صعود الدولار هل يدفع إلى تحرير كامل لسعر الدواء بمصر؟
منتجو ومستوردو الأدوية في مصر يسعون إلى ربط سعر الدواء بالدولار، وقوى السوق الحر، وصولا إلى التحرير الكامل في مراحل لاحقة.
يسعى منتجو ومستوردو الأدوية في مصر إلى ربط سعر الدواء بالدولار، وقوى السوق الحر، وصولا إلى التحرير الكامل في مراحل لاحقة، بهدف تفادي تقلبات تكاليف الإنتاج والاستيراد للدواء تام الصنع، أو للمواد الخام ومكونات الإنتاج.
ويبحث اتحاد الصناعات المصرية مع الجهات المختصة في مصر، خصوصاً وزارة الصحة، تشكيل لجان نوعية مشتركة بين الاتحاد ووزارة الصحة، ومجلس النواب، لصياغة سياسية لتحرير أسعار الدواء، استناداً إلى واقع سعر الدولار بشكل دوري.
ويقترح اتحاد الصناعات من خلال غرفة صناعة الدواء أن يتم تحديد سعر دوري للدواء نصف سنوي، أو بشكل سنوي، وفقاً لما سيتم الاتفاق عليه، للحد من أي تذبذبات في الأسعار، بشرط أن يتم البيع بالسعر القديم خلال فترة انتقالية، ليبدأ بعدها البيع بالسعر الجديد، ارتفاعاً أوهبوطاً، وفقاً لمتوسط سعر الدولار في الشهر السابق للتطبيق.
وأفادت الغرفة في مذكرة رسمية إلى وزارة الصحة، ومنها نسخة إلى مجلس النواب، بأن قرار تسعير 300 صنف من الدواء جاء لعلاج سريع وليس نهائي لأزمة صناعة الدواء في مصر، والتي تحتاج إلى علاج شامل وتام لأكثر من 12 ألف صنف، وذلك من خلال سياسة تسعرية حرة، تتجنب التقلبات السعرية المتوقعة، بسبب التذبذب في سعر الدولار.
وبينت أن صناعة الدواء تعتمد بشكل كبير وبما يتجاوز 90% على مواد خام ومكونات مستوردة، بخلاف الاعتماد على الاستيراد بنسبة كبيرة في تلبية متطلبات السوق المحلي من الأدوية والمستحضرات الطبية، الأمر الذي يتطلب أن يكون الدولار هو معيار تحديد السعر المتداول في الأسواق.
كانت مصر قد شهدت أزمة كبيرة في الدواء في أعقاب تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016، وهو ما أدى إلى نقض في العديد من الأصناف الدوائية المحلية والمستوردة، ووصل الأمر إلى إعلان خطوط إنتاج توقفها الجزئي أو الكلي عن التصنيع، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، في ظل ثبات الأسعار.
ولتجاوز الأزمة صدر قرار من وزير الصحة الدكتور أحمد عماد في 12 يناير 2017، بتسعير جديد لـ300 صنف دواء بزيادة 30% إلى 50%، وهو ما اعتبره المصنعون ومستوردو الأدوية حل مؤقت وليس نهائي، نظرا للمتغييرات على سعر الدولار، والذي أدى إلى فروق وصلت إلى 100% في التكاليف، حيث ارتفعت حسابات التكاليف من 8.88 جنهيات للدولار، إلى نحو 19 جنيها بعد قرار التعويم.
ويرى الدكتور علي عبدالله مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية أن حل الازمة فى قطاع الدواء يبدأ من تحرير سعر الدواء وتحريكه ارتفاعا وهبوطا بما يناسب سعر الصرف والتوقف عن سياسة التسعيرة الجبرية المعمول به حاليا من وزارة الصحة مع ضبط الأسعار من خلال آلية للتعامل مع المخالفين ودعمكل من يلتزم.
ونوه بأهمية وضع نظام تسعير يحقق التوازن بين التكلفة الفعلية للدواء وبين سعر البيع، حتى يكون قادراً على المنافسه فى السوق المحلى والعالمى، مشدداً على صياغة آلية لضمان عدم تلاعب الشركات بالأسعار وعدم تمييز شركة عن أخرى فى تسعيير أدويتها سواء كانت حكومية أو خاصة، مع معالجة نظام تقسيم الأرباح القائم بين المنتج والموزع والصيدلي، على أن يتم التوصل إلى نظام يحقق التوزان بين مختلف أطراف المنظومة، وباتفاق عام.
