الحيتان "أمل الكوكب" في مواجهة تغير المناخ وامتصاص الكربون (حوار)
تعتبر المخلوقات البحرية من أهم الوسائل التي تدعم كوكباً صحياً، والاستفادة منها تساعد في المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية.
وتعد الحيتان من أبرز المخلوقات البحرية التي تعود على المناخ والنظام البيئي بفوائد كبيرة، وتسهم أيضاً في إحداث تغيرات إيجابية في المناخ.
"العين الإخبارية" حاورت الدكتور أحمد دياب، أستاذ مساعد بمركز البحوث السمكية ومساعد فني بمكتب وزير الزراعة، الذي كشف كيف يمكن الاستفادة من الحيتان لمواجهة التغيرات المناخية، وقدرتها على امتصاص الكربون وأهمية ذلك للبيئة.
وتطرق للحديث عن تأثير الملوثات التي تُلقى في المياة البحار أو الأنهار على السلامة للمخلوقات البحرية، وما يترتب على ذلك من نتائج سلبية على البيئة والمناخ بوجه عام.
وإلى نص الحوار:
- كيف يمكن الاستفادة من الحيتان في مواجهة التغيرات المناخية؟
عندما يتعلق الأمر بإنقاذ كوكب الأرض يصبح الحوت الواحد مساوياً للآلاف من الأشجار، حيث يسمح الحجم الكبير للحيتان ودورة حياتهم الطويلة بإحداث تأثيرات قوية على دورة الكربون بتخزينه بفاعلية أكثر من الحيوانات الصغيرة وتناول أقصى كمية ممكنة من الفرائس.
وأينما وجدت الحيتان أكبر الكائنات الحية على وجه الأرض وجدت أعدادا من العوالق النباتية التي تعتبر من أصغر الكائنات على الإطلاق والتي تساهم في توفير 50% على الأقل من الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي.
ويمكن تحقيق زيادة كبيرة في احتجاز الكربون من خلال حماية الحيتان وسن القوانين التي تجرم صيدها والعمل على تنفيذها.
وسلامة الحيتان تعني حياة بحرية صحية تشمل الأسماك والطيور البحرية ونظام حيوي كامل يعيد تدوير العناصر الغذائية بين المحيطات والأرض، مما يحسن جودة الحياة.
- ما هي قدرة الحيتان على امتصاص الكربون؟ وما فائدة ذلك للبيئة؟
قدرة الحيتان على احتجاز الكربون مذهلة بالفعل، حيث يتم تراكم الكربون في جسم الحوت على مدار حياتها الطويلة، ويحتجز كل حوت كبير 33 طناً من ثاني أكسيد الكربون في المتوسط، مما ينقي الغلاف الجوي من الكربون لعدة قرون.
وتهاجر حيتان كثيرة من مناطق التغذية الغنية بالعناصر المغذية إلى مناطق التكاثر التي يندر وجود العناصر المغذية فيها، وعند بلوغ مناطق التكاثر، تقوم الحيتان بإخراج البولينا الغنية بالنيتروجين التي يمكن أن تساعد على نمو العوالق النباتية.
ويمكن من خلال الحيتان تحقيق زيادة كبيرة في حجم العوالق النباتية وكمية الكربون التي تحبسها سنويا إذا ما سمح للحيتان بالعودة إلى مستويات ما قبل صيدها للأغراض الصناعية عندما كان عددها يتراوح بين 4 إلى 5 مليون حوت فى مقابل ما يزيد قليلا عن 1.3 مليون حوت في الوقت الحالي.
- هل هناك مخلوقات بحرية أخرى تقوم بامتصاص الكربون؟
المحيطات هي أكبر أداة لتصريف الحرارة على كوكبنا، فهي تمتص 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن تغير المناخ، وتُعد المحيطات أيضاً أداة عالية الكفاءة للتخلص من الكربون.
من المعروف أن النظم الإيكولوجية مثل أشجار المانغروف، التي تنمو في المناطق الساحلية مع امتداد جذورها في مياه البحر، وأيضاً المستنقعات التي تظهر بفعل المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية، تعمل جميعها على امتصاص الكربون وتخزينه بنسبة أكبر لكل وحدة مساحة مقارنة بالغابات.
وللطحالب البحرية دور كبير في العمل على تنقية الهواء من غاز ثاني أكسيد الكربون، وإنما ستشكل في الوقت نفسه مادة بيئية، يمكن استخدامها في استخراج الزيت والإيثانول الطبيعي، ويمكن فيما بعد تحويلهما إلى وقود للسيارات.
