بعد تكرار الهجمات.. الكشف عن خريطة نشاط داعش بالعراق
تنفذ القوات الأمنية العراقية بين الحين والآخر عمليات عسكرية لملاحقة خلايا تنظيم داعش الإرهابي في عدد من المناطق الحدودية.
ورغم إعلان النصر النهائي على داعش بعد خسارة مدينة الموصل، آخر معاقله قبل 3 سنوات، إلا أن الحرب لم تنته في اقتلاع جذوره من الأراضي العراقية، وخاصة بعد تصاعد هجماته بشكل متكرر منذ مطلع العام الحالي.
ومنذ استعادة المدن التي احتلها داعش بعد أحداث يونيو/حزيران 2014 ، تنفذ القوات الأمنية بين الحين والآخر عمليات عسكرية لملاحقة خلايا التنظيم النائمة في عدد من المناطق الحدودية ومراكز بعض المدن، ورغم تلك الحملات مازال التنظيم قادراً على التهديد والمباغتة وشن الهجمات.
وتتخذ خلايا داعش من الصحاري والأراضي المفتوحة وأعالي الجبال، أوكاراً لعمليات التخطيط الهادئ بعيداً عن مراصد الأمن، ومركزاً لشن هجمات متقطعة غالباً ما تستهدف القطعات العسكرية باستخدام العبوات الناسفة وأسلحة القنص.
عدد الهجمات
ومنذ الأول من الشهر الماضي، وحتى إعداد هذا التقرير، وصلت عدد الهجمات التي نفذها داعش إلى 31 عملية، توزعت ما بين 6 محافظات كان النصيب الأكبر منها لمحافظتي ديالى ونينوى.
ويأتي ذلك التصعيد مع انطلاق عمليات أمنية لملاحقة مسلحي داعش في الجبال والمناطق ذات التضاريس المعقدة.
وسجل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، عمليات نوعية نفذها داعش من بينها مهاجمة نقطة تفتيش لقوات عسكرية مثل "الصحوة العشائرية"، في منطقة الرضوانية، إحدى المناطق التابعة لحزام بغداد، نفذها أربعة عناصر ، سقط على إثرها 4 أشخاص وجرح 3 آخرون، في خرق أمني هو الأول من نوعه للتنظيم في العاصمة العراقية منذ أحداث 2014.
واعتبر خبراء أمنيون، حادثة الرضوانية أنها "جرس إنذار"، يؤشر على قدرة داعش في اختيار المكان والزمان لتنفيذ هجماته، كما تعكس قدرته على تنظيم صفوفه.
ورداً على ذلك، أطلق الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، حملتين عسكريتين ضد فلول داعش، الأولى في جبال محافظة صلاح الدين، والثانية بجزيرة نينوى وصحراء غرب الأنبار، فيما بقيت الخروقات الأمنية تتصدر المشهد دون اكتراث لحملات الملاحقة.
ويربط خبراء أمنيون تطورات المشهد الأخير بـ"كلاسيكية العقل العسكري العراقي" الذي مازال يطارد تنظيم داعش وفق خطط وبرامج تكتيكية "أكل عليها الدهر وشرب".
وقال أعياد طوفان الخبير الأمني، لـ"العين الإخبارية"، إن العمليات الأمنية، هي إعلامية أكثر من كونها اعتراضا للإرهاب.
وأضاف طوفان، أن " الهجمات الإرهابية التي ينفذها داعش وبخاصة حادث الرضوانية قبل أيام وصلاح الدين، أمس السبت، تؤكد أن للتنظيم حواضن و ملاذات آمنة داخل المدن توفر له حركة التنقل والترابط والتخطيط المريح".
خريطة داعش في العراق
وبحسب تقارير حصلت عليها، "العين الإخبارية"، من مصادر أمنية رفيعة، تتوزع أماكن تواجد مسلحي داعش ضمن مناطق عدة في غرب وشمال العراق وكذلك عند حدود مناطق العاصمة بغداد الشمالية وصولاً إلى محافظة بابل .
وتمثل المناطق الحدودية من الجانب الغربي للعراق، مرتعاً خصباً لتواجد مسلحي داعش، لا سيما في مناطق "الفلوجة والرمادي والحديثة و الرطبة، بمحافظة الأنبار، وصولاً لـ "وادي حوران"، قرب سوريا.
وفي الجانب الشمالي، تكشف التقارير الأمنية عن تواجد للتنظيم في صحراء نينوى والأماكن التي تتسم بالتضاريس الوعرة والممتدة.
ولفت التقرير إلى وجود جيوب متفرقة لعناصر داعش موزعة عند مقتربات المدن في محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، التي توفر الغطاء الأمن والبيئة المناسبة للتنظيم بسبب ضعف مسكها أمنياً وسهولة التحرك من خلالها ما بين مدن متفرقة.
ووفقاً لمصادر أمنية عراقية، بدأت خلايا داعش النائمة بالانسحاب من المناطق الحدودية والزحف باتجاه المناطق المحررة خصوصا المهجورة منها، لمحاولة تنفيذ عمليات استهداف من "مطابخ داخلية"، تحت غطاء المدن.
وبشأن الهجمات الثلاثة التي شهدتها محافظة صلاح الدين، شمال العراق ، والتي كان آخرها هجوم ناحية يثرب، السبت، يوضح الخبير الأمني، أمجد سعيد، أن عصابات داعش تستخدم استراتيجية "الجبن والفأر" مع القوات الأمنية العراقية.
وقال سعيد، إن " داعش يقاتل بزاوية ٣٦٠ درجة على شكل دوائر بحرب استنزاف وتعرضات شبه يومية على القطاعات الأمنية بالمحافظة وعمليات نوعية منها هجمات على منازل قيادات أمنية وخطف منتسبين، مقابل عمليات أمنية مكشوفة بالإعلام لغرض التصوير والفساد الإداري"
احتلال المدن
وحول المخاوف من تكرار سيناريو احتلال المدن، استبعد جاسم حنون، الخبير الأمني العراقي، تكرار أحداث يونيو/ حزيران 2014، لكون أن التنظيم فقد قدرته اللوجستية والعددية التي هيأت لذلك الأمر".
لكنه، حذر من اتساع الثغرات واستغلالها من قبل مسلحي داعش لتنفيذ عمليات اختطاف وابتزاز ، الغرض منها الترويج لقوتها وضرب السمعة الأمنية للقوات العراقية.
وتابع، قائلا: "المعركة الآن حرب استخبارية أكثر من كونها نشر قطعات عسكرية تستهلك جهود مئات العناصر الأمنية من أجل ملاحقة عناصر منفردة ".
ويرى الخبير الاستراتيجي والضابط العسكري المتقاعد ، أحمد الشريفي، أن معالجة التشققات الأمنية يجب أن تسبقه عمليات صيانة على مستوى الأمن الداخلي من خلال السيطرة على السلاح المنفلت وتطويق المليشيات المسلحة بالعراق.
وعلل ذلك، قائلاً إن "الخروقات ونجاح خطط داعش هو انعكاس لخطأ بمؤسسات البلاد ومنها الأمنية جراء إجهاد الدولة العراقية في حرب المليشيات وتبعثر قرارها بين زعماء الأحزاب الفاسدة.