الفنان العراقي رائد محسن لـ"العين الإخبارية": أحلم بمسرحية سعيدة
يصنف الممثل العراقي رائد محسن ضمن جيل الكبار من الآباء المسرحيين في العراق رغم أنه ظهر في زمن الحرب قبل نحو 35 عاماً.
اتخذ محسن من الفن مركباً دون أن يبالي لتحديات الرحلة ومخاطر الإبحار نحو الكلمة الصادقة والجريئة حتى وإن كان ثمنها الحياة.
عشق خشبة المسرح ودك أرضها لعقود، فكان الحصاد كبيراً ومهماً وهو يتنقل بين عمل وآخر مجسدا لسخرية الأقدار وآهات الشعوب فكان لسان حال المتعبين وصوتا قيميا رسائليا يصدح وسط الضجيج بأن "النبل الإنساني باب للنجاة من الوحوش الكاسرة".
بدأ رائد محسن مشواره الفني في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عند المسرح ومن ثم التلفزيون والدراما، وحصد العديد من الجوائز المحلية والدولية آخرها وليس أخيرها "أفضل ممثل" في مهرجان قرطاج المسرحي الدولي في تونس، عام 2019، عن بطولته في العمل المسرحي (أمكنة إسماعيل) للمخرج إبراهيم حنون.
في حوار مع "العين الإخبارية" تحدث الفنان العراقي الكبير رائد محسن عن رحلته الفنية الكبيرة التي قاربت 40 عاما وحياته المسرحية.. فإلى نص الحوار..
الحياة مسرحية كبيرة أبطالها ضحايا وجمهورها غفير.. ماذا وجدت على خشبتها؟
خشبة المسرح خشبة سحر تمنح كل شيء ونعلن من خلالها كل الأفكار.. كانت مذياعي وأنا أتحدث عن وطني وما أصابه من ويلات وحروب وحصار وموت وديكتاتور.
رحلة فنية تقترب من الأربعين عاماً عشت فيها صارخاً على المسرح وحذراً على الشاشة.. كيف تقرأ تلك المسيرة؟
أربعون عاماً مرت وأنا أحاول أن أغير ولو جزء بسيط من واقعنا المؤلم وأغير نمط الفكرة الواحدة في كل عروضي.فالموت كان الفكرة الملازمة في كل أعمالي لأن وطني عانى من الموت بأشكالٍ مختلفة، تارة يأتيك باسم حرب وأخرى باسم حصار وبعدها بعنوان مفخخات تقتل أهلنا.
أين المسرات في أعمالك؟
أتمنى أن أمثل مسرحية تتحدث عن الفرح والحب والحياة السعيدة لكن المشكلة أن المسرح مرآة الحياة والواقع المعاش والمجتمع، ولأن الموت صديقنا الدائم غير المرحب به منذ عقود، فقد انعكست أصداؤه على جميع عروضي الفنية وخصوصا المسرح منها.أما في الشاشة فقد كنت حذراً جداً بالرغم من العروض الكثيرة لأني أدخل بيوت الناس دون استئذان وهو ما يفرض علي أن أقدم فكرة تليق بالعائلة العراقية.
خرجت من عباءة فنانين كبار أمثال قاسم محمد ويوسف العاني وجعفر السعدي وآخرين.. ماذا تعلمت من ذلك الجيل العتيد؟
تاريخي الأبهى والأجمل هم أساتذتي ممن ذكرتهم ومن لم تذكرهم فهم علموني أن أكون مواطناً صالحاً أدافع عن شعبي وبلدي من خلال عروضي المسرحية.يا له من عمر وفرح عظيم لأني رأيتهم وتعلمت منهم وأحبوني فكنت متعدد الآباء وابنهم المدلل والحامل لرسالة المسرح العراقي بكل محبة وانتماء.
وللأجيال الفنية المقبلة ماذا ستقول؟
هذه الأجيال ولدت في زمن الحروب والقهر والحرمان ولا ألومهم على أي شيء، هم يجربون بطرق مختلفة لكنهم سيصلون يوماً إلى عروض مدهشة تحكي عن معاناتهم وحياتهم المضاعة.كيف تقرأ المشهد المسرحي في العراق .. هل مازال بخير؟
المسرح العراقي واحد من أهم المسارح في الوطن العربي لأنه يحمل لوناً وبصمة متفردة لا يشبه أي مسرح لأنه يمتلك خصوصية مدهشة ربما يمرض أحياناً لكنه من المستحيل أن يموت.
يقال إن المسرح خبز الشعوب.. هل كان المسرح العراقي مضطلعاً بهذا الدور؟
لم يطعم المسرح العراقي جمهوره خبزاً، بالعكس كان يذكره بجوعه لينتفض على الدكتاتور، حيث كان يحكي قصة موت الأبناء في حروبٍ مجانية.المسرح العراقي كان مسرحاً يدعو للثورة والفكر النير ويدعو جمهوره لتغيير واقعهم المزري.
وأخيراً .. ما هي الكلمة التي لم تطلقها حتى الآن من على ناصية المسرح؟
وأنا أخطو بهدوء إلى عقدي السادس من العمر أتحسر كثيراً على بلدي الذي أدخلوه في متاهات كثيرة فضاعت أربعين عاماً ما بين حربٍ وحصار.. وهل يعاد العمر مرة أخرى؟!.عندما بدأت الحرب الأولى كان عمري 20 عاماً وقد وصلت اليوم إلى الستين وما زالت الحروب تحاصر وطني.