بالإنفوجراف.. داعش يخسر الأرض والفضاء الإلكتروني
في كل معركة ميدانية يخسرها تنظيم داعش الإرهابي، يفقد التنظيم عددا من حساباته الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي.
في كل معركة ميدانية يخسرها تنظيم داعش الإرهابي، ويطرد مقاتليه لـ"خارج المدن السورية والليبية والعراقية"، يفقد التنظيم عدداً من حساباته الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتراجع عدد المتابعين لهذه الحسابات المتطرفة في مواقع "تليجرام"، و"تويتر"، و"فيسبوك"، لتصبح خسارة التنظيم الإرهابي ليست فقط على أرض الواقع، إنما تمتد إلى هزائم متتالية في الفضاء الإلكتروني.
وخلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2015 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016، توالت الضربات الإلكترونية الموجهة ضد داعش، حتى بدأ التنظيم التفكير في الخروج من هذا الحصار الإلكتروني بتطوير منصة إعلامية جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، دون الإعلان عن نوع المنصة التي يلجأ إليها التنظيم.
ووفقاً لوكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن المنصة الجديدة على شبكة الإنترنت تم الكشف عن تفصيلها خلال 48 ساعة فقط، ما يشير إلى استراتيجية أمنية جديدة متبعة من قبل الدول الأوروبية لتتبع خطوات مقاتلي داعش.
مواقع التواصل الاجتماعي لداعش.. من الترويج إلى التراجع
ومنذ ظهور التنظيم الإرهابي، اعتمد بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترويج وتجنيد المقاتلين، وفي سبتمبر/أيلول 2014، أسس داعش مجموعة حسابات إلكترونية عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، لتبلغ أعداد الحسابات التابعة للتنظيم إلى أكثر من 300 ألف حساب داعشي، وصنف أكثر من 46 ألف حساب مؤيد بشكل علني للتنظيم، بينما تواجد أكثر من 166 ألف حساب على تويتر مؤيداً بشكل سري للتنظيم، فضلاً عن وجود آلاف الحسابات مجهولي الهوية داعمين لأفكار التنظيم.
وخلال هذه الفترة زادت وتيرة التدوينات لتصل إلى 7.3 تغريدة معدل التغريدات لجميع الحسابات، وقدرت أعداد التغريدات لكل حساب بمعدل 2219 تغريدة للحساب الواحد، وتراوح أعداد المتابعين لكل حساب من 1004-1500 متابع، وفقاً لما ذكرته دراسة سابقة من معهد "بروكنجز" الأمريكي.
وأشارت الدراسة نفسها إلى طبيعة الأجهزة الإلكترونية المستخدمة لإدارة هذه الحسابات من قبل المنتمين لداعش، تباينت بين 69% مستخدم للهواتف التي تعمل بنظام أندرويد، و30% مستخدم للهواتف التي تعمل بنظام "آي أو إس"، و1% لهواتف "بلاكبيري"، بالإضافة إلى أن اللغة العربية كانت اللغة الأكثر استخداماً في إدارة حسابات تويتر بنسبة 73%، و18% من الحسابات باللغة الإنجليزية، و6% من الحسابات باللغة الفرنسية.
واستغل داعش منصة تويتر لنشر الصور والبيانات التي تروج لقوتها العسكرية المزعمة وتقدمها خلال عام 2014، وبسط سيطرتها على أهم المدن العراقية بالموصل وأربيل، ونشر تواجدهم بالمدن السورية في تدمر والرقة، مستخدماً الحسابات المؤيدية له نشر أماكن وأعداد العمليات الانتحارية التي نفذت، وصور للحظات دخولهم المدن وأعمالهم الإجرامية بحق المدنيين ورفع لافتات إرهابية متطرفة تبث الفكر المتطرف بين مستخدمي الموقع، مردداً عبارات ومروجاً لهاشتاقات "بغداد تتحرر" و"العراق يتحرر".
ولم يكتفِ التنظيم بمنصة إلكترونية واحدة، ولجأ إلى مواقع "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تليجرام" من أجل نشر فيديوهات ومواد متطرفة، وأًصبح تليجرام.. تطبيق التواصل الفوري هو منصة رئيسية لداعش لبث أخباره وفيديوهاته.
وأسس التنظيم أكثر من 78 قناة عبر تليجرام، ونشر عبرها مسؤوليته عن هجمات مسرح الباتلاكان واستاد باريس الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بالإضافة إلى حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء جنوب مصر، التي وقعت في الشهر نفسه.
