الوكيل الفني لوزارة البيئة العراقية يكشف لـ"العين الإخبارية" طرق مواجهة التغير المناخي (حوار)
يعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم، وتتأثر الدولة كثيراً بارتفاع درجات الحرارة والجفاف وازدياد التصحر والعواصف الغبارية وشح الأمطار، مع نقصان المساحات الخضراء.
ويشكل الأمر تهديدا خطيرا على الأمن البيئي والغذائي والصحي والمجتمعي للعراق، وبفعل التغيرات المناخية يزداد الضغط على الموارد الأساسية ما يؤدي إلى حدوث خلل في بعض القطاعات العامة في الدولة.
وتطرق "الفلاحي" للحديث عن الاستراتيجية التي تتبعها الدولة لمجابهة التغيرات المناخية، والتحركات التي يقومون بها لحماية السكان المقيمين في الأرياف من المشاكل الخطيرة التي تواجههم.
وفند الوكيل الفني لوزارة البيئة العراقية، في حواره مع "العين الإخبارية"، الإجراءات التي اتخذتها الدولة لخفض الانبعاثات الكربونية، خاصة في قطاع النفط والغاز، وأبرز ما ستطرحه العراق أثناء مشاركتها في COP28، وإلى نص الحوار:
إلى أي مدى بدأت التأثيرات تضر البيئة بشكل مباشر في العراق، خاصة مع تصنيفه في المرتبة 5 بين الدول الأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ؟
بالفعل التغير المناخي له تأثير مباشر على دولة العراق بشكل كبير، فهو له أبلغ الأثر في ازدياد معدلات الجفاف، وتراجع المعدلات المائية بسبب سياسات دول المنبع، فضلاً عن التناقص غير المسبوق في التساقط المطري ما أدى إلى زيادة التصحر في البلاد، وازدياد معدلات العواصف الرملية والغبارية وتقلص الرقعة الزراعية، ما أدى إلى حدوث مشكلات لدى الأمن الغذائي وبالتالي الأمن الاجتماعي.
وهل هناك تأثيرات خاصة بدرجات الحرارة؟
بكل تأكيد التغير المناخي أثر بشكل كبير على ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملاحظ، وتصل درجات الحرارة في بعض أشهر الصيف إلى ما يزيد عن 50 درجة مئوية.
ما هي الوسائل التي اتخذتها العراق لمحاربة التغيرات المناخية بالنسبة لدرجات الحرارة؟
قامت الحكومة العراقية في إطار سعيها للتخفيف عن المواطنين بمنح إجازات رسمية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، أو بسبب العواصف الغبارية، كما قامت الدولة بالانضمام إلى اتفاقية باريس بشأن التغيرات المناخية، خاصة أن أموالا كثيرة استنزفها العراق في سبيل حربه على الإرهاب مع الدواعش.
وكيف واجه العراق التغيرات المناخية؟
اتخذت الدولة سياسة عليا لمجابهة التغيرات المناخية، من خلال استراتيجية طويلة الأمد بدأت منذ عام 2020 وتستمر حتى عام 2030، وتقسم إلى قسمين، القسم الأول من عام 2020 وحتى عام 2025 وتقوم على إدخال المفاهيم البيئية في كل الخطط والبرامج العراقية والاستراتيجيات الوطنية، لتنفيذ التزامات العراق الدولية، وتعهد بخفض الانبعاثات بمقدار 1%-2% على المستوى الوطني، و13%-15% بمساعدة المجتمع الدولي، وهي مساهمة ذكية أخذت في الاعتبار كافة الظروف التي يعاني العراق من تأثير التغيرات المناخية.
القسم الثاني من عام 2025 وحتى عام 2030، ركز بشكل كبير على نقل التكنولوجيا في مجالين مهمين، وهما موارد المياه والزراعة، للاستفادة القصوى منهما لتحقيق الأمن الغذائي، وهذا يتطلب تقنيات حديثة مثل الري باستخدام المرشحات، والري بالتنقيط، والزراعة الذكية المقاومة للظروف المناخية مثل الجفاف، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا في الطاقات المتجددة لتشجيع الاقتصاد الأخضر المستدام الذي يركز بشكل أساسي على تنويع مصادر الاقتصاد الذي يعتمد على الحلول المستندة إلى الطبيعة والطاقات المتجددة.
