دي نيرو قلق على "الأيرلندي".. و"سكورسيزي" مؤمن بالعصر الرقمي
مهرجان كان السينمائي يشترط أنه لن يقبل دخول أفلام "نيتفلكس" في مسابقاته الرسمية، ما لم تلتزم بقوانين العرض الفرنسية.
لا يوفر الممثل الأمريكي روبرت دي نيرو فرصة لتذكير "نيتفلكس" بأن عليها أن تطلق فيلمه الجديد " الأيرلندي The Irishman" للمخرج مارتن سكورسيزي، في دور العرض السينمائية قبل أن يكون متاحاً لمشتركيها في منصة خدمة البث عبر الإنترنت، حتى كدنا نعتقد أن الرجل لا ينام من مخاوفه ألا تلتزم "نيتفلكس" باتفاقها مع "سكورسيزي" الذي طالب بإصدار سينمائي للفيلم كجزء من صفقة الإنتاج معها.
غياب "الإيرلندي" عن صالات السينما أو الاحتفاء بعرض متزامن له مع منصة البث الرقمي، يعني بالنسبة للنجم الأمريكي أنه لن يكون بوسعه أن ينافس عبره على جوائز مهرجان "كان" الذي أعلنت إدارته صراحة في دورته الأخيرة أنها لن تقبل دخول أفلام "نيتفلكس" في مسابقاتها الرسمية، ما لم تلتزم بقوانين العرض الفرنسية، التي تفرض عرض الفيلم في صالات السينما قبل أن يتاح للعرض المنزلي بعد 36 شهراً، كشرط لمشاركته في مسابقتها الرسمية.
ولعل لدى النجم الأمريكي الحائز جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في فيلم الثور الهائج (1979)، وجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "العراب 2" (1974) إضافة إلى 5 ترشيحات أخرى لجوائز الأوسكار.. لعل لديه مخاوف من أن تتخذ مهرجانات سينمائية أخرى الموقف ذاته الذي اتخذه مهرجان "كان"، أو يكون من بين أعضاء لجان تحكيمها من يحمل رأياً يشبه رأي المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ الذي شن هجوماً حاداً على أفلام "نيتفلكس"، ووصفها بأنها مجرد أفلام تلفزيونية، يستحق الجيد منها جائزة إيمي، ولكن ليس جائزة الأوسكار، مشيراً إلى أن أفلام نيتفلكس التي يتم عرضها في صالات السينما لمدة أسبوع يجب ألا تتأهل أصلاً للحصول على ترشيح لجائزة الأوسكار.
لعل تلك الهواجس تبرر اللهجة الحاسمة التي استخدمها دي نيرو مؤخراً في مهرجان مراكش السينمائي بدورته الأخيرة، حين قال إن نيتفلكس سيتعامل مع الإيرلندي "بالطريقة التي ينبغي أن يكون عليها"، أي بعرض في الصالات السينمائية أولاً.
يؤدي دي نيرو شخصية القاتل المحترف فرانك شيران الشهير بلقب "الإيرلندي" في الفيلم الذي تسند أحداثه إلى كتاب “I Heard You Paint Houses” للكاتب تشارلز برانت، ويتتبع الفيلم كيفية تحول شيران إلى قاتل محترف نفذ أكثر من 20 جريمة قتل بينها رئيس النقابات الأسطوري جيمي هوفا. ويجسد دي نيرو شخصية شيران في عدة مراحل عمرية، الأمر الذي سيتطلب منه أن يظهر بعمر أصغر بكثير مما هو عليه اليوم، وذلك بالاستعانة بتقنية الكمبيوتر CGI.
هذا ما يجعل الفيلم "مشروعاً طموحاً للغاية" على حد تعبير دي نيرو، وربما يكون سبباً إضافياً لمخاوفه من عدم دخوله صالات السينما بالشكل الذي يؤهله لدخول المهرجانات.
بالنسبة لمخرج الفيلم مارتن سكورسيزي فيبدو مطمئناً بأن الفيلم سيجد طريقه إلى العرض السينمائي في الصالات، وإن كان حتى الساعة لا يبدو واضحاً أين سيكون هذا العرض ومتى؟ ويقر سكورسيزي بـ"الطبيعة المتغيرة لصناعة الأفلام في العصر الرقمي"، خلافاً لمن استغرب تعاونه مع استوديو رقمي لا يضع في أولوياته عرض أفلامه في الصالات السينمائية.
بالمقابل قررت "نيتفلكس" أن تبدي مرونة تجاه صانعي الأفلام رفيعي المستوى، بمنح أفلامهم فرصة العرض في صالات السينما قبل ظهورها على منصتها الرقمية، وذلك بهدف رفع فرص نيلها الجوائز في المهرجانات.
وأعلنت "نيتفلكس" في أواخر أكتوبر الماضي، أنها ستتخلى عن استراتيجية "اليوم والتاريخ"، التي تحصل فيها الأفلام على إصدارات في صالات السينما، وأخرى رقمية في نفس الوقت، لصالح منح بعض صانعي الأفلام الكبرى فرصة التنافس على الجوائز.
عملياً حصلت ملحمة ألفونسو كوارون "روما" على الإصدار التجريبي في صالات العرص الأمريكية والمطلوب لنيل جائزة الأوسكار. إذ نال فرصة العرض السينمائي لمدة 3 أسابيع في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن يجد طريقه إلى البث عبر الإنترنت في 12 ديسمبر الجاري (يشترط الترشيح للأوسكار العرض التجاري للفيلم في لوس أنجلوس لمدة 7 أيام متتالية)، ولعل في نيله واحدة أو أكثر من جوائز الأوسكار، ما يؤكد صواب قرار "نيتفلكس" في استثناء عدد من صانعي أفلامها من استراتيجية "اليوم والتاريخ" الصارمة.
ويعد فيلم "روما" من الأفلام الأوفر حظًا في نيل عدد من جوائز الأوسكار في 22 يناير المقبل، ولعله إن فعلها سيشيع شيئاً من الاطمئنان في قلب دي نيرو، بأن فيلمه "الإيرلندي" سيحظى بفرصة العرض المطلوبة في الصالات بما يوفر له جميع الشروط اللازمة لدخول المهرجانات ونيل جوائزها أيضاً، فضلاً عن منحه فرصة مغازلة شغف عشاق السينما عبر الشاشات الكبيرة قبل أن يصير متاحاً للعرض عبر منصة نيتفلكس في النصف الثاني من العام 2019.