شهر على "إيريني".. المهمة ترصد انتهاكات بالجملة لأردوغان
طموح بروكسل في بداية مهمة إيراني كان مراقبة التزام الأطراف المختلفة بحظر تصدير السلاح لليبيا، الذي فرضه مجلس الأمن في 2011.
لم تمنع المهمة الأوروبية "إيريني" تركيا من التحايل عليها واختراق حظر تصدير السلاح لليبيا، وإرسال المرتزقة والأسلحة إلى طرابلس، لتغيير مسار الأحداث على الأرض، وإيجاد موضع قدم لأنقرة ومرتزقتها.
ففي الأول من أبريل/نيسان الماضي، أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة "إيريني" لتحل محل مهمة بحرية سابقة للاتحاد الأوروبي، تم إيقاف سفنها العام الماضي وسط نزاع حول أزمة الهجرة بين عواصم اليورو.
وكان طموح بروكسل في بداية المهمة هو مراقبة التزام الأطراف المختلفة بحظر تصدير السلاح لليبيا، الذي فرضه مجلس الأمن في 2011، انتهاء بتحقيق السلام في هذا البلد. واختارت للمهمة العسكرية اسم "إيريني" إله السلام في الحضارة اليونانية.
وشهد 7 مايو/أيار الماضي، إعلان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أن الوحدات الأولى المشاركة في مهمة "إيريني"، وتشمل فرقاطة فرنسية وطائرة استطلاع من لوكسمبورج، بدأت العمل بالفعل قرب السواحل الليبية. وتشارك ألمانيا في المهمة بما يصل إلى 300 جندي.
انتهاكات تركية لا تنتهي
وبعد مرور شهر كامل على العمل الفعلي لـ"إيريني"، لا تزال تركيا ترسل الأسلحة الثقيلة والطائرات بدون طيار والمرتزقة السوريين بلا عوائق إلى طرابلس.
وتسعى تركيا بصورة واضحة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في ليبيا، المتمثلة في تمكين حلفاها من الأرض ووضع قدم على ساحل المتوسط لتقوية موقفها في نزاع احتياطات الغاز، لذلك ترفض أنقرة وقف إطلاق النار الكامل والتوزيع العادل للسلطة والموارد في ليبيا، وفق صحيفة "نويه زوريشر" تسايتونغ، كبرى الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية.
وخلال الأسبوعين الماضيين، كثفت تركيا انتهاك حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وأرسلت 10 طائرات شحن عسكرية إلى طرابلس.
ونقلت صحيفة هاندلسبلات الألمانية المرموقة عن مصادر أوروبية رفيعة لم تسمها: "الجنود المشاركون في المهمة الأوروبية ينظرون للسماء الآن، بعد أن كثفت أنقرة نقل الأسلحة إلى ليبيا جوا".
وأضافت: "خلال الأيام الماضية، أرسلت تركيا 10 طائرات شحن عسكرية محملة بالسلاح إلى طرابلس"، مضيفة: "تم رصد الطائرات العشر في مطار إسطنبول قبل إقلاعها إلى طرابلس".
وفي بيان، أعلن الجيش الليبي، قبل أيام، أن سفينة شحن تركية وصلت ميناء مصراته غربي ليبيا، يوم 28 مايو/أيار الماضي، وأفرغت حمولة من دبابات ((M60.
وتابع: "المريب، هو تزامن حركة السفينة مع حركة فرقاطات تركية كانت قريبة منها".
وكانت صحيفة تاجس تسايتونج الألمانية نقلت مؤخرا عن مصادر أممية أن فريق الأمم المتحدة المعني بمراجعة امتثال الأطراف المختلفة لقرار حظر تصدير السلاح، رصد في الفترة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2020، اختراق سفينتين حربيتين تركيتين للقرار، ونقل سفن حاويات تركية لمنظومة صواريخ الدفاع الجوي "كوركوت" ومدرعات إلى طرابلس.
وفي إفادة لـ"العين الإخبارية"، أقرت الخارجية الألمانية بوقوع اختراقات لحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وقالت: "في الإعلان الختامي لمؤتمر برلين، التزم جميع الموقعين بالامتناع عن تصدير الأسلحة".
وتابعت: "ندعو جميع الأطراف إلى احترام حظر تصدير الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة وعدم تأجيج الصراع".
