الصراع على نتائج الانتخابات يُكثف دوامة الأزمات في العراق
لم يتبق أمام العملية السياسية في العراق سوى ثلاثة أسابيع وتدخل مرحلة الفراغ الدستوري.
لم يتبق أمام العملية السياسية في العراق سوى ثلاثة أسابيع وتدخل مرحلة الفراغ الدستوري، في وقت تترقب الأطراف السياسية العراقية نتائج إعادة العد والفرز يدويا، وفقا لما أقره البرلمان في 6 يونيو/حزيران الحالي.
على مدى نحو شهر من إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، شهدت الساحة العراقية توترا ملحوظا في الصراع بين الأطراف السياسية، إضافة إلى الضغوطات الإيرانية التي تسعى لتشكيل كتلة وحكومة تابعة لها كي تستمر بتوسعها في المنطقة، الأمر الذي جعل محاولات الأطراف الفائزة لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان تراوح في مكانها.
وأقر البرلمان العراقي في جلسة استثنائية عقدها 6 في يونيو/حزيران الحالي، إجراء عملية فرز يدوي لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق، وصوت البرلمان في الجلسة التي عقدت بحضور 172 نائبا على عدد من مواد قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب العراقي.
وشملت مواد التعديل إلزام مفوضية الانتخابات بإعادة العد والفرز اليدوي لكل المراكز الانتخابية في عموم العراق، وانتداب تسعة قضاة لإدارة مجلس المفوضية بدلا من مجلس المفوضية الحالي، وتوقيف أعضاء مجلس المفوضين الحاليين ومديري مكاتب المحافظات عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق، ونصت قرارات البرلمان أيضا على إلغاء نتائج تصويت الخارج، والتصويت الخاص في إقليم كردستان، وإلغاء نتائج تصويت مخيمات النازحين.
مصادر مطلعة من داخل مفوضية الانتخابات أكدت لـ"العين الإخبارية" أن عملية إعادة العد والفرز اليدوي ستبدأ نهاية الأسبوع الحالي بإشراف 27 قاضيا، تسعة منهم يحلون محل مجلس المفوضين، أما الـ18 الآخرين فسيشرفون على عملية العد والفرز في جميع محافظات العراق، مبينة أن العملية تحتاج إلى نحو 10 آلاف موظف في جميع أنحاء العراق.
ما يشهده العراق من أزمة سياسية وصراعات، يصفها الخبير السياسي عبدالغني علي يحيى، بأنها "لا تبشر بخير"، مشيرا إلى أن العد والفرز اليدوي لن يخلو من التزوير، ويضيف لـ"العين الإخبارية" أن إعادة العد والفرز تعد استهدافا للأطراف الفائزة.
ويعتبر "علي" الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة التي جرت في 12 مايو/أيار الماضي، آخر انتخابات في تاريخ العراق، لافتا إلى أن البرلمان المقبل سيكون برلمانا هزيلا جدا.
وتابع علي يحيى أن نتائج العد والفرز اليدوي لن ترضي أطرافا سياسية أخرى مثلما لم ترض نتائج العد والفرز الإلكتروني أطرافا أخرى خسرت عددا من مقاعدها في البرلمان، مبينا "إذا اعترض عدد من الأطراف السياسية على العد والفرز اليدوي فإن الصراع سيستمر، وسنكون على موعد مع تصادم مسلح بين هذه الأطراف، وندخل في دوامة لن تتوقف".
ونشب حريق في مخازن مفوضية الانتخابات في جانب الرصافة في مدينة بغداد عصر 10 يونيو/حزيران الحالي، وكانت المخازن، بحسب مسؤولين أمنيين عراقيين، تحتوي على صناديق اقتراع جانب الرصافة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدها العراق في 12 مايو/أيار الماضي.
وبعد وقت قصير من اندلاع الحريق، طالب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بإعادة الانتخابات البرلمانية في العراق، ووصف في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، الحريق بالمتعمد، والمخطط له، مبينا "الحريق يهدف إلى إخفاء حالات التلاعب وتزوير الأصوات وخداع الشعب العراقي وتغيير إرادته واختياره. إننا ندعو إلى إعادة الانتخابات بعد أن ثبت تزويرها والتلاعب بنتائجها".
ويلفت الخبير السياسي علاء النشوع، إلى أن العملية السياسية في العراق متأرجحة، في ظل مناكفات سياسية كبيرة بين الكتل السياسية أدت إلى حدوث حالات تزوير في الانتخابات، ويوضح لـ"العين الإخبارية" أن هناك حالة فقدان الثقة بين هذه الكتل هي التي أثرت بشكل مباشر على النتائج، وستكون لهذه النتائج عواقب وخيمة على مجريات الحياة السياسية، وهي أول منطلق للتشكيك وانهيار العملية السياسية بالكامل، مضيفا أن الحكومة الجديدة لن تتشكل بالسرعة الممكنة، لأن تشكيلها يحتاج إلى توافق الكتل السياسية، والكتل السياسية العراقية دخلت الآن مرحلة عدم الثقة.
ويردف النشوع أن هناك تدخلات دولية وإقليمية في العراق، ويضيف "الولايات المتحدة هي الأقوى وهي التي تتحكم بالصراع، وإذا كانت واشنطن تريد الحفاظ على العراق، فسيكون تدخلها مباشرا وستسحب البساط من إيران ومن الكتل التابعة لإيران".
يذكر أن الحكومة العراقية الحالية ستصبح حكومة تسيير أعمال في الأول من يوليو/تموز المقبل، وتدخل فترة فراغ دستوري يصفها غالبية الخبراء السياسيين بالحساسة والخطيرة، ويرون أن حكومة تسيير الأعمال لن تكون قادرة على إدارة البلاد، خصوصا أن العراق يعاني العديد من الأزمات، لذلك إذا ألغيت الانتخابات فإنها ستنظم مجددا في ديسمبر/كانون الأول القادم مع انتخابات مجالس المحافظات، وهي مدة يعتبرها الخبراء طويلة، مشيرين إلى أن العراق سيواجه تحديات كبيرة إذا ألغيت نتائج الانتخابات الحالية.
ويكشف الخبير السياسي ربيع الجواري، عن أن التجاذبات الحالية دخلت في مرحلة الصراع المسلح بين الأطراف السياسية من خلال عودة الاغتيالات والتصفيات في بعض المدن العراقية، مؤكدا لـ"العين الإخبارية" أن خروج الانتخابات ونتائجها من يد طهران، ستدفع بالنظام الإيراني إلى زعزعة الوضع في العراق بشكل أكبر، واستهداف الرموز الوطنية العراقية خلال المرحلة المقبلة.