الاستيطان في 2019.. توسعات احتلالية تسقط حل الدولتين
خليل التفكجي قال لـ"العين الإخبارية" إن الاستيطان قضى بشكل كامل على حل الدولتين، فمن المستحيل إقامة دولة فلسطينية بدون تواصل جغرافي
ترتفع المباني الكبيرة في مستوطنة "رامات شلومو"، المقامة على أراضي بلدة شعفاط، شمالي القدس، بصورة متسارعة منذ بداية العام الجاري.
ولم يكن إقامة هذه المباني، التي تضم مئات الشقق الاستيطانية، ممكنا قبل وصول الإدارة الأمريكية الحالية بعد أن عارضتها الإدارة السابقة.
ولكن ما يجري في "رامات شلومو" يعكس نقلة كبيرة في الاستيطان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أن توقفت الإدارة الأمريكية الحالية بداية عن انتقاد الاستيطان مرورا برفض اعتباره "غير قانوني"، وصولا إلى إبداء الاستعداد لضمه إلى إسرائيل.
وقال خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس، لـ"العين الإخبارية ": "لقد شهد عام 2019 طفرة استيطانية سواء في الضفة الغربية أو القدس الشرقية".
وأضاف التفكجي، الذي ينشط في رصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، "لاحظنا أن الحكومة الإسرائيلية بدأت تخرج ما في جارورها من مشاريع استيطانية وتبدأ تنفيذه على أرض الواقع".
وتابع التفكجي: "الحكومة الإسرائيلية تقوم بأعمال التوسع الاستيطاني في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية بما في ذلك المستوطنات المعزولة الموجودة في عمق الضفة الغربية".
- الاحتلال الإسرائيلي يقر بناء 2342 وحدة استيطانية بالضفة الغربية
- نتنياهو ردا على واشنطن: ضم غور الأردن أثير خلال لقائي بومبيو
وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها، فقد أشارت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، الناشطة في معارضة الاستيطان، إلى أنه منذ بداية عام 2019، صادقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة 8337 وحدة استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية، بزيادة تصل إلى 50% مقارنة بعام 2018، حينما صادقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة 5618 وحدة استيطانية.
يعد هذا الرقم هو الأعلى في غضون عدة سنوات إذ صادقت الحكومة الإسرائيلية في عام 2017 على إقامة 6742 وحدة استيطانية وفي عام 2016 على إقامة 2613 وحدة استيطانية وفي عام 2015 على إقامة 1732 وحدة استيطانية فيما صادقت في عام 2014 على إقامة 6329 وحدة استيطانية، بحسب معطيات حركة "السلام الآن".
ولا تشمل هذا الأرقام 805 وحدات استيطانية أقرت الحكومة الإسرائيلية إقامتها في القدس الشرقية في نهاية شهر مايو/أيار.
كما أقام المستوطنون الإسرائيليون بؤرة استيطانية جديدة إلى الغرب من مدينة بيت لحم في جنوبي الضفة الغربية لترتفع عدد البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ انتخاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى 25 بؤرة.
وفي مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول من العام صادقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة مستوطنة في قلب مدينة الخليل في جنوبي الضفة الغربية.
سبق ذلك مصادقة الحكومة الإسرائيلية في الخامس عشر من سبتمبر/أيلول على إقامة مستوطنة جديدة "ميفعوت يريحو" في غور الأردن، كما أعلنت مصادرة المئات من الدونمات من الأراضي الفلسطينية.
واستنادا إلى معطيات حركة "السلام الآن" الإسرائيلية فإن هناك 132 مستوطنة و212 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية يقطنها أكثر من 428 ألف مستوطن.
كما أن هناك 13 مستوطنة و13 بؤرة استيطانية في داخل الأحياء في القدس الشرقية يقطنها 215 ألف مستوطن إسرائيلي.
