مصير مجهول لداعش.. صراع دموي محتمل على خلافة البغدادي
مراقبون رجحوا أن يدخل التنظيم الإرهابي في صراع دموي بين قياداته مع العرب والأجانب بسبب الخلافة.
أثار إعلان مقتل زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي في عملية أعلن عنها الرئيس الأمريكي ترامب الكثير من التساؤلات حول مستقبل التنظيم الإرهابي عقب مقتل زعيمه.
تكهنات مختلفة بشأن مصير فلول التنظيم الذي تم القضاء عليه بشكل كبير في العراق وسوريا، بعضها يؤكد نهاية داعش إلى غير رجعة، وأخرى تتوقع مزيدا من النزاع والقتال الداخلي بين عناصره على خلافة البغدادي.
- ترامب يكشف عن تفاصيل مقتل البغدادي.. ساعتان و8 مروحيات
- إعلام فرنسي: مقتل البغدادي خلاص للعالم من كابوس
ورجح مراقبون أن يشعل موت البغدادي صراعًا دمويًا بين قيادات التنظيم على منصب "الخليفة"، خاصة بين العرب والأجانب من بقايا التنظيم، خاصة أن الخلافات قد بدأت منذ فترة طويلة قبل تصفية البغدادي.
وقال مستشار المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، عماد علو، إن التنظيم مقبل على صراع دموي بين جناحي العراقيين والأجانب لزعامة التنظيم.
وأشار "علو" إلى أن الصراع بين عناصر التنظيم من داخل العراق والأجانب المعروفين بالأنصار سيكون دمويا؛ لافتا إلى أن صعود قيادات من الجيل الرابع لحكم التنظيم سيكون له تداعيات خطيرة وسيولد تنظيما إرهابيا أكثر دموية من داعش.
ويرى مستشار المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب أن "عبدالله قرداش" وهو عراقي من الموصل من المرجح أن يتولى منصب زعيم التنظيم الإرهابي كون البغدادي سماه راعيًا لمصالح التنظيم قبل ثلاثة أشهر.
وكشف "علو" أن خلية الصقور والاستخبارات العسكرية كانت ترصد باستمرار تحركات زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي، وقد وجهت قبل عام ضربة جوية عبر المقاتلات العراقية على الحدود السورية العراقية أدت إلى مقتل 40 قياديا في التنظيم وإصابة البغدادي بجروح أدت إلى شلله.
وحول السيناريوهات المتعلقة بمصير فلول التنظيم يقول عمرو فاروق الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب إن 3 سيناريوهات أمام التنظيم الإرهابي ما بعد مقتل البغدادي، أولها تمكن خليفته، "أبوعمر قرداش"، الذي كان ضابطًا في الجيش العراقي، من إعادة بناء التنظيم اعتمادا على امتداده بمناطق خارج سوريا والعراق وأهمها آسيا وأفريقيا.
ويرى "فاروق" في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن السيناريو الثاني الذي ينتظر التنظيم وهو الأقرب للحدوث أن يتحول أفراده في مختلف الجبهات إلى خلايا عنقودية تعمل وفق أيديولوجيا موحدة لاستهداف الدول.
أما السيناريو الثالث يتمثل في تحلل التنظيم وتفككه، وتحوله إلى مجموعة من الكيانات المنفصلة عن بعضها والتي يسهل ضربها أمنيا وعسكريًا حتى تتلاشى نهائيًا.
مصدر أمني مسؤول بوزارة الداخلية العراقية صرح بأن التنظيم الإرهابي اختار "عبدالله قرداش" والملقب بـ"أبي عمر" التركماني كخليفة لأبوبكر البغدادي، منذ فترة ليست قصيرة وبدعم من البغدادي وتزكية منه مباشرة، وحظي هذا الترشيح بموافقة كل أعضاء مجلس شورى التنظيم.
واعتبر المسؤول العراقي، أن المرحلة المقبلة من الحرب على تنظيم داعش لن تكون سهلة بمقتل البغدادي، لأن قرداش أسوأ من البغدادي وأشرس ويملك نفوذًا قويًا داخل أجزاء واسعة من هيكل التنظيم.
