سوريا.. مقبرة رؤوس "داعش"
لم تكن الألقاب والعقيدة المتطرفة وحدها ما جمعهم، بل وضعتهم النهايات أيضا في جغرافيا واحدة فكانت سوريا مقبرتهم.
إنهم رؤوس "داعش" الإرهابي.. فمن أبو بكر البغدادي إلى أبي إبراهيم القرشي مرورا بأبي الحسن القرشي وصولا إلى أبي الحسين القرشي، تهاوت الخلافة المزعومة من رأسها وحتى أخمص جسدها.
وأمس الخميس، أكد تنظيم "داعش" مقتل زعيمه "أبو الحسين الحسيني القرشي"، معلنا عن تعيين "أبو حفص الهاشمي القرشي" خلفا له.
وقال التنظيم على لسان المتحدث باسمه أبو حذيفة الأنصاري، إن "أبو الحسين قتل في اشتباكات مباشرة" مع هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة.
أربعة رؤوس لداعش تسقط منذ عام 2019 وحتى 2023، في مناطق متفرقة بسوريا، ما يثير علامات استفهام حول الجغرافيا المميتة للتنظيم المتطرف.
يقول ماهر فرغلي الكاتب والباحث في الجماعات المتطرفة والإرهابية العالمية، إن "داعش تمركز في سوريا أكثر منه في العراق، ومقتل قادته هناك منطقيًا".
لكن فرغلي يرى في حديثه مع "العين الإخبارية" أن بقاء قادة داعش في سوريا "معنوي أكثر منه تكتيكي".
ويضيف "بداية وميلاد تنظيم داعش كانت في العراق، لكنه مرّ بتحولات مختلفة، بدأت بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ثم مجلس شورى المجاهدين، ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما عُرف اختصارا بداعش".
وتابع "عندما قرر قادة التنظيم التمركز أكثر في سوريا، رأوا أن تكون الزعامة من العراق وأن يكون مقر الخلافة سوريا".
نهجٌ برره الباحث في الجماعات الإرهابية بأن "البيئة الاجتماعية والدينية والسياسية في العراق لم تكن تسمح باستقرار التنظيم ولا تمدده، لذا اختاروا الرقة عاصمة لخلافتهم المزعومة لتوسطها بين البلدين".
بالإضافة إلى "حالة الاقتتال في سوريا بين فصائل متعددة ومتنوعة ومختلفة، جعلت من تلك الجغرافيا بيئة صالحة لاختباء قادة التنظيم حتى بعد سقوط الخلافة المزعومة، ولهذا السبب يعيش قادة التنظيم في سوريا وفيها يموتون أيضا "
الخيانة والوشاية
وكان البغدادي قد قُتل في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بمحافظة إدلب السورية، تلاه أبو إبراهيم القرشي في فبراير/ شباط 2022 في المحافظة نفسها، ومن ثم أبو الحسن القرشي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وصولا إلى أبو الحسين القرشي، العام الجاري.
وحول سبب تكرار استهداف قادة داعش في إدلب، يرى فرغلي أن "قادة داعش لا يزالون يسيطرون على بعض القرى ولا يدخلها غيرهم"، مرجحا أن "قتل رؤوس التنظيم يتم في لحظات الترحال أو الانتقال من مكان لآخر".
ويشير في هذا الصدد إلى أن "الخيانة داخل التنظيم قد تكون أيضا سببا في تتبع هؤلاء"، موضحا أن "إدلب منطقة شمالية غربية، وقريبة من الحدود مع تركيا، ومن المحتمل أنهم لم يعتقدوا أن أحدا سيراقب تلك المنطقة".
وفيما يتعلق بتأخر إعلان داعش عن زعيمه الجديد، فسّر الباحث في الجماعات الإرهابية ماهر فرغلي، الأمر، بأنه "يعود لصعوبات يمر بها التنظيم لا تقتصر فقط على تسمية من يخلف القائد، بل الترتيبات الأمنية للزعيم الجديد واختيار التوقيت المناسب وتوفير الملاذ الآمن له".
ومهما تعددت الأسماء، يؤكد فرغلي أنه "لا مستقبل للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش".
لكنه في الوقت نفسه حذر من استمرار داعش، رغم فقدانه قدراته القتالية في المركز، والأراضي التي كان يسيطر عليها سواء في سوريا أو العراق.
"فالتنظيم ما يزال يملك قدرات قتالية وتنظيمية في الأطراف، مثل شرق أفريقيا وغربها، ومتواجد بقوة في دول الساحل والصحراء، بل في أفغانستان واليمن" بحسب الباحث نفسه.
وكان تنظيم داعش قد مُني بهزيمة كبيرة بعد سيطرته على مساحات شاسعة في سوريا والعراق عام 2014، حتى انهيار "الخلافة" المزعومة في ظل الهجمات التي تلاحق التنظيم.
وفي ذلك العام، شن التحالف الدولي لمكافحة داعش، حربا ضد التنظيم، سرعان ما حققت إنجازات في زاوية الأهداف من جهة والآلية المتبعة من جهة أخرى لاسيما استراتيجية "الضرب من السماء".
aXA6IDMuMTM3LjE3My45OCA= جزيرة ام اند امز