداد تبقى حرة"بهذه الهتافات سار العراقيون في ساحة التحرير في بغداد، معلنين رسالتهم الأخيرة للنظام الإيراني وأعوانه في المشهد السياسي.
ووجد الباحث العراقي نعمان المنذر أن الخلاف الواضح بين المالكي والعبادي من جهة، والخلاف بين العبادي ومليشيا الحشد الشعبي من جهة أخرى، ترسم ملامح الانقسامات المتوقع حدوثها أثناء مرحلة تشكيل الحكومة، مرجحًا أن حزب الدعوة الإسلامي وتحالف الفتح سيشهدان انقسامات كبرى الشهور المقبلة.
الموصل ترد الجميل
بنحو 7 مقاعد تقدمت قائمة النصر برئاسة العبادي عن باقي القوائم الانتخابية في محافظة نينوى، الأمر الذي اعتبره نعمان المنذر، رد جميل من أهالي مدينة الموصل للعبادي على دوره في الحرب ضد داعش ودحره عن باقي الأراضي العراقية.
وبهذه النتيجة تصبح الموصل المدينة الأعلى تصويتا لقائمة العبادي.
وكان رئيس الوزراء العراقي أعلن تحرير مدينة الموصل في يوليو/ تموز الماضي بعد 9 أشهر من الحرب المتواصلة ضد الإرهاب.
الخطاب الفائز
طوال فترة الدعاية الانتخابية، لجأ تحالف سائرون لخطاب محاربة الفساد، وإصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة، ربما تماشى هذا الخطاب مع المزاج العام للناخب المستقل، خاصة وأن العراق يعيش مرحلة إعادة الإعمار والبناء.
وأرجع"المنذر" تفوق تحالف سائرون وتراجع قائمة النصر وانهيار قائمة دولة القانون، إلى طبيعة الخطاب الذي استخدمه كل تيار منهم، قائلًا "مقتدى الصدر اعتمد على خطاب محاربة الفساد، ما رجح كفته في أغلب المحافظات العراقية، وفي الوقت نفسه لم يكن خطاب العبادي مقنعا للناخبين خاصة وأنه يرأس الحكومة الحالية دون أي تغييرات في محاربة المفسدين، إضافة إلى أن تراجع شبيعة المالكي بعد دخول داعش للعراق عام 2014".
نسبة المشاركة
وسجلت العاصمة بغداد المحافظة أقل نسبة مشاركة في التصويت مقارنة بالأعوام الماضية، وفي الوقت نفسه شهدت الانتخابات البرلمانية عزوفا كبيرا من الناخبين الشباب.
وفسر الباحث العراقي، عزوف الشباب وتراجع نسبة مشاركة بغداد، لرفض العراقيين خطاب الطائفية، مؤكدًا أن التجارب الانتخابية السابقة منذ 2003 أدت إلى فقدان الشباب الأمل في التغيير وعزوفهم عن المشاركة.
وتعد نسبة المشاركة في انتخابات برلمان 2018 هي الأقل خلال 13 عاما. وفي انتخابات 2005 وصلت نسبة المشاركة لـ 79%، وفي 2010 تخطت 64%، وفي 2014 وصلت إلى 60%.
تصويت عقابي
رغم المخاوف التي أحاطت بمشاركة النازحين في التصويت، لكن الإجراءات التي فعلتها المفوضية العليا للانتخابات العراقية داخل المخيمات أزال هذا العائق أمام الناخب العراقي.
فالمفاجأة في نتيجة الانتخابات لم ترتبط بنسبة المشاركة، بقدر ارتباطها بالتوجه السياسي للناخب.
وفي محافظة الأنبار تصدرت قائمة "الأنبار هويتنا" النتيجة بـ 8 مقاعد، وبعدها ائتلاف النصر والقرار العراقي وائتلاف الوطنية بقيادة إياد علاوي.
وأوضح الباحث العراقي نعمان المنذر أن نتيجة الأنبار التي تشكل ثلث مساحة العراق، يعد تصويتا عقابيا من الناخبين للقوائم التابعة لفكر حزبي الدعوة والإسلامي، إضافة إلى اتجاه مزاج الناخب للخطاب الخدمي المتعلق بإعادة النازحين لمنازلهم، وبناء المدن المحررة من داعش، وهو نفس خطاب قائمة الأنبار هويتنا.