بـ"الخطف" والأموال.. داعش يجند أطفال الفلبين
شهادة أحد الأطفال الذين تم تجنيدهم لصالح تنظيم ماوتي التابع لداعش الإرهابي تكشف عن حقيقة استغلال الإرهابيين للأطفال في مناطق القتال.
مع استمرار المعارك في مدينة ماراوي الفلبينية وتقهقر مواقع تنظيم داعش على يد الجيش الفلبيني والقوات الخاصة، يلجأ التنظيم الإرهابي إلى أكثر وسائله المهدرة لحقوق الإنسان، وهي استعمال الأطفال لخوض المعارك أو بمعنى آخر "الجنود الأطفال".
- الفلبين تعتقل الممول الرئيسي للجماعة الإرهابية في ماراوي
- الجيش الفلبيني يحرر مدرسة في جنوب البلاد من قبضة داعش
وظهر تجنيد الأطفال وإرغامهم على القتال منذ سنوات عديدة في إفريقيا الوسطى بسبب النزاعات الأهلية والقبلية هناك، إلا أن تنظيم داعش الإرهابي قام بتطوير هذا المفهوم إلى بعد أكثر قسوة، حيث أشارت عدة تقارير للأمم المتحدة حول استعمال داعش للأطفال في كل من العراق وسوريا لإحلالهم مكان من سقطوا من مقاتليه لمواصلة فرض سيطرتهم على سكان تلك المناطق.
ويقوم التنظيم الإرهابي بعمل مدارس خاصة يتم فيها تجريد هؤلاء الأطفال من الإنسانية، حيث تم جلب معظمهم بالقوة من عائلاتهم إما بالخطف أو التهديد بقتل العائلة بأسرها، ثم يقوم بعض من المقاتلين المخضرمين التابعين للتنظيم بممارسة كافة الضغوط النفسية والجسدية لتحويلهم إلى آلات قتل دون رحمة.
إلا أن عدة تقارير أشارت إلى فشل هذا الأسلوب مع الكثير من الأطفال، الذين إما أن انتهى بهم الأمر بالهروب أو الموت في المعارك أو بأيدي الإرهابيين أنفسهم.
وفي الفلبين، وفي خضم المعارك الشرسة للسيطرة على ماراوي، يقوم التنظيم بانتهاج طريقة مختلفة عما قام به في كل من سوريا والعراق، حيث يبحث عن الأطفال اليتامى أو ممن يعيشون مع عائلات في غاية الفقر لشرائهم منهم، لكن بدلا من أن يقوم بالترهيب كما حدث في الشرق الأوسط يتم إغراؤهم بالمال، حيث تصل بعض مرتبات هؤلاء الأطفال إلى ما يساوي 700 دولار أمريكي بالعملة المحلية إذا ما "أثبتوا جدارتهم في ساحات القتال"، حسب تقارير محلية للأمم المتحدة.
فيصل، وهو الاسم المستعار لأحد هؤلاء الأطفال الذي تم تجنيده من قبل التنظيم، يدلي بشهادته حول تجربته المروعة مع التنظيم الإرهابي في الفلبين، في حوار مع موقع "كوكونتس نيوز" الفلبيني.
ويقول إن التنظيم دائما ما يرصد القرى التي تعاني من الفقر المدقع في الفلبين، حيث يأتي بعض من مقاتلي التنظيم إلى تلك القرى ويطلبون منهم الانضمام إليهم بدعوى أن "الجيش قام بقتل النساء المسلمات".
ويتابع فيصل في شهادته أن مجموعة "ماوتي" التابعة لداعش هي من تقوم بعملية التجنيد، حيث يعطون الأموال للقرى في مقابل تجنيد الشباب والأطفال للقتال وعمل العمليات الإرهابية.