ماذا تفعل إيريني؟
خافير زيفر، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، قال بدوره في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "تتمثل مهمة إيريني الأساسية في تنفيذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة من خلال الوحدات البحرية والجوية والأقمار الصناعية".
وتابع: "بعد أسابيع قليلة فقط من بدء الأنشطة في البحر، أثبتت المهمة بالفعل قيمتها المضافة، وتبادلت هذه العملية معلومات قيمة مع فريق خبراء الأمم المتحدة حول تهريب النفط ومنع بعض السفن من المشاركة في هذه الأنشطة غير القانونية".
فيما نقلت صحيفة نويه زوريشر السويسرية عن مصادر لم تسمها الجمعة "إن مهمة إيريني لم تحدث تأثيرا في ملف حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا حتى اليوم".
وتابعت: "تركيا تنقل الأسلحة الثقيلة والمسلحين جوا وبحرا باستمرار إلى ليبيا رغم بدء المهمة عملها قبل أسابيع".
كما أن هناك العديد من نقاط الضعف في عمل مهمة إيريني، أولها هل تملك سفن المهمة حق الاشتباك مع السفن التي تنقل الأسلحة إلى ليبيا؟، وهل يمكن أن تشتبك مع سفن تحرسها فرقاطات من البحرية التركية؟
وفي بروكسل وروما، حيث تتواجد قيادة إيريني، حاولت "العين الإخبارية" الحصول على إجابات لهذه التساؤلات، وتواصلت مع المسؤولين عن الإعلام في المهمة، وهما ايلوسيا كوفيلي، وفينسنسيو دي انا، ولم تحصل على رد.
فيما قالت صحيفة نويه زوريشر السويسرية إنها "حاولت طرح تساؤلات عن قواعد الاشتباك في مهمة إيريني على قيادتها، لكنها تلقت ردا واحدا: هذه معلومات حساسة من الناحية العسكرية".
بدوره، قال الخبير المتخصص في الشأن الليبي، ولفرام لاشر في تصريحات للصحيفة السويسرية: "استخدام الاتحاد الأوروبي القوة لفرض حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، أمر غير وارد".
ومضى في حديثه: "تحتفظ بعثة إيريني بالحق في إيقاف السفن وتفتيشها، لذلك تتمثل مهمتها الأساسية في جمع المعلومات حول عمليات تصدير الأسلحة، وكذلك تهريب النفط"، مضيفا: "فكرة المهمة الأساسية هي رصد وإدانة انتهاكات حظر تصدير السلاح".
ولم يرغب الخبير في الحديث عن "فشل المهمة بشكل نهائي"، لكنه نصح بـ"ابقاء التوقعات منخفضة، حيث سيكون من الصعب أن تنفذ إيريني المطلوب منها".
ورغم الصعوبات التي تواجه إيريني، قال مسؤول أوروبي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" مفضلا عدم ذكر اسمه: "لم يحدد المجلس الأوروبي أي جلسة لمناقشة أداء المهمة أو نتائجها".
من المستفيد؟
ومع صعوبة فرض حظر تصدير السلاح، تعمل تركيا بشكل مستمر على إرسال الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة والمرتزقة بحرا وجوا إلى ليبيا، حسب "نويه زوريشر تسايتونغ"، إلى حد باتت معه أنقرة المستفيد الأكبر من هذا الوضع.
وفي بداية العام، كان وضع ميليشيات الوفاق ميئوسًا منه، واليد العليا للجيش الليبي الذي تقدم على الأرض حتى دخل محيط العاصمة طرابلس. ولكن تدخل تركيا وتصديرها السلاح بلا سقف إلى ليبيا، أعاد خلط الأوراق مرة أخرى، حسب صحيفة بيلد الألمانية "خاصة".
وقال أندرياس كريج الخبير في الشأن الليبي من كلية كينجز كوليدج في لندن للصحيفة ذاتها "إن تدخل تركيا كان حاسماً في نتيجة معركة طرابلس".
وتابع: "مهدت الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي التركية، الطريق أمام ميلشيات الوفاق لصد الجيش الوطني الليبي".
وأضاف: "منذ بدء الهجوم الأخير على طرابلس في أبريل/نيسان 2019، لم يكن لدى قوات الوفاق أي فرصة ضد الجيش الليبي" لكن أسلحة ومرتزقة أنقرة منحوها الأمل.