المرأة الحديدية.. ستيفاني وليامز تغادر ليبيا
تغادر المستشارة الأممية بشأن ليبيا ستيفاني وليامز خلال أيام منصبها الذي تولته منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ورغم أن وليامز تولت منصبها على إثر مؤتمر دولي وضع مسارات واضحة للحل في ليبيا، إلا أن الليبين اتهموها بالتحيز وعدم القدرة على إدارة الملف، وأن ما تحقق من إنجازات في حقبتها مرده للدعم الدولي، في حين يرى آخرون أنها حققت إنجازات تحسب لها وأطلقوا عليها المرأة الحديدية.
دبلوماسية مخضرمة
وستيفاني وليامز دبلوماسية أمريكية متمرسة على الصعيدين الدولي والمحلي الأمريكي، إذ شغلت عدة مناصب من بينها القائمة بالأعمال بالنيابة في سفارة بلادها في ليبيا، في 2018 كما سبق وشغلت منصب كبيرة المستشارين للشؤون السورية، من لندن بمكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية في الفترة بين 2017-2018.
كما شغلت منصب نائبة رئيس البعثة في البعثة الأمريكية في العراق (2016-2017)، والأردن (2013-2015) والبحرين (2010-2013)، وعملت في سفارات الولايات المتحدة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، وباكستان.
كما تولت عدة مناصب أخرى في وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن من بينها مسؤولة مكتب الأردن، ونائبة مدير شؤون مصر والمشرق العربي، ومديرة مكتب المغرب العربي.
وشغلت وليامز كذلك عدة مناصب أممية من بينها نائبة الممثل الخاص بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) في الفترة بين 2018-2020، ثم تولت رئاسة البعثة بالإنابة في الفترة بين 2020-2021، بعد استقالة المبعوث الأممي الأسبق غسان سلامة.
وتحصلت وليامز على العديد من الشهادات العلمية حيث تخرجت من جامعة ماريلاند عام 1987، بمرتبة شرف عن شهادتين: الأولى في الاقتصاد والثانية في العلاقات الحكومية، كما حصلت على درجة الماجستير في الدراسات العربية من مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورجتاون، في عام 1989.
وهي خريجة متميزة في الكلية الحربية الوطنية، حيث حصلت على درجة الماجستير في دراسات الأمن القومي في عام 2008، كما تتقن اللغتين الإنجليزية والعربية.
إدارة البعثة
وتصادف تعيين وليامز في مناصبها المختلفة المتعلقة بالملف الليبي كرئيسة للبعثة بالإنابة أو نائبة للمبعوث الأممي أو مستشارة للأمين العام بعد مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا والذي تم فيه الاتفاق على مسارات حل الأزمة، ما ساهم في تحقيق إنجازات في الملف.
ووفقا لمؤتمر برلين خاض الليبيون مسارات تفاوضية 3 "سياسية واقتصادية وعسكرية"، حيث تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية في جنيف أكتوبر/تشرين الأول 2020، والقاضي بفتح الطريق الساحلي وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وحل المليشيات ونزع سلاحها، وهي أمور لم يتحقق منها إلا القليل أثناء إدارة وليامز وعادت الاشتباكات بين المليشيات.
واتهمت وليامز بمحاولة استبدال المؤسسة التشريعية الليبية من خلال إنشاء ما يعرف بالملتقى السياسي الليبي بتونس، إلا أن الأطراف الليبية وافقت على خارطة الطريق المنبثقة عنه مع تشكيل سلطة تنفيذية موحدة من مجلس رئاسي وحكومة، وتحديد موعد للانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أن هذه الجهود سرعان ما انهارت.
وانتقد الليبيون على البعثة في ظل ولاية وليامز العديد من الأمور، من بينها السماح بترشح عدة أشخاص للانتخابات الرئاسية رغم تعهدهم بعدم الترشح، ما تسبب في إعلان القوى القاهرة وتعذر إجراء الاستحقاق، كما ساءت الأمور أكثر وعاد الملف الليبي إلى المربع الأول بعودة الانقسام السياسي بين حكومتين متوازيتين، والاشتباكات بين المليشيات.
وقادت البعثة الأممية المسار الاقتصادي، ومساعي توحيد المصرف المركزي والمؤسسات السيادية، إلا أنه حتى الآن لم يحدث أي تقدم بهذا المسار ولا يزال الصديق الكبير محافظا للمصرف المركزي رغم تغيير مجلس النواب له، وكذلك تعثرت جهود مراجعة حسابات المصرف.
وبعد استقالة المبعوث الأممي السابق يان كوبيتش وعدم اتفاق مجلس الأمن على بديل له عين الأمين العام للأمم المتحدة وليامز كمستشارته الخاصة للملف الليبي، حيث قادت الجهود الدولية والتي تركزت على وضع قاعدة دستورية للانتخابات.
وبعد عدة جولات بين الفرقاء في القاهرة وجنيف أعلنت وليامز فشلها للتوصل إلى اتفاق على النقاط الجوهرية في المسار حول شروط الترشح للرئاسة والتي لا تزال قيد التداول بين الفرقاء الليبيين.
ورعت وليامز العديد من الاجتماعات مع اللجنة العسكرية الليبية والتي خرجت بالعديد من الاتفاقات والتي احتاجت إلى دعم دولي لم يتحقق لها ما تسبب في استمرار الوضع على ما هو عليه بالنسبة للمليشيات والمرتزقة والقوات الأجنبية ما دفع بالعسكريين لأخذ زمام المبادرة، حيث التقى رئيس أركان الجيش الليبي ورئيس أركان القوات بالمنطقة الغربية في مدينة سرت ما زاد الثقة بين الأطراف ووصلت إلى تبادل الزيارات التاريخية في سرت وطرابلس، وإعلان الاتفاق المبدئي على توحيد المؤسسة العسكرية وتسمية رئيس أركان موحد.
مغادرة وليامز
وفي حين لا تزال العديد من المسارات التفاوضية الليبية جارية، أعلنت الأمم المتحدة عدم تجديدها لوليامز، لتغادر منصبها، 31 يوليو/تموز الجاري، دون أن تترك بديلا، مع استمرار الخلاف في مجلس الأمن على تسمية مبعوث أممي في ليبيا.
وكان السلوفاكي يان كوبيتش قد أعلن استقالته من منصبه مبعوثا أمميا للدعم في ليبيا مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا في الشهر ذاته وعدم وجود بوادر لنجاحه.
ولم يتفق مجلس الأمن الدولي منذ حينها على تسمية خلف لكوبيتش ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة لتعيين الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة له للشأن الليبي، وهو ما لقي معارضة كبيرة من عدد من الدول.
ومنذ حينها يحاول الأمين العام للأمم المتحدة إيجاد بديل مناسب لكوبيتش وستيفاني إلا أنه لم يحدث ذلك حتى الآن، وتتولى ستيفاني إدارة جهود الأمم المتحدة في ليبيا حتى 31 يوليو/تموز الجاري مع تولي نائب المبعوث الأممي المستقيل الزيمبابوي رايزيدون زينينجا إدارة البعثة في الداخل الليبي.
وتتركز الجهود الدولية والأممية في ليبيا مؤخرا على دعم المسار الدستوري الذي تحتضنه القاهرة للإعداد للانتخابات، إلى جانب تثبيت وقف إطلاق النار ومحاولة توحيد المؤسسة العسكرية وإطلاق مشروع المصالحة الوطنية.
aXA6IDE4LjIyMy4xMjUuMjM2IA== جزيرة ام اند امز