وتقوم مجموعة ماوتي بالعمل على تدريب هؤلاء الأطفال بالإضافة إلى تخصيص مرتبات لهم، ويقول فيصل إن داعش يقوم بإعطاء الأموال لهم حسب درجة الخبرة القتالية التي يتعلمونها في معسكرات التدريب تلك، حيث تبدأ المرتبات مما يعادل 50 دولارا بالعملة المحلية للأطفال الصغار وبمجرد وصولهم إلى القدرة على حمل السلاح تصل إلى 300 دولار بالعملة المحلية.
ويضيف فيصل أن التنظيم لا يعطي أموالا أكثر إلا لمن "أثبتوا كفاءتهم في القتال"، وذلك بالقيام إما بعملية إرهابية ناجحة أو إعدام أو قطع رأس أحد أفراد القوات الفلبينية، حيث قد تصل مكافأة هذه الأعمال إلى أكثر من 700 دولار بالعملة المحلية.
ويقول فيصل إنه في حال الفشل سيقوم التنظيم بقتل من أخفق في العملية على الفور.
ويتابع الطفل شهادته حول الأسابيع الأولى لحصار مدينة ماراوي، حيث كان جزءا من المجموعة المخصصة لجلب الذخيرة للمقاتلين تحت قيادة عثمان ماوتي، ابن عم عبدالله ماوتي مؤسس تنظيم "ماوتي" الإرهابي في الفلبين خلال تلك الفترة، حيث قامت تلك المجموعة بتخزين آلاف الرصاصات في منازل مختلفة من المدينة، وذلك قبل أشهر من بداية القتال الذي اندلع في 23 مايو من العام الجاري.
وقال إن أقل من 10 أشخاص من المجموعة الأساسية لماوتي دخلت المدينة في يوم اندلاع الاشتباكات، إلا أن العدد تزايد بشكل كبير بضخ العديد من الأطفال إلى تلك المعركة، إضافة إلى السجناء الذين هربهم التنظيم من مراكز الاحتجاز المحلية خلال اندلاع القتال في المدينة.
وأبدى فيصل ندمه الشديد بالانضمام إلى تلك المجموعة مقابل المال، حيث هاله ما رأى من دمار وخراب حل ببلدته، بالإضافة إلى مقتل عدد كبير من أفراد عائلته وأصدقائه، وقال "إنني نادم أني لم أحذر عمدة ماراوي بقدوم المجموعة الإرهابية إلى المدينة، لقد سمعت في بيجاباو (المنطقة التي تم تدريب الأطفال فيها من قبل التنظيم) أن القتال سيندلع في المدينة، إلا أنني اعتقدت أن الأمر مجرد مزحة ولم أقل لأحد".
وتشير دراسة -قامت بها إحدى المجموعات المحلية التي تحارب استغلال الأطفال من قبل الإرهابيين في الفلبين، التي تدعى "التعليم من أجل السلام"- إلى أن الأطفال هم أكثر الفئات عرضة للتطرف والتأثير من قبل المجرمين والعصابات والجماعات المتشددة.
وتقول رئيسة المجموعة التي أصدرت التقرير، باي روهانيزا عثمان، إن مناطق تجمع قرى المسلمين الفقيرة في مناطق مثل مندناو جنوب الفلبين هي الأكثر عرضة للاستغلال من قبل الجماعات الإرهابية والإجرامية، نظرا لارتفاع معدلات الفقر والبطالة بالإضافة إلى عدم حصولها على معونات بشكل ثابت من الحكومة المركزية في العاصمة الفلبينية مانيلا.
ولقي أكثر من 60 مسلحا و20 من أفراد الأمن و19 مدنيا مصرعهم منذ أن اجتاح مسلحو جماعة "ماوتي" مدينة ماراوي، وهي مدينة تقع على ضفاف البحيرة في وسط مقاطعة مينداناو، وهي مقاطعة شبه ذاتية الحكم وموطن لعدة فصائل متمردة.
aXA6IDE4LjIyNy43Mi4yNCA= جزيرة ام اند امز