ورغم الهزائم المتكررة التي لحقت بالتنظيم الإرهابي على مدار السنوات الماضية فإن التقارير الأمنية تؤكد أنه لا يزال يشكل خطرا لا يستهان به على أمن واستقرار المنطقة.
وصرح أبوعلي البصري، مدير عام الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية العراقية، نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، بأن قواته قتلت 3500 من عناصر "داعش".
لكن هذا الرقم الذي قد يبدو كبيرا، فإنه لا يقارن بعدد عناصر التنظيم النشطين في سوريا والعراق والذي يقدر بنحو 18 ألف عنصر حسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وتمتلك قيادة التنظيم ثروة تقدر بـ400 مليون دولار، يستخدم الجزء الأكبر منها في تنفيذ أنشطة وهجمات إرهابية.
ونشرت الأمم المتحدة دراسة في يونيو/حزيران من هذا العام، أشارت فيها إلى أن هيكلة تنظيم داعش تتغير وتتكيف داخل سوريا والعراق.
وأوضحت الدراسة أن المكان الأساسي لتجنيد عناصر جديدة، هو السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا، لأن الظروف الصعبة في تلك المعتقلات مناسبة للحفاظ على أيديولوجية التنظيم حية بين المعتقلين من عناصره وتجنيد آخرين.
وخلال عام 2019 فقط، نفذ التنظيم ما يزيد على 139 هجوما في محافظات شمالي وغربي العراق، قتل خلالها 274 شخصا بينهم 170 من عناصر الشرطة. وفي تحد منه للسلطات واستعراض لوحشيته قام تنظيم "داعش" بتوثيق قطعه رأس شرطي في مدينة السمارة.
وبينما يتفق البعض على أن مقتل البغدادي من غير المحتمل أن يمثل ضربة موجعة للتنظيم بعدما فقد كثيراً من عناصر قوته وأصبح مشتتاً وقليل الحيلة، إلا أن نهاية البغدادي تُغلق فصلاً حاسماً من انهيار دولة ما تُسمى "الخلافة" التي أطلقها البغدادي نفسه في خطاب طويل عقب استيلاء داعش على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق في يونيو/حزيران 2014 وتمكنه بعدها من جلب نحو 40 ألف أجنبي من حول العالم بعدما دعا إلى ما وصفه بالجهاد انطلاقاً من دولة الخلافة.
ويقول "جيه بيرغر" مؤلف كتاب "داعش.. دولة الرعب والإرهاب"، إن مقتل البغدادي يطرح سؤالاً عن مصير هوية التنظيم في المستقبل، وهل سيتبنى من سيخلف البغدادي على رأس التنظيم عباءة الخلافة، أم أن استراتيجية الخلافة ستموت مع موت البغدادي؟
ويرى "بيرغر" أن "مقتل البغدادي سيفقد التنظيم عدداً من المهارات التي تميز بها ومنها قدرته على لم شمل عناصر التنظيم من العراقيين والسوريين والأجانب وقدرته على الخطابة ودراسته العلوم الدينية وحصوله على الماجستير والدكتوراه، ما مكنه من تحدي القيادات الكبيرة في تنظيم القاعدة في بداية تشكيل تنظيم داعش ورفضه الانصياع لأوامر أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة العالمي."
وتشير التقارير إلى أن الظروف التي أسهمت في ظهور البغدادي لم تعد قائمة وحالة الفراغ الأمني التي ساعدت تنظيم داعش في العراق وسوريا ليست كما كانت على الرغم من عدم استقرارها.
كذلك فإن وجود التحالف الدولي والقوات الأمريكية في شرق سوريا والقوات الروسية في غربها سيجعل أي استيلاء من قبل داعش على أراض جديدة محفوفاً بالمخاطر وقصير الأجل، والدليل على ذلك أن البغدادي ظل هارباً لأشهر عدة، ولم يتمكن سوى من بث رسالة صوتية سجلها قبل نحو شهر، حضّ فيها أتباعه على المثابرة وشن هجمات على القوات الأمنية ومحاولة اقتحام السجون التي فيها عناصر التنظيم.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA=
جزيرة ام اند امز