ويحاول مصنعو الدواء، وفقاً للدكتور أحمد مصطفي النورسي مدير الإنتاج في العامرية للصناعات الدوائية، أن يتوصلوا إلى آلية تسويات للأسعار تحقق المعادلة الصعبة لمنتجي الدواء، من خلال ربط السعر بمستوى الدولار، وفقاً لآليات التحرير المعمول بها في بعض دول العالم والمنطقة، والتي تقوم بالتسعير كل 6 أشهر حسب مستويات سعر الدولار.
ولفت إلى أن تحديد سعر الدولار الجمركي عند 18,5 جنيه لكل دولار ساهم في حل العديد من المشاكل التي تواجه صناعة الدواء في مصر، لأنه اسهم في تحديد واضح للسعر الدوري للدولار الجمركي، والذي يتم على أساسه حساب الجمارك على المواد الخام وجميع مدخلات الإنتاج في المستلزمات الطبية والدوائية.
وأشار معتز الوسيمي مدير صيدليات الصفوة إلى أن وجود ما يشبه الإتفاق في تسعير الدواء، يستند إلى أنه في حال ارتفاع سعر الدولار بحوالي 15% على مدى 6 أشهر من الممكن إعادة تسعير المنتجات الدوائية، مبينا أن هذا الاتفاق "العرفي" في سوق الدواء المصري يتيح معالجة الأزمات التي تواجهها الصناعة المصرية في هذا القطاع، من خلال التحريك بالزيادة أو التخفيض على أسعار الأدوية، بربط الدولار بصناعة الدواء، وإن كان هذا يتطلب توافقا بين جميع الأطراف.
ومن جانبه أوضح الدكتور سليمان عبد الحكم الخبير الدوائي وأستاذ علم الدواء في جماعة القاهرة أن تطبيق تحرير كامل لأسعار الدواء أمر شبه محال، لأنه قد يؤدي إلى حالة فوضى في سوق الدواء وسيضير المرضى بالأساس، في حال رفع الدولة يدها، منوها بأن معظم دول العالم تضع رقابة سعرية على الدواء، حتى لو كانت مستوردة له بالكامل.
وبين أن تحرير سعر الدواء يعيني إطلاق إدارات شركات الدواء فى تحديد أسعار الأدوية، خصوصاً أن نظام التأمين المعمول به في مصر ليس مثل الدول الأخرى، التي توفر أنظمة علاج شاملة تتحملها جهات العمل، وبالتالي فإن أي تحرير لسعر الدواء سيفرض أعباءً كبيرة على مختلف أفراد المجتمع المصري.
وأكد عبد الحكم على ضرورة رفض أي محاولة لإلغاء التسعير الجبري، وترك الأسعار لقوى السوق، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاعات شبه جنونية في الأسعار، خصوصاً في المنتجات المستوردة، والتي تشكل جزءاً رئيسياً من احتياجات السوق المصري، بل ربما يدخل قطاع الدواء حالات احتكار وتخزين للأدوية، للاستفادة من الأسعار في حالات ارتفاع السعر والطلب أو البيع.
في حالات ارتفاع سعر الصرف للدولار أمام الجنيه، منوهاً بوجود تحفظات رسمية على التوجه نحو التحرير الكلي لسعر الدواء.
محمود فؤاد مدير مركز الحق في الدواء، يرى أن تحرير سعر الدواء بالمفهوم التي ترغبه الشركات والمصنعين، سيكون كارثياً على المصريين، بل سيضع أي حكومة تقبل به في مأزق، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف العلاج بشكل عام في أعقاب تعويم الجنيه منذ 3 نوفمبر من العام الماضي.
وأوضح أن هناك أزمة فعلية بالنسبة للدواء وصناعته، وهذا أمر لا يمكن تجاهله، وشركات الأدوية لديهما مشكلة حقيقية، والفروق واضحة في التكاليف، وبالتالي فموضوع تعويض الشركات عن الفروق الكبيرة في التكاليف والأسعار، يجب أن تجد الحكومة حلا له؛ لأنها من تسببت في الأزمة، وفي نفس الوقت دون أن يؤثر على احتياجات المرضى، وطالبي الدواء، وليس بالضرورة تطبيق سياسة التحرير الكامل لأسعار أدوية المصريين.
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA==
جزيرة ام اند امز