على أبواب بغداد.. داعش في حصون لم تطأها القوات العراقية
منذ سنوات تشكو العاصمة بغداد من خاصرتها الشمالية ضمن ما يعرف بمناطق الحزام، وتحديداً عند قضاء الطارمية.
ولم تنهِ عشرات الحملات العسكرية التي نفذتها القوات العراقية، خطر الإرهاب وأعشاش خلاياه النائمة.
قضاء الطارمية الذي تمتد مساحته لنحو 100 ألف دونم والقابع عند حدود بغداد الشمالية، ما زال حديثا أمنيا ساخنا رغم أن السلطات العراقية تؤكد دوماً بانتهاء تنظيم داعش وما تبقى ليس أكثر من أفراد تصفهم بـ"الفلول".
كان العراق قد أنهى حرباً شرية ومكلفة جداً امتدت ثلاث سنوات لاسترجاع المدن التي اجتاحها تنظيم داعش في يونيو/حزيران 2014، استباح من خلالها الأعراض والاغراض والبلاد.
وكان مختصون ومعنيون بالشأن الأمني حذروا باستمرار من خطر ذلك القضاء بحكم ما يوفره من ملاذات آمنة لداعش وضمن مسافات قريبة تهدد العاصمة من أقرب نقاطها.
ولم تسجل الطارمية استقراراً أمنياً على مدار السنوات الخمس الماضية، أكثر من بضعة شهور حتى تظهر على نواحيه خروقات تتباين ما بين تفجير أو اشتباك مع القوات الماسكة للأرض.
ولتكرار تلك الخروقات بين الحين والآخر، تطالب أوساط سياسة وعامة بإعادة تجربة منطقة "جرف الصخر"، إحدى مناطق حزام العاصمة، في قضاء الطارمية.
ولكن لجنة الأمن والدفاع النيابية ترى أن ذلك ليس حلاً منطقياً بتهجير آلاف العوائل عن مناطق سكناهم، محملة القوات الأمنية المسؤولية عما يجري هناك.
وجرف الصخر، منطقة تقع على بعد 60 كم جنوب غرب بغداد، سجلت ما بعد احتلال داعش لمدن العراق، مركزاً مهماً لذلك التنظيم استطاعت من خلالها تهديد أمن العاصمة والمناطق القريبة منها بعشرات العمليات الإرهابية.
ورغم انقضاء تحرير المدن من سيطرة تنظيم داعش، وإعلان النصر في منطقة جرف الصخر ، إلا أن القوات الأمنية ما زالت ترفض عودة ساكنيها خشية أن يتدفق بينهم عناصر تنظيم داعش.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أشرف ميدانياً في زيارة أجراها لقضاء الطارمية، في فبراير/شباط الماضي، على عملية عسكرية قتل فيها عناصر إرهابية من بينهم ما يسمى "والي الطارمية" و"المفتي الشرعي" لتنظيم داعش.
وحتى أول أمس، هاجم تنظيم داعش، في الطارمية، قوة أمنية بتفجير عجلة عسكرية كانت تقلهم ومن ثم الاشتباك مع فصيل ماسك للأرض، استخدم من خلالها أسلحة قنص، مما أسفر عن مقتل 4 عناصر أمنية وجرح آخرين.
و ردت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية غداة ذلك اليوم بأن المعركة مع داعش باتت استخباراتية وحرب معلوماتية أكثر من كونها عسكرية صرفة.
وجراء استمكان داعش المنطقة القريبة من قلب السيادة، بغداد، واستمرار شن عملياتها، تسود حالة من الجدل في المشهد العراقي بشأن قدرة القوات الأمنية على ردع الإرهاب وإنهاء تواجده عند ذلك القضاء.
خروقات الطارمية تحت السيطرة
يؤكد المتحدث باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، أن بعض المناطق في قضاء الطارمية لم تصل إليها قوات أمنية منذ سنوات بسبب ظروف جغرافية وفنية.
ويوضح الخفاجي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الطبيعة الزراعية لذلك القضاء وأراضيه الشاسعة الممتدة التي يتكاثف فيها القصب والبردي تجعل من الصعب تعقب عناصر تنظيم داعش واستمكان ملاذاتهم هناك".
ولكنه يؤكد أن الطارمية ليست منطقة مستباحة من إرهاب داعش وإنما الخطر يتمثل في جزئها الشمالي ذي الطبيعة الوعرة والمعقدة.
ويلفت الخفاجي إلى ان الخطر الأكبر لا ينحسر عند شمال قضاء الطارمية فحسب، بل أنه يتمثل في الحواضن الإرهابية التي توفر الدعم والتمويل من سلاح وغذاء ومؤن لعناصر التنظيم.
ومع ذلك يؤكد الناطق باسم العمليات المشتركة، أن قضاء الطارمية ليس عصياً على القوات الأمنية وأن العمليات جارية في مطاردة فلول تنظيم داعش.
وقضاء الطارمية أحد الأقضية الستة التي تحيط بالعاصمة وتسمى بحزام بغداد، وتكمن أهميته في ربطه بين أربع محافظات عراقية هي بغداد وصلاح الدين وديالى والأنبار ويتألّف هذا القضاء من ثلاث نواحي هي مركز القضاء وناحية المشاهدة وناحية العبايجي وتبلغ مساحة القضاء حوالي 192411 دونم.
ويبلغ عدد سكان الطارمية نحو 91 ألف نسمة وعدد العوائل فيه 15 ألف عائلة من عشائر متعددة منها المشاهدة والبوفراج والسلمان والحياليين والجنابيين والجبور والعبيد.
من جانبه يرى المحلل الأمني، طه أبو رغيف، أن خطورة القضاء تكمن في جغرافيته التي تكمن بربط مناطق بذراع دجلة وابراهيم بن علي والكسارات وترتد إلى الأنبار من ناحية الكرمة وكذلك إلى مناطق ديالى.
ويستدرك بالقول إن "تلك المساحة والامتداد توفر لعناصر تنظيم داعش قدرة على التحرك والتنقل ما بين أكثر من مكان بعيداً عن المصائد والكمائن الامنية.
وفي عام 2017، كانت القوات الأمنية العراقية نجحت خلال عملية أمنية من قتل 24 انتحارياً في قضاء الطارمية.
ويقول أبو رغيف خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "القضاء مثل حتى وقت قريب مقراً رئيسا لمفاصل التنظيم الرئيسة وهي ولايات بغداد والجنوب والشمال الذي يقودها أبو ياسر العيساوي قبل أن يتم مقتله بعملية جوية عند وادي الشاي بمحافظة كركوك مطلع العام الحالي".
تلك المعطيات بحسب أبو رغيف تدل على أن القضاء وتحديد في شماله والذي يسمى بـ"الزور"، له طبيعته وظروفه التي هيأت لتنظيم داعش اعتماده بشكل حواضن آمنة.
وبشأن الحلول والمعالجات، يقترح أبو رغيف ان تكون هنالك عملية عسكرية شاملة تمتد من الشارع حتى النهر يكون فيها عنصر المباغتة والمفاجأة لعناصر التنظيم على أن يترافق معها تقديم الخدمات لسكان ذلك القضاء بما يعزز فرص الحياة في الطارمية.
ويكشف الخبير الامني أبو رغيف عن عديد عناصر تنظيم داعش في القضاء استناداً إلى معلومات استخباراتية كان قد حصل عليها.
ويستدرك بالقول: "أعدادهم لا تتجاوز الـ50 مسلحاً وليس كما يروج في بعض وسائل الإعلام".
aXA6IDMuMTQzLjI0MS4yNTMg جزيرة ام اند امز