ألغام وأنفاق "داعشية" في الطريق إلى الموصل
التنظيم الإرهابي لجأ إلى استخدام طرق مختلفة لمنع تقدم القوات العراقية والكردية صوب الموصل... تعرف عليها.
حاول لملمة ما تبقى من تذكارات عالقة على جدران منزله المُهدم إثر ضربة جوية لقوات التحالف الداعمة للقوات العراقية والبشمركة في حربهما لتحرير الموصل من تنظيم داعش.
عاد بصحبة القوات البرية بعد تحرير قرية الشيخ عامر القريبة من الموصل، ممنياً النفس بالعودة لديار سلبها منه التنظيم الإرهابي ودفعته طبول الحرب إلى هجرها خوفاً على حياته.
لم يكن القدر رحيماً بـ"عباس أحمد حسين"، فلم تستمر فرحته بالعودة لدياره التي خطط لإعادة بنائها حتى وجد نفقاً عميقاً مفخخاً يستقر أسفل منزله ويمتد لعدة منازل مجاورة بالقرية، وعلى مقربة منه يوجد لغم أرضي مضاد للأفراد مدفون جزئياً في طريق ترابي، ليكشف في شهادته التي رواها لوسائل الإعلام عن تكتيك داعشي قد يهدد تقدم القوات البرية العراقية والبشمركة، بسبب الأنفاق والألغام الأرضية التي يعتقد خبراء أنها منتشرة بالموصل، ولا يعلم خريطة انتشارها سوى أفراد التنظيم.
شهاد "حسين" وثقتها إريكا سولومن من صحيفة الفايننشال تايمز، التي رصدت أنفاقاً يستخدمها التنظيم في التراجع حال الهجوم عليه.
وتنقل الكاتبة عن الرائد محمد كريم من قوات البشمركة المشاركة في معركة تحرير الموصل قوله: "عادة ندفن الجثث على الفور، لكننا نعتقد أن أحد هذه الجثث (في إشارة لجثت لمسلحي تنظيم داعش) بها حزام ناسف، لذلك لا نقدر على لمسها أو الاقتراب منها".
ترى الكاتبة وفق حوارها مع عدد من شهود العيان ومحللين، أن التنظيم الإرهابي يملك شبكة كبيرة من الأنفاق مجهزة للاستخدام كدرع يتحصن به حال الهجوم عليه، وتقول إن أفراد التنظيم يشكلون خطراً حتى بعد وفاتهم بسبب السترات الناسفة التي يرتديها بعضهم.
وتتقدم القوات الكردية من الشرق بينما تتقدم قوات الجيش العراقي من الجنوب، وتنضم إليهما مجموعات طائفية أخرى لتحرير المدينة التي يسكنها نحو 1.5 مليون نسمة.
ورغم انسحاب مسلحي التنظيم خلال هجوم القوات العراقية والبشمركة لكن حجم الدمار الذي خلفوه من ورائهم، بما في ذلك الألغام والأنفاق السرية تمثل تهديداً قاتلا ينتظر القوات العراقية.
تقول الكاتبة إن الرائد محمد كريم عرض عليها ألغاماً أرضية تم العثور عليها مدفونة في الأرض في قرية بدنة الصغرى، وأشلاء لاثنين من مسلحي التنظيم اللذين فشلا في تفجير أنفسيهما قبل أن تجهز عليهما طائرة من طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، حسب قول الصحيفة.
حالة "حسين" لم تكن الأولى، فحين بدأ السكان العودة إلى القرية الواقعة على الطريق إلى الموصل التي استعادها من قبل قوات البيشمركة الكردية في الأيام الأولى من أكبر هجوم يشن ضد تنظيم الدولة داعش، وجد الأهالي القرية مليئة بالمتفجرات والتحصينات المحكمة تحت الأرض.
التنظيم دمر العديد من المنازل قبل أن ينسحب من قرية "عامر" وكان من بينها منزل " حسين"، وهو ساكن عمره 36 عاما هرب من القرية عندما استولى عليها مسلحو تنظيم داعش في 2014، وعاد حسين لتفقد الدمار مستقلا شاحنة صغيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لكنه لم يجد شيئا ينتشله وسط الأنقاض.
وقال "أنفقت كل مالي لبناء هذا المنزل وداعش دمرته".
الخبراء العسكريون وقيادات الجيش العراقي والكردي، يرون أن التحصينات الملغومة التي توجد أسفل هذه القرية تجعل التقدم فيها أمراً غير يسير.
وتقول الأمم المتحدة، إنه في أسوأ الأحوال قد تتسبب حملة الموصل في نزوح مليون شخص، مما يتطلب مساعدات طارئة للسكن والغذاء. وحذرت من أن نحو 100 ألف شخص قد يصلون إلى سوريا من منطقة الموصل.
لكن ما زال أغلب سكان المنطقة يقولون إنهم ينتظرون انتهاء القتال للعودة إلى ديارهم.
ماثيو هينمن، من مركز جينز لدراسات الإرهاب والتمرد، قال لصحيفة "ديلي تليجراف" إن قوات التنظيم لديها خبرة عالية في حرب العصابات بعد خوضهم معارك في الفلوجة والرمادي وتكريت. كما أنهم أعدوا الكثير من المواقع الدفاعية وشبكة من الخنادق التي يصل عمقها إلى 4 أمتار.
ويقول هاينمن "لا بد أن التنظيم قد أعد تشكيلا للبقاء وإثارة الاضطرابات الأمنية إذا تم السيطرة على المدينة".
لم تقتصر الوسائل الدفاعية للتنظيم الإرهابي عند الأنفاق والألغام، إذ روى العديد من شهود العيان عن استخدام التنظيم لعدد من المدنيين كدروع بشرية.
ولا يبدو أسلوب الأنفاق الملغومة جديداً على التنظيم، إذ استخدمها لمواجهة عمليات "البنيان المرصوص" أثناء تحرير مدينة سرت الليبية.
فالمنازل التي هجرها مقاتلو داعش كشفت عن أنفاق ومخابئ حفرها التنظيم للحماية من الضربات الجوية، إلى جانب استخدام الأجهزة المنزلية وتلغيمها.
وعثرت قيادة عمليات البنيان المرصوص على أنفاق ملغمة ومستشفى ميداني متحرك داخل أحد المنازل تركها عناصر التنظيم، وظهرت على جدران المنازل خطط وتكتيكات وضعها داعش للهروب والاختباء في حالة وقوع ضربات جوية.
وتستمر القوات العراقية مدعومة من قوات البشمركة الكردية ليومها التاسع في عملياتهما العسكرية تمهيداً للدخول إلى مدينة الموصل لتحريرها من قبضة التنظيم الإرهابي الذي سيطر عليها منتصف 2014 وتعتبر واحدة من أهم معاقله في العراق.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA==
جزيرة ام اند امز