آمال وتحديات.. العراق جاهز لاستضافة رابع قمة عربية في تاريخه

تنهض بغداد اليوم لتكون نقطة التقاء لـ"الحوار والتضامن والتنمية"، حاملة على كتفيها ذاكرة حضارة، وعلى طاولتها آمال أمة.
فالعاصمة العراقية أتمّت استعداداتها لاستضافة القمة العربية الـ34، المقررة يوم السبت المقبل الـ 17 من مايو/ أيار الجاري.
وهذه هي المرة الرابعة التي تستضيف فيها بغداد القمة العربية، بعد قمم أعوام 1978، و1990، و2012.
وتُعقد القمة هذا العام تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية"، وسط تطلعات عربية لرسم خارطة طريق مشتركة تعالج التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة، وتعزز العمل العربي المشترك.
ويسبق قمة بغداد، قمة خليجية أمريكية تُعقد الأربعاء في الرياض بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة.
ويرى العراق أن القمة "فرصة تاريخية لتجديد مشروع العمل العربي المشترك، واستعادة زمام المبادرة "، معربا عن أمله أن تكون نقطة "الانطلاق نحو بناء منظومة تعاون عربي فعّالة وشاملة" لمواجهة محتلف التحديات والأزمات.
الاجتماعات التحضيرية
وتنطلق الاجتماعات التحضيرية للقمة، اليوم الإثنين، باجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي والذي سيناقش جميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية على أجندة اللقاء.
يعقب هذا الاجتماع في اليوم التالي اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، يليه اجتماع المندوبين الدائمين وكبار المسؤولين يوم 14 من الشهر الجاري، ويعقبه في اليوم التالي (الخميس) اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة.
ويرتقب أن يشارك في القمة قادة وملوك ورؤساء حكومات من 22 دولة عربية، إلى جانب رؤساء منظمات دولية وأممية، وكبار المسؤولين في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية.
أجندة القمة
وستناقش القمة ملفات محورية تتعلق بـ:
الأمن القومي العربي
التحديات السياسية الإقليمية
قضايا التنمية المستدامة
التعاون الاقتصادي
التكامل في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية
إضافة لغزة والسودان وملفات أخرى
وتتصدر القضية الفلسطينية أجندة أعمال القمة في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إضافة إلى الأزمة في السودان التي دخلت عامها الثالث، إلى جانب تطورات دولية وإقليمية متسارعة تُلقي بظلالها على الأمن القومي العربي.
وتبحث القمة كذلك ملفات الأمن القومي العربي في ضوء التصعيد الإسرائيلي في سوريا ولبنان، والانتهاكات المتكررة للسيادة، والتهديدات في البحر الأحمر، وتأثيرها على سلامة الملاحة الدولية.
كما تُناقش القمة سبل تعزيز صيانة الأمن القومي العربي، وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وبناء القدرات العربية في مجال الأمن السيبراني والتصدي للهجمات الرقمية العابرة للحدود.
ومن المقرر أن تُختتم أعمال القمة بإصدار "إعلان بغداد"، وسط آمال أن يرسم خارطة طريق لمواجهة مختلف التحديات والأزمان ويعزز التضامن العربي.
القمة التنموية
ويتزامن انعقاد القمة العادية مع القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، التي تبحث في ملفات دعم التكامل الاقتصادي العربي، واستكمال مشروع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتعزيز مشروعات الربط الكهربائي والنقل، إلى جانب مبادرات تحقيق الأمن الغذائي والمائي.
آمال عراقية
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "تحتضن بغداد القمة العربية في لحظة استثنائية تمرّ بها منطقتنا، لحظة تحوّلات كبرى، وصراعات مفتوحة، وتحديات إقليمية مركبة".
وفي مقال له بجريدة "الشرق الأوسط" السعودية، أضاف "بغداد، وهي تستقبل القادة العرب، لا ترى في ذلك مجرد اجتماع بروتوكولي، بل تراه علامة فارقة وفرصة تاريخية لتجديد مشروع العمل العربي المشترك، واستعادة زمام المبادرة، وتثبيت موقع العالم العربي كقوة فاعلة لا ساحة تنازع".
وأعرب عن أمله أن تسهم القمة في "تجاوز الخلافات، والانطلاق نحو بناء منظومة تعاون عربي فعّالة وشاملة".
وأكد أن هناك حاجة إلى "خطاب عربي مسؤول، يستند إلى الواقعية السياسية، ويؤمن بأن التضامن لا يعني التطابق، بل احترام الخصوصيات ضمن وحدة الهدف والمصير".
وبين أن " الوقت قد حان لإطلاق مبادرة عربية موحدة، تتجاوز البعد الإنساني لتدعم بناء الدولة الوطنية القائمة على الدستور والكرامة والتنوع".
السوداني شدد أيضا على أن "العراق لا يرى نفسه لاعباً منفرداً، بل يرى أن دوره الحقيقي يكمن في الجمع بين الأشقاء، واستعادة الثقة بمؤسسات العمل العربي، والتأسيس لعصر جديد من الشراكة السياسية والاقتصادية".
وأكد أن "الأمن القومي العربي كلٌّ لا يتجزأ، ولا يمكن أن يتحقق من دون تعاون فعلي، وسياسات متوازنة، ومؤسسات قوية تحمي المصالح العليا للأمة".
جاهزية تامة
في هذه الأثناء، أكمل العراق، استعداداته لاستضافة القمة، حيث ازدانت شوارعه والطرق الرئيسية بأعلام الدول العربية، احتفاءً وترحيبًا باستضافة القمة العربية الـ34.
وفي إطار استعداداتها للقمة، قررت الحكومة العراقية تعطيل الدوام الرسمي في بغداد يومي الخميس 15 مايو والأحد 18 مايو، باستثناء وزارة التربية والدوائر التابعة لها.
كما أعلنت وزارة الداخلية العراقية، منع تنظيم أي تظاهرة خدمية أو غيرها في بغداد خلال الفترة من 11 إلى 20 من الشهر الجاري، فيما أكدت أن القوات الأمنية سخرت جميع إمكاناتها لاستقبال ضيوف العراق.
ولفتت إلى أن "القوات الأمنية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي متظاهر يحاول إشغال القوات الأمنية عن واجباتها المكلفة بها خلال هذه الفترة".
وأكدت وزارة الداخلية على استكمال جميع الإجراءات الخاصة لتأمين القمة العربية في بغداد، مشيرة الى أن طيران الجيش سيشارك في تأمين سماء بغداد.
وتم اختيار 600 ضابط ومنتسب لتأمين الحماية الشخصية للوفود عالية المستوى بالقمة، فيما تم تشكيل لجنة أمنية لتدقيق الوفود ومن بينها الإعلامية.
وشددت الداخلية على أنها "لن تسمح بأي خرق أمنّي خلال القمة العربية".
ويرسل نجاح العراق في استضافة القمة رسائل إيجابية هامة، بشأن تحسن الوضع الأمني والسياسي في العراق.
كما يعد استضافته للقمة محطة رئيسية على طريق استعادة العراق دوره الإقليمي والعربي.