مجزرة السويداء السورية.. استراتيجية بقايا داعش الجديدة
تذكرة تقشعر لها الأبدان بأن داعش أبعد ما يكون عن الموت، بعد شهور قليلة فقط من إعلان الرئيس الأمريكي أنه سيتم طرد الإرهابيين من سوريا.
اقتحم إرهابيو تنظيم داعش العديد من المنازل وقتلوا العائلات أثناء نومها، خلال اليومين الماضيين، قبل أن يشنوا سلسلة هجمات انتحارية تستهدف سوق خضراوات صاخبا ومناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في محافظة السويداء الجنوبية.
وبنهاية يوم الأربعاء الماضي، كان قد سقط ما يزيد على 250 شخصا، و180 مصابا في إحدى أبشع المجازر التي ارتكبها داعش.
وحسب تقرير نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية، يعتبر هذا الهجوم المروع تذكرة تقشعر لها الأبدان بأن داعش أبعد ما يكون عن الموت، بعد شهور قليلة فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيتم طرد الإرهابيين من سوريا.
ونقلت الشبكة عن فواز جرجس، مؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، قوله: "ما حدث خلال الـ48 ساعة الماضية يخبرنا الكثير عن استراتيجية بقايا داعش الجديدة.. دخول منزل وراء منزل وطعن المدنيين بهدف إثارة أكبر قدر من الضرر والترهيب".
وأضاف: "بالرغم من أن التنظيم تعرض للهزيمة عسكريا وعلى أرض المعركة، وخسر خلافته المزعومة، إلا أنه لا يزال هناك بضعة آلاف متبقية من أعضائه حول العالم يمكنهم تنفيذ هجمات دموية هائلة".
وخسر تنظيم داعش الإرهابي معظم الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا العام الماضي، بعد تعرضه إلى هجمات منفصلة من قوات النظام السوري المدعومة من روسيا، والقوات المدعومة من أمريكا.
لكن هجوم الأربعاء الماضي، الذي تميز بقدر من التعقيد لم ير من داعش منذ وقت طويل، يظهر أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدا بسبب الهجمات المنفصلة التي يخطط لها أعضاؤه المتبقون من مخابئهم.
وعلقت لينا خطيب، رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس البريطاني: "الوضع في جنوب سوريا أكثر توترا من أي وقت مضى، وفي هذه الأثناء يرغب داعش في أن يثبت أنه لا يزال مسيطرا".
ووفقا لمسؤولين محليين، جاء الإرهابيون الذين نفذوا هجمات الأربعاء من منطقة صحراوية على الحدود العراقية الأردنية، حيث فر العديد منهم في شهر مايو، بعد هجوم قوات النظام السوري على أحياء جنوبية في دمشق. فيما ذهب مقاتلون آخرون من داعش إلى الصحراء الشرقية بعد طرد النظام لهم من منطقة اليرموك.
ويعتقد سكان السويداء، ومعظمهم من الدروز، أن فرار أعضاء داعش إلى هذه المنطقة على وجه التحديد، جاء بتخطيط من النظام السوري لمعاقبة أهالي المنطقة، حيث رفض المجتمع الدرزي المشاركة في حملة النظام في الغوطة الشرقية.
وأضاف جرجس حول هذه النقطة أن التسبب في هذا النوع من الانقسامات يعد جزءا من هدف التنظيم الإرهابي، قائلا: "داعش لديه القدرة على استغلال فراغ السلطة وصب البنزين على التوترات العرقية والإقليمية، كما حدث في السويداء".
ويرى بعض المحللين أن هجوم داعش الأخير محاولة لإقصاء القوات السورية المدعومة من روسيا بعيدا عن المعركة الدائرة في اليرموك، وتخفيف الضغط على مقاتلي داعش الذين لا يزالون هناك.
وأخيرا قالت خطيب إن الرسالة البسيطة التي يريد أن يرسلها داعش من هذه الهجمة هي أنه "يمكن إضعاف داعش، لكن لا يمكن التخلص منه".
وأوضحت أنه من المحتمل أن يخسر داعش ما تبقى من أراضيه، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن يختفي جميع مقاتليه وأسلحته تماما من المنطقة.
وأضافت أن داعش ربما يستمر في تنفيذ هجمات جديدة كتلك التي في السويداء.