واستمرت محاولات داعش للانتشار إلكترونياً، بتأسيس موقع "خلاف بوك" بـ7 لغات، شبيه لموقع فيسبوك، إضافة إلى وكالة "أعماق" ومجلة "دابق" الناطقة باللغة الإنجليزية، لإيصال رسائله المتطرفة والإعلان عن مسؤوليته عن الهجمات الإرهابية.
وخلال عامي 2015-2016 توالت الضربات الإلكترونية ضد داعش، لتقوم أجهزة الاستخبارات الدولية بغلق أكثر من 235 ألف حساب على تويتر، مع رصد أكثر من 2000 تدوينة على أكثر من 52 منصة إلكترونية، وأغلق 70 قناة لداعش على تليجرام كانت تبث بـ12 لغة مختلفة، بالإضافة لتراجع أعداد المتابعين لـ300 متابع للحساب الواحد.
هزائم على الأرض وبالفضاء الإلكتروني
وحول أسباب الهزائم المتتالية للتنظيم إلكترونياً، قال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، “إن هناك أسبابا عديدة أسهمت في تراجع التنظيم وخسارته لعدة مواقع وحسابات إلكترونية، خاصة أن التنظيم في الوقت الحالي ليس في فصل استقرار أو مرحلة ترويج إعلامي".
وأرجع عكاشة في تصريحات لـ"بوابة العين" الإخبارية، هزائم داعش في الفضاء الإلكتروني إلى هزيمته على أرض الواقع في معركة سرت الليبية، وتكبد خسائر في معركة الموصل المستمرة التي أوشكت على الانتهاء لصالح القوات العراقية، فضلاً عن اقتراب موعد معركة الرقة السورية، مشيراً إلى أن التنظيم فقد قدرته على الاستقرار في أماكن ثابتة لإدارة أنشطة الدعاية والترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع زيادة عملية الضغوط على عناصره المقاتلة في العراق وسوريا.
وربط مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، بين فشل داعش في استكمال المعارك ضد القوات العراقية بالموصل، وتخوف عناصره من الدخول في معركة الرقة، ومحاولاته الحالية لإعادة ترتيب أوضاعه بسوريا، متمثلة في إجراءات نقل القوات من الرقة إلى دير الزور، والفشل الإلكتروني في بث النشرات والأخبار والترويج لفكر التنظيم المتطرف بفيديوهات وصور كما كان معتاداً خلال عامي 2014 و2015.
وأوضح العميد خالد عكاشة، أن التحركات الدولية الحالية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتواجد أغلب الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن مساندة بعض الدول الأوروبية وأجهزتها الاستخبارية في عملية ملاحقة داعش، وتشديد الرقابة الإلكترونية على الحسابات التي تبث محتوى عنف أو يكرس لفكر متطرف، بإغلاق هذه الحسابات وتتبع أصحابها ضمن إجراءات صارمة، أسهم في تضييق مساحة داعش بالفضاء الإلكتروني.
مخاوف إعادة إنتاج مصادر الترويج
تراجع كبير في صفوف مقاتلي داعش الحاليين خلال المعارك في سوريا والعراق، لمساندة قوات التحالف الدولي للقوات العراقية والفرق المشاركة في حربها ضدها داعش، وفشل التنظيم في استقطاب مقاتلين جدد لتشديد الرقابة الأمنية على حسابات التنظيم، يزيد على داعش تضييق الخناق والانتشار بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الوقت الحالي ليس مرحلة تجنيد واستقطاب المقاتلين، حسب رؤية الخبير الأمني خالد عكاشة.
وفي الوقت نفسه، أكد عكاشة أن داعش لا يزال موجوداً على شبكة الإنترنت رغم إغلاق آلاف الحسابات، وأن منتجها الإعلامي قائم من خلال وكالة إعماق ومجلة دابق، محذراً من محاولاتها للعودة وإعادة إنتاج الحسابات عبر التواصل الاجتماعي من جديد.
ونوه أن طبيعة داعش تجعله يستغل أية مرحلة من مراحل المعركة، واستغلال الموقف لنشر تطرفها من جديد، وأنه في حال وصول لأماكن استقرار وإعادة بناء التنظيم من جديد يزيد من فرص عودة النشاط الإعلامي وإمكانية تجنيد الشباب ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" و"تليجرام"، بهدف نقل الأخبار والترويج وبث الخوف والهلع بين شعوب العالم، مؤكداً أن الكيانات الإرهابية لا تتخلى عن أسلحتها بسهولة، فمواقع التواصل الاجتماعي كان سلاحا استراتيجيا لـ داعش منذ ظهوره في يونيو/حزيران 2014.