حتى لا يقع العراق فريسة للظلام.. ماذا فعلت الحكومة؟
يستبق العراق موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، بالتحرك والتحضير خشية تكرار الأزمات الحادة في نقص الطاقة التي عادة ما ترافق ذلك الفصل.
ويعاني العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود أزمة في البنى التحتية لمحطات الطاقة الكهربائية على مستويات التوليد والإنتاج والتوزيع والتوليد رغم الأموال الطائلة التي أنفقت على ذلك القطاع منذ عام 2003، والتي تتجاوز الـ60 مليار دولار.
وغالباً ما تشكل أشعر الصيف اللاهبة محركاً رئيساً للكثير من الاحتجاجات الغاضبة في البلاد، جراء تلازم ذلك مع تراجع الطاقة وشح توفيرها للمستهلكين.
وعاشت البلاد الصيف الماضي أزمة كهربائية حادة على وقع سلسلة هجمات استهدفت أبراج نقل الطاقة الكهربائية فائق القدرة، فضلاً عن تراجع أداء محطات التوليد وغياب مصادر الإمداد عن بعضها، مما تسبب بانهيار تام في المنظومة استمر نحو 48 ساعة.
- سر أزمة الكهرباء في العراق.. حاشية "مقتدى الصدر" تدير الفساد
- بعد سنوات الظلام.. هل ينجح العراق في اختبار الطاقة المتجددة؟
وتبلغ الطاقة التوليدية من الطاقة الكهربائية في العراق نحو 18 ألف ميجاوات في وقت تشكل الحاجة الفعلية بنحو 28 ألف ميجاوات مع ازدياد في الطلب يصل لنحو 800 ميجاوات سنوياً.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وجه قبل يومين خلال زيارة أجراها إلى وزارة الكهرباء باستثمار الوقت وضرورة الاستعداد والاحتياط للحالات الطارئة، وتوفير البديل السريع في حال تعرض بعض الخطوط للخروج من الخدمة، فضلاً عن أهمية تأمين الكوادر المختصة في المواقع التي تتطلب سرعة الإجراء والمعالجة.
ويشكل الغاز الإيراني أحد العقبات الرئيسة في استقرار وثبات نسب التجهيز من الطاقة الكهربائية في العراق التي يعتمدها العراق في تشغيل العديد من محطاته لسد النقص الحال من الإنتاج المحلي.
ويستورد العراق يومياً نحو 30 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني، مع تزايد في الطلب خلال ذروة الصيف، لكن غالباً ما تلجأ الأخيرة إلى تخفيض وقطع إمداداتها أحياناً جراء ديون مالية بذمة بغداد لم تسدد عن قيمة شراء ذلك الغاز.
وكان وزير الكهرباء عادل كريم، توجه إلى العاصمة طهران، يوم الثلاثاء، على رأس وفد وزاري لبحث موضوع إطلاقات الغاز والمستحقات الواجبة الدفع مع الجانب الإيراني.
وفي الـ17من أبريل/ نيسان الجاري، وجّه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بتكليف فريق عمل من وزارة الكهرباء للسفر إلى إيران، لحل الإشكالات المتعلقة مع الجانب الإيراني فيما يخص تجهيز العراق بالغاز.
وزير الكهرباء العراقي، عادل كريم وفي تصريح تابعته "العين الإخبارية"، قال :"نحن مدينون لإيران بنحو مليار و690 مليون دولار، وتأخرنا قليلاً في دفع مستحقات إيران المالية"، مردفا بأنه "لا نستطيع دفع المال إلى وزارة الطاقة الإيرانية بصورة مباشرة، نتيجة للعقوبات".
وأضاف كريم، أن "لدى العراق 39 محطة غازية والإمدادات التي تصل إليها من إيران غير كافة فضلاً عن أننا مطالبين بزيادة إنتاج الكهرباء بمقدار 1500 ميجاوات سنوياً".
ويحاول العراق الإفلات من قبضة الغاز الإيراني والنهوض بواقع المنظومة الكهربائية عبر سلسلة من المشاريع بينها عمليات الربط مع الخليج وتركيا والأردن فضلاً عن توقيع عقود مع شركات عالمية تتجاوز قيمتها الـ27 مليار دولار لاستثمار الغاز وإنتاج الطاقة الشمسية.
المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى يؤكد أن "مجمل الطاقة التوليدية في العراق ستكون بنحو 25 ألف ميجاوات بحلول الأول من مايو/أيار المقبل مما يبشر بصيف أكثر استقراراً في تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية".
ويضيف موسى، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الوزارة قد بدأت في وضع خطة شاملة أواخر عام 2021، تم الانتهاء من تنفيذها بكافة تفصيلاتها مؤخراً بعد إجراء عمليات الصيانة والتجهيز لمحطات التوليد والخطوط الناقلة بما يؤمن انسيابية التيار الكهربائي بما يخفف من وطأة حرارة الصيف أمام كاهل المواطن العراقي".
ويشير موسى إلى ان "رئيس الوزراء أوعز مؤخراً بإطلاق 500 مليار دينار عراقي لاستكمال الخطة الموضوعة بما يتناسب مع دخول البلاد في ذروة فصل الصيف".
ولكن مع تلك الاستعدادات، بحسب موسى، يبقى "ذلك الأمر مرتبط بخطة ضمان وقودية تضمن توفير الغاز إلى محطاتنا وخصوصاً أن هناك نحو 7500 ميجاوات يعتمد على التوريدات الإيرانية وفي حال تعثر وصولها سينعكس ذلك على مستوى ساعات التجهيز".
وبشأن مشروع الربط الخليجي الذي يضمن ضخ 500 ميجاوات، يوضح المتحدث الرسمي أن "أغلب الترتيبات اللازمة من بنى تحتية ومحطات قد اكتملت ولكن الخلاف الآن بشأن سعر التعرفة وماتزال المفاوضات جارية بشأن ذلك الأمر".
ويلفت إلى أن الربط الكهربائي "بشكل عام أسلوب وسياق دولي متعارف متبع في دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي والكثير من بلدان العالم ليست الغاية منه استيراد الطاقة بقدر إنه يحقق استقرارا وموثوقية للشبكة ويضمن الدخول لسوق الطاقة العالمي".
ويعمل العراق على استكمال عمليات ربط مع الجارة تركيا والمملكة الأردنية والسعودية لتحسين واقع الإنتاج من الطاقة ولكن أغلبها مازالت خارج نطاق الخدمة.
وأمس الأربعاء، أعلن وزير الكهرباء العراقي عادل كريم، وخلال اتصال هاتفي مع وزير الطاقة التركي، استحصال الموافقة المبدئية من الاتحاد الأوروبي كون شبكة النقل التركية مرتبطة مع شبكة كهرباء هذا الاتحاد.
وذكر بيان صادر عن وزارة الكهرباء تناولت المكالمة موضوع تسريع إدخال الربط الكهربائي العراقي التركي إلى العمل، خصوصا بعد إنجاز العراق ما هو من التزاماته تجاه تهيئة الخطوط الناقلة والمحطات التحويلية اللازمة لهذا الربط.