بالنسبة للفلسطينيين فإن جميع هذه المستوطنات غير شرعية ويقولون إنهم لن يقبلوا تواجد أي مستوطنة أو مستوطن في الدولة الفلسطينية المستقبلية.
- "الجنائية الدولية": ننظر بقلق إلى مخطط ضم إسرائيل لغور الأردن
- أوروبا: الاستيطان غير قانوني وموقفنا لن يتغير
الرئاسة الفلسطينية: لا شرعية للاستيطان
وقال نبيل أبوردينة، المتحدث الرسمي بلسان الرئاسة الفلسطينية، لـ"العين الإخبارية": "الاستيطان جميعه غير شرعي ولا إسرائيل ولا أمريكا تعطي أي مشروعية له".
وأضاف: "فلا يمكن القبول بأي تواجد استيطاني في أراضي الدولة الفلسطينية وستكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وعلى هذا الأساس يمكن صنع السلام".
ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن عزمه مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وقال في 28 نوفمبر/تشرين الثاني: "نواصل تعزيز الاستيطان ودعمه، إنهم لن يقتلعونا من هنا".
وأعلن نتنياهو عزمه ضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وأنه لن يخلي أي مستوطنة أو مستوطن في الأراضي الفلسطينية.
ويأخذ الفلسطينيون على الإدارة الأمريكية الحالية وقفها توجيه الانتقاد إلى النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية بما في ذلك اعتباره عقبة في طريق السلام.
وقال التفكجي: "الصمت الأمريكي فتح شهية الحكومة الإسرائيلية على الاستيطان، وبموازاة التوسع على الأرض فقد بدأت الحكومة الإسرائيلية تتحدث عن ضم جميع المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن إلى إسرائيل".
وأضاف: "الحكومة الإسرائيلية شرعت في التوسيع الاستيطاني فيما يسمى القدس الكبرى وصادقت على مشاريع استيطانية بما فيها القطار الهوائي الخفيف (التلفريك) المطلة على البلدة القديمة".
مراحل تؤسس للضم
أوقفت واشنطن في منتصف مارس/آذار استخدام تعبير "الأراضي المحتلة" للإشارة إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني أيدت حق إسرائيل بالاستيطاني في الأراضي الفلسطينية بعد التخلي عن موقفها الذي تبنته لعقود، حيث أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حينها إلى أنه "بعد دراسة جميع أوجه الجدل القانوني بعناية، توصلت الولايات المتحدة إلى أن بناء المستوطنات الإسرائيلية المدنية في الضفة الغربية في حد ذاته لا يتعارض مع القانون الدولي".
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إعلان الوزير الأمريكي يفسح الطريق أمام اعتراف أمريكي بضم إسرائيل لأراض فلسطينية وبخاصة غور الأردن والمستوطنات.
وبحسب استطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في سبتمبر/أيلول فإنه: "تعتقد نسبة من 63% أن حل الدولتين لم يعد عملياً بسبب التوسع الاستيطاني لكن نسبة من 34% تعتقد أنه لا يزال عملياً. كذلك، تقول نسبة من 78% إن فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل خلال السنوات الخمس المقبلة ضئيلة أو ضئيلة جداً وتقول نسبة من 21% أن الفرص متوسطة أو عالية".
حل الدولتين بات مستحيلا
يرى التفكجي أنه في ظل الأوضاع الحالية فإن تطبيق حل الدولتين، دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، بات مستحيلا.
وقال: "الاستيطان قضى بشكل كامل على حل الدولتين، فمن المستحيل إقامة دولة فلسطينية بدون تواصل جغرافي بين الأراضي الفلسطينية، والاستيطان يجعل هذا التواصل مستحيلا".
وأضاف التفكجي: "اليمين الإسرائيلي لا يريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وبلا شك فإن سلسلة التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن الاستيطان تصب في تحقيق هذا الهدف".
aXA6IDUyLjE0LjI1Mi4xNiA=
جزيرة ام اند امز