كاتب بريطاني: حرق قنصلية إيران ينهي ثقل طهران الديني في العراق
باتريك كوبرن: حريق القنصلية الإيرانية بالنجف له دلالة كبيرة لأنها تعدّ موطنا للمرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني
قال الكاتب البريطاني، باتريك كوبرن، إن تدمير القنصلية الإيرانية في مدينة النجف، جنوبي العراق، مؤشر على تخلي كثير من الشيعة عن أي تضامن ديني مع طهران التي تدعو الاحتجاجات لإسقاط نفوذها بالبلاد.
- صحف غربية: أحداث "ذي قار" نقطة تحول في الاحتجاجات العراقية
- الأمم المتحدة تدعو بغداد لضبط النفس وحماية المتظاهرين
وأضاف كوبرن، خلال تحليل له منشور بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن حريق القنصلية الإيرانية في مدينة النجف له دلالة خاصة على وجه التحديد؛ لأنها تعدّ موطنا للمرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، وتدميرها يعد مرحلة جديدة في تصعيد الأزمة.
وأشار إلى أن دعوة السيستاني الحكومة للقيام بإصلاحات ووضع نهاية لعنف قوات الأمن لم تلق أي جدوى، لافتا إلى أن النخبة السياسية توصلت إلى أنها تواجه تهديدا وجوديا ويجب عليها سحق الاحتجاجات باستخدام كل الوسائل الممكنة.
ورجح الكاتب البريطاني أن يؤدي هذا الحدث إلى رد فعل أكثر عنفا من جانب الجيش العراقي، الذي يقول إنه يشكل "خلايا أزمة" مدنية عسكرية خاصة؛ "لفرض واستعادة النظام"، وهذا بالرغم من حقيقة أن إطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم جاء بنتائج عكسية وأدى فقط لزيادة تأجيج الغضب.
وأوضح أن الاحتجاجات التي بدأت صغيرة منذ شهرين وكانت تطالب الحكومة بتوفير فرص عمل وإنهاء الفساد وتوفير الخدمات الضرورية، مثل الكهرباء والماء، تسبب رد الفعل العنيف من جانب السلطات إلى تحولها لأكبر تهديد على الوضع السياسي الراهن في العراق منذ عام 2003.
ولفت إلى أن عمليات القمع كان وراءها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد مليشيا "فيلق القدس"؛ إذ يبدو أنه نشط مبكرا بتدابير مضادة تم التخطيط لها مسبقا لينفذها مسؤولو الحكومة العراقية وقادة المجموعات شبه العسكرية المقربة من إيران، وذلك قبل أن تشكل الاحتجاجات أي تهديد حقيقي على الوضع الراهن.
ورأى أن حقيقة وجود المظاهرات جميعها في مناطق الشيعة وليس السنة أو الأكراد تجعلها تشكل تهديدا على النخبة الحاكمة.
وفي تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، قالت إن الغضب حيال من يتم اعتبارهم حصلوا على منافع منذ هزيمة تنظيم داعش أجج مشاعر السخط.
ونقلت عن أحد المحتجين (22 عاما) قوله: "في البداية كان بضع عشرات فقط يحتجون. لكن عندما سمع الناس طلقات الرصاص وشاهدوا أبناءهم الشباب يقتلون، غادروا منازلهم. أصبح أمرا متعلقا بالشرف والعام. قررنا تحرير مدننا".
وعدّ نشطاء أن الغضب تجاه المليشيات والأحزاب السياسية بدأ مع هزيمة داعش، عندما عاد الشباب من الحرب ليجدوا قادتهم أصبحوا جنرالات حرب يجمعون الثروات وعقود الأعمال التجارية.
وقال محمد، ناشط حقوقي: "خلال الانتخابات، منح الساسة الناس أغطية، وعينوا البعض في الشرطة، ومهدوا الطرق.. بتلك الطريقة فازوا بأصوات الناس. بعد 16 عاما من الحكم الطائفي، الأطفال الشيعة الآن يقولون إن الأوضاع كانت أفضل تحت حكم الرئيس الراحل صدام حسين".
وفي 2014، سيطر تنظيم داعش الإرهابي على مساحات شاسعة بالعراق وارتكب خلالها جرائم ضد الإنسانية وسرق ونهب خيرات البلاد وقتل المئات قبل أن تتمكن بغداد في نهاية 2017 بعد أكثر من 3 سنوات من استعادة كامل أراضيها من قبضة التنظيم.
ورغم إعلان بغداد والتحالف الدولي إنهاء داعش في العراق؛ فإنه لا يزال يملك خلايا نائمة تشن بين الحين والآخر هجمات في أرجاء مختلفة بالبلاد.
ويطالب المتظاهرون في العراق، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل لطبقتهم الحاكمة التي يعدّونها فاسدة ووقف النفوذ الإيراني ببلادهم.
وحسب آخر الإحصائيات، قُتل أكثر من 335 شخصا وأصيب 15 ألفا على الأقل بجروح، منذ بدء الاحتجاجات التي تُعَد الموجة الأكبر والأكثر دموية في البلاد منذ عقود، ضد فساد الطبقة السياسية، ويستخدم فيها الأمن والمليشيات الموالية لإيران قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية.
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjEwOSA= جزيرة ام اند امز