الحكومة العراقية الجديدة.. تحديات عاصفة تنتظر "السوداني"
بعد عام من التوتر الذي وصل إلى عنف دام أحياناً، أصبح للعراق أخيراً حكومة جديدة بعد منح البرلمان الثقة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
الحكومة الجديدة المكونة من 23 وزيرا، ستواجه تحديات جمّة سياسية واقتصادية، وتشكليها يعتبر محطة حاسمة في مسار الخروج البطيء من أزمة سياسية عانى منها العراق على مدى أكثر من عام.
أبرز التحديات التي ستواجه حكومة السوداني- بحسب خبير- العلاقة مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، مشيرا إلى ضرورة أن يسعى رئيس الوزراء الجديد لمدّ جسور سريعة مع زعيم التيار الصدري"، ومنحهم تطمينات في قضية اشتراطات زعيم التيار الصدري فيما يرتبط بعملية الإصلاح وحتى إجراء انتخابات مبكرة.
وخلال العام الماضي، تصاعدت الخلافات والتوتر بين طرفي الأزمة، التيار الصدري والإطار التنسيقي، بشكل كبير، وفي أواخر أغسطس/ آب، تجلّت عنفاً دامياً في الشارع، قتل فيه أكثر من 30 من مناصري الصدر في اشتباكات مع الجيش وقوات الحشد الشعبي.
وصوّت النواب بغالبية النصف زائدا واحدا من 329 نائباً، على البرنامج الوزاري ثمّ على 21 وزيراً برفع الأيدي داخل قاعة البرلمان في العاصمة خلال الجلسة التي شارك فيها 253 نائباً بحسب دائرة إعلام البرلمان.
وتتألف الحكومة الجديدة من 12 وزيراً شيعياً، غالبيتهم مرشحون من الإطار التنسيقي، و6 وزراء من السنة، ووزيرين كرديين، ووزيرة واحدة للأقليات، فيما لا تزال وزارتان من حصة المكوّن الكردي، قيد التفاوض ولم يتمّ ملؤهما بعد، وتشغل ثلاث نساء مناصب في الحكومة الجديدة.
ويخلف السوداني البالغ من العمر 52 عاماً، مصطفى الكاظمي الذي تولى رئاسة الحكومة في مايو/ أيار 2020.
وكلّف السوداني، وهو محافظ ووزير سابق منبثق من الطبقة السياسية الشيعية، في 13 أكتوبر/ تشرين الأول تشكيل الحكومة، من رئيس الجمهورية الجديد عبد اللطيف رشيد مباشرةً بعد انتخابه، وهو مرشّح القوى السياسية الموالية لإيران المنضوية في الإطار التنسيقي.
وخلال الجلسة، أبدى النائب المعارض علاء الركابي من حركة امتداد المنبثقة من احتجاجات تشرين، اعتراضه على الحكومة الجديدة، ما أدّى إلى حصول شجار داخل القاعة، لكن الجلسة تواصلت بعد ذلك.
وقال الركابي بعد الجلسة "طوال عقدين من الزمن أحزاب السلطة نفسها تتوافق في ما بينها يشكلون حكومات محاصصة دمرت البلد، ونحن ضد هذه الحكومة وقد ولدت، وولدت معها معارضة سياسية في البرلمان العراقي".
أزمة عميقة
ولم يُمثّل التيار الصدري، الخصم الرئيسي للإطار التنسيقي في هذه الحكومة، فيما كان زعيمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قد تعهّد سابقاً أنه لن يشارك فيها.
ويرى الأستاذ في جامعة بغداد ورئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن "العلاقة مع الصدر هي أهم تحدّ بالنسبة لحكومة محمد شياع السوداني، باعتبار أن الصدر أعطى مواقف مسبقة باتجاه حكومة يشكلها الإطار، باتجاه المرشح نفسه".
ويشرح الشمري لوكالة الأنباء الفرنسية، أن على السوداني والإطار التنسيقي "مدّ جسور سريعة مع زعيم التيار الصدري" ومنحهم "ضمانات تعدّ تطمينات في قضية اشتراطات زعيم التيار الصدري في ما يرتبط بعملية الإصلاح وحتى إجراء انتخابات مبكرة".
وإذا لم يحصل ذلك، "سيكون التحدي كبيراً جداً" وقد يؤدي إلى "ردة فعل متطرفة من قبل زعيم التيار الصدري وحتى أتباعه" أي اللجوء إلى الشارع مرةً أخرى.
ووضع السوداني في برنامج حكومته الجديدة، بند "تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام"، أحد مطالب الصدر الذي يقول إنه مناهض لنظام المحاصصة المهيمن على طريقة الحكم في العراق منذ إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003.
لكن ما ينتظره العراقيون من هذه الحكومة هو استجابة للأزمات السياسية والاجتماعية التي يعيشونها.
فهذا البلد الذي يملك ثروات هائلة من النفط، يعاني من تهالك في شبكة الكهرباء، بينما كل أربعة شباب من عشرة عاطلون عن العمل وثلث السكان فقراء.
إصلاح
في برنامجه، يسعى السوداني إلى "معالجة ظاهرة البطالة وخلق فرص عمل للشباب من الجنسين" و"إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية وخاصة قطاعي الزراعة والصناعة والقطاع المصرفي ودعم القطاع الخاص".
كما يتعين على رئيس الحكومة الجديد معالجة موازنة العام 2022 التي لم يتمّ إقرارها بعد، ما يتيح الاستفادة من 87 مليار دولار من احتياطات العملة الأجنبية، غالبيتها من عائدات النفط، تقبع في البنك المركزي بانتظار حكومة جديدة.
وتعدّ تلك تحديات حقيقية في بلد يعاني من فساد مزمن ومحسوبية مهيمنة بشكل كبير على مفاصل الدولة، فيما يواجه العراق كذلك أزمة جفاف حادة، مع تراجع الأمطار ومنسوبات الأنهر، أثّرت على حياة السكان.
ويتوقّع المحلل السياسي العراقي علي البيدر أن يتجلى الغضب الشعبي، وغضب مناصري مقتدى الصدر في "احتجاجات مشتركة" بين هؤلاء و"محتجي حراك تشرين"، الذي هزّ العراق في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.