وتقوم الأعشاب البحرية بدور كبير عندما يتعلق الأمر بالتخفيف من غازات الاحتباس الحراري الدفيئة، حيث تنتقل إلى مسافات بعيدة وعميقة فيما وراء المناطق الساحلية، بما يمكنها من تأدية دور محوري في احتجاز الكربون من الغلاف الجوي، وتشكل الأعشاب البحرية، أو الطحالب الكبيرة، أكثر الموائل الساحلية النباتية انتشاراً وإنتاجية، كما أنها تستوطن جميع خطوط العرض، وتتمتع بكفاءة بالغة في التقاط ثاني أكسيد الكربون المنتشر في الغلاف الجوي وتحويله إلى مادة نباتية.
-إلى أي مدى تؤثر الملوثات على سلامة المخلوقات البحرية؟
التلوث بات يهدد الجميع، فلم يعد هناك أحد على وجه الأرض بمعزل عن التعرض للتلوث بكل أنواعه، سواء تلوث الهواء، أو التربة، أو الماء والبيئة البحرية.
ومواجهة مخاطر التلوث التي تهدد الحياة على كوكب الأرض وتزيد من معاناة الناس تتطلب الوعي بأهمية المحافظة على النظم البيئية وعدم الإخلال بها، والدعوة للمحافظة على البيئة البحرية التي تشكل جزءًا مهما من النظام البيئي؛ لأن حدوث أي خلل في مكونات هذا النظام سيؤثر حتمًا على النظم البيئية الأخرى.
والتلوث البحري له عواقب وخيمة على الإنسان وعلى البيئة البحرية بمكوناتها المختلفة، فالإنسان قد يتعرض للإصابة بأمراض خطيرة عندما تنتقل المعادن الثقيلة لجسمه عند تناول الأسماك الملوثة، فقد يسبب التلوث البحري في حدوث أزمة غذائية، لأن ملايين البشر أصبحوا يعتمدون بشكل كبير على الأسماك مصدرا غذائيا.
وهناك مخاطر التلوث البحري بالبلاستيك الذي يطلق غازي الميثان والإيثيلين المسببين للاحتباس الحراري، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن مادة "بيسفينول إيه" الموجودة في البلاستيك قد تؤدي إلى اختلال في وظائف الكبد، والإصابة بأمراض القلب والسكري.
والتلوث البحري يؤثر بشكل مباشر على الكائنات البحرية، ويؤدي إلى فقدان التنوع الحيوي في البحار والمحيطات، والتغيرات المناخية ستؤدي إلى زيادة درجة حرارة مياه المحيطات، والاحترار العالمي سيؤدي إلى نفوق الحيوانات التي تبني الشعاب المرجانية، ويحدث انقراض لأنواع كثيرة من الكائنات الحيّة.
- ما هي إجراءات المؤسسات الدولية للحفاظ على سلامة البيئة البحرية؟
المنظمة البحرية الدولية "IMO" هي هيئة تابعة الأمم المتحدة، ويقع على عاتقها مسؤولية وضع واعتماد إجراءات لتحسين سلامة وأمن الشحن الدولي البحري، والحيلولة دون حدوث تلوث من السفن، فإنها تقوم بدور حيوي في تلبية الأهداف الواردة في هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة رقم 14: وهو المحافظة بشكل مستدام على المحيطات والبحار والموارد البحرية لتحقيق التنمية المستدامة.
وتسعى المنظمة البحرية الدولية إلى الحد من التلوث الناجم عن السفن، سواء في البحار والمحيطات أو في الغلاف الجوي. وتلتزم المنظمة التزاما تاماً بالعمل من خلال الدول الأعضاء فيها، ومع شركائها، على مواصلة وضع مجموعة من اللوائح العالمية والمحافظة عليها وتنفيذها، لضمان الاستخدام المستدام للمحيطات.
من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 المتعلق بحماية البيئة البحرية والمحافظة عليها، نجد أن هناك التزاماً عاماً على عاتق الدول بحماية البيئة البحرية، هذا التأكيد القانوني الواضح، يعد نتاج للتأثيرات الإيجابية التي تركتها مجموعة من القواعد الناتجة عن الاتفاقية الخاصة بحماية البيئة البحرية من التلوث، بل ستقوم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بالربط بين قواعدها العامة والقواعد الدولية التي تضمنتها أو ستتضمنها الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البحار من التلوث.
والالتزامات الخاصة بدول محددة وفي حالات معينة حيث أقرت الاتفاقية الالتزامات على بعض الدول التي تتمتع بتأثير خاص على البيئة البحرية وحمايتها أو التسبب في تلوثها، وذلك راجع إلى قدرتها في الحماية أكثر من غيرها، ولأنها أكثر الدول تضرراً بالتلوث الذي حدث أو سيحدث، أو لأنها أقرب الدول لمصدر التلوث وصاحبة السلطة عليه، ونقصد بذلك الدولة الساحلية، ودولة الميناء.