وما حجم تعاون العراق مع الدول الأجنبية والعربية لمواجهة هذه المشكلات الخطرة؟ وكيف؟
العراق اتخذ إجراءات عديدة، أهمها ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء العراقي في مؤتمر المناخ بالبصرة، وهي مبادرة زراعة 5 ملايين شجرة، وهو ما يؤكد أن هناك اهتماما غير مسبوق من قبل الحكومة العراقية بالقطاع البيئي، وتم التركيز بشكل أساسي في المؤتمر على الموضوعات الخاصة بالبيئة، والتغير المناخي، والطاقات المتجددة، والتصحر، باعتبارها موضوعات أساسية لمواجهة تنفيذ التزامات العراق الدولية من جهة، وللتوافق مع المعايير العالمية في هذا الاتجاه.
ومواجهة التصحر والعواصف الغبارية ومواجهة تأثير التغيرات المناخية لا تتطلب فقط إجراءات على المستوى الوطني، إنما تحتاج إلى منظومة إقليمية ودولية.
طبقاً للتقارير يعيش ما يزيد عن 33% من السكان في الأرياف، كيف تحرك العراق لحماية السكان؟
33 % من السكان في الأرياف وهم الأكثر هشاشة بين أفراد الدولة خاصةً النساء والأطفال، وعمود حياتهم هو الزراعة وتربية الحيوان، وتسعى الحكومة العراقية بالتعاون مع المنظمات الدولية إلى دعمهم وزيادة مرونتهم، بالإضافة إلى وجود مشروعات واعدة لزيادة مرونة المجتمعات الهشة تجاه التغيرات المناخية ومواجهة التصحر وإيقاف تدهور الأراضي.
ما الإجراءات التي اتخذتها الدولة لخفض الانبعاثات الكربونية، خاصة في قطاع النفط والغاز؟
هناك توجه جاد من قبل الحكومة العراقية لاستغلال الغاز المصاحب، لخفض الانبعاثات الكربونية، حيث تم التركيز على المساهمة الوطنية العراقية والاستراتيجية العليا لمواجهة تأثير التغير المناخي على خفض الانبعاثات في مجال النفط والغاز، خاصة حرق الغاز المصاحب، والعمل على الاستفادة منه كطاقة خضراء صديقة للبيئة.
الحكومة العراقية وقعت مع شركات عالمية لاستغلال الغاز المصاحب، بالإضافة إلى توقيع عقود لإنتاج الطاقة من محطات الطاقة الشمسية، واستكمال مسودة قانون للطاقة المتجددة وهي نقاط أساسية ومهمة، بالإضافة إلى اتخاذ مجلس الوزراء العراقي إجراءات لتشجيع التحول نحو الطاقات المتجددة.
وتسعى الدولة إلى تنويع مصادر الاقتصاد عن طريق القطاعات المنتجة، مثل: القطاع الصناعي والزراعي والسياحي، وغيرها، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة والاقتصاد.
هل تم بالفعل استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لإنشاء مصدات للرياح حول المدن؟
نعم، يتم استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لإنشاء الغابات والأحزمة الخضراء كمصدات للرياح لمواجهة التصحر ولتثبيت التربة وحمايتها من التدهور، ولحماية حياة الأشخاص، وستساهم بشكل كبير في تحسين الهواء وصد العواصف الغبارية.
ما أبرز ما سيطرحه العراق أثناء مشاركته في COP28؟
عقد هذا المؤتمر مهم جدا لمراجعة الاستراتيجيات والخطط الوطنية، ويتم من خلاله الاستفادة من الخبرات العالمية المتراكمة في المشاكل المترتبة على التغيرات المناخية.
ويحرص العراق على المشاركة في COP28، وستطرح كثير من الشؤون المتعلقة بالعمل المناخي، والرؤية المستدامة في هذا الشأن، والتعريف بالتحديات التي يواجهها العراق نتيجة التغيرات المناخية، والهشاشة التي يعاني منها العراق نتيجة الجفاف، وتطلع الدولة لإقامة شراكات من خلال تحالف المساهمات الوطنية للاستفادة من الخبرات العالمية لمواجهة تأثير التغيرات المناخية، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا في مجال الطاقات المتجددة لزيادة مرونة المجتمع.