خبير موارد مائية يكشف لـ"العين الإخبارية" سيناريوهات "كابوس العطش" في تونس (حوار)
تضرب المدن التونسية أزمة جفاف غير مسبوقة دفعت السلطات لفرض قيود على استهلاك المياه من بينها قطع الخدمة لعدة ساعات يومياً.
ومنذ أيام، دخلت تونس حالة طوارئ مائية تتمثل في نظام مقنن يستمر عدة أشهر لتوزيع الماء الصالح للشرب، ومنع استعماله أغراض أخرى بسبب أزمة الجفاف الحادة.
وتعيش تونس أزمة شح في الموارد المائية منذ نحو 5 سنوات تفاقمها التغيرات المناخية.
وبرزت في الآونة الأخيرة أسئلة بشأن مستقبل هذه الأزمة وكيفية التعامل معها وأسبابها، ومصير الخطة التي وضعتها السلطات التونسية حتى 30 سبتمبر/أيلول المقبل ودورها في حل الأزمة. وهي الأسئلة التي نقلتها "العين الإخبارية" إلى الدكتور حسن الرحيلي، خبير الموارد المائية في تونس، من أجل الحصول على إجابات. وإلى نص الحوار:
ما أسباب تفاقم أزمة الجفاف التي تضرب تونس منذ 5 سنوات؟
أزمة المياه في تونس ليست وليدة الصدفة أو ظرفية طارئة. بل هي تراكم لسنوات جفاف متتالية والتي يمكن أن تكون غير مسبوقة في تاريخ البلاد، إذ لم تشهد تونس تواصل الجفاف لخمس سنوات متتالية، في ظل ارتفاع كبير لدرجات الحرارة.
وكانت هذه السنة الاستثناء بامتياز، إذ تواصل انحباس الأمطار لفترات طويلة وعلى جل المناطق، فتراجعت مخزونات السدود إلى مستويات غير مسبوقة، مما حتم على الدولة اتخاذ إجراءات صارمة متمثلة في انقطاعات يومية لمياه الشرب من الساعة التاسعة ليلاً وحتى الساعة الرابعة فجراً ولمدة ستة أشهر، وهو ما سيكون له انعكاسات سلبية على عيش الناس ونظام حياتهم الذي اعتادوا عليه.
هل وضع خطة حتى 30 سبتمبر/أيلول المقبل فقط يعني زوال الأزمة بعد هذا التاريخ؟
تواصل إجراءات انقطاع المياه حتى شهر سبتمبر/أيلول ليس إلا حلاً لربح الوقت ولربح ما يمكن ربحه من ماء متوفر، أما أزمة المياه فهي أعمق وأعقد من هذه الحلول.
هل تتجه تونس لإنشاء محطات تحلية مياه البحر لسد العجز؟
شرعت تونس منذ عام 1994 في تحلية مياه البحر، وتطورت هذه التقنية بشكل بطيء، وخلال السنوات الأخيرة ارتفع إنجاز محطات تحلية المياه لتصل إلى 12 محطة بصدد الإنجاز، وأكبرها محطة بمدينة صفاقس ستكون جاهزة سنة 2025 وبطاقة كبرى تقدر بحوالي 100 ألف م3 يومياً، لكن كلفة تحلية المياه باهظة للغاية.
مع استهلاك الأنشطة الزراعية 83% من موارد البلاد المائية، هل تلجأ تونس لمعالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في الزراعة؟
تأخرت تونس كثيراً في إعادة استعمال المياه المعالجة، وذلك لعدم مطابقتها للمواصفات لاستعمالها في النشاط الزراعي، لذلك وجب العمل مستقبلاً على تطوير تقنيات المعالجة الثلاثية لهذه المياه لتسهيل استعمالها وهي كميات كبيرة تقدر سنوياً بحوالي 350 مليون م3.
كيف ترى قرار منع استهلاك الماء الصالح للشرب في صادرات تونس خصوصاً مع تصديرها الفراولة والكرز والطماطم سنوياً ما يعني شح في العملة الصعبة؟
سيتم إعادة النظر في العديد من الزراعات المستهلكة للماء والمعدة للتصدير، وبالطبع ستتأثر عائدات العملة الصعبة، لكن الثروة المائية لا تقدر بأي عملة صعبة.
ما مقدار الاحتياطي التونسي من المياه الجوفية؟
الاحتياطي التونسي من المياه الجوفية يقدر سنوياً بحوالي 2.3 مليار م3، رغم حالة الاستنزافات التي تشهدها خلال السنوات الأخيرة لضعف تجددها بسبب قلة الأمطار.
وما مقدار المخزون المائي خلف السدود التونسية؟
المخزون المائي الحالي في السدود لا يتجاوز 720 مليون م3، وهي نسبة تمثل حوالي 30% من طاقة تخزين المياه خلف السدود، وهي أقل كمية في تاريخ تونس الحديث.
ما متوسط استهلاك الفرد للماء في تونس؟
متوسط كمية الماء للفرد في تونس لا تتجاوز 400 م3 في السنة، وهي عتبة الفقر المائي وفق تصنيف منظمة الأمم المتحدة.
هل ترتفع أسعار المياه في تونس مع وضع ضوابط للاستخدام؟
بالفعل تمّ رفع أسعار مياه الشرب في تونس خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ومن الممكن خلال الفترة الحالية الصعبة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لترشيد استهلاك الماء خصوصاً مياه الشرب والري.
هل أثرت أزمة الجفاف على الأنشطة الزراعية؟
تتابع سنوات الجفاف لأكثر من 5 سنوات وتراجع مخزون المياه وتقلص التساقط سيكون له بالطبع تأثيره المباشر على الأنشطة الزراعية، وخاصة الزراعات الكبرى من حبوب